صدمة واقع التعليم وفضيحة الأرقام في تقرير اليونسكو ذ.أحمد اللويزة

صنف تقرير معهد “اليونسكو” للإحصائيات لسنة 2011 المغرب في مؤخرة دول العالم سواء المتقدم أو النامي أو الثالث؛ على مستويات مختلفة، ففيما يتعلق بنسبة التمدرس تقدمت دول عربية وإفريقية عن بلدنا الحبيب، فالمغرب في ذيل دول إفريقية مثل الموزمبيق وتانزانيا والبنين وأوغندا والكاميرون وزامبيا والطوغو، وتفوقت عليه في النسبة الصافية للالتحاق الأطفال بمرحلة التعليم الابتدائي، الذي لم يتجاوز فيه عتبة 10 في المائة، في حين حققت بعض الدول العربية نسبة المائة في المائة مثل تونس، متبوعة بكل من قطر 98 بالمائة، ومصر 97,5 في المائة، ثم الكويت ب97 في المائة وبعدها البحرين ب 93 في المائة.
والأرقام صادمة في كل المجلات التي تطرق إليها المعهد بالإحصاء، سواء فيما ذكر أو ما تعلق بمستوى الانتقال من الابتدائي إلى الإعدادي، أو الالتحاق بالثانوي أو في عدد الخرجين، أو في نسبة المقروئية؛ فدائما يقبع المغرب في الصف الأخير، خلف دول تعرف مشاكل اجتماعية وأمنية واقتصادية، حتى أن فلسطين المحتلة تقدمت على المغرب بأرقام مهمة رغم الاحتلال!
ما كنا نظن أن بلد الأوراش الكبرى والمشاريع العملاقة والوضعية المتقدمة مع الاتحاد الأوربي واتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية والمهرجانات العالمية سيتأخر في أي مجال، ناهيكم عن مجال التعليم الجهة التي ينبغي أن تولى عناية مادية ومعنوية فائقة لكن وقع الصدمة كبير بعد هذه الأرقام المخزية التي تناقلتها وسائل الإعلام.
أرقام تجعلنا نتساءل عن كل الضجيج الذي أحدثة القائمون على الشأن التعليمي، لاسيما بعد المخطط العشري لميثاق التربية والتكوين، وبعده المخطط الاستعجالي، وزوابع المناهج الجديدة كبرنامج بيداغوجيا الإدماج والتقويم، كل هذا لم يشكل للمتتبع إلا سرابا كان يحسبه ماء؛ فإذا هو واقع من الخيال يحطم كل الأحلام في تعليم جيد ومفيد، مبني على القيم والمعرفة.
من المسؤول عن كل الطاقات المهدورة، والأموال المرصودة، واللقاءات المتعددة باهظة الإنفاق، والتي ظهر بعد النتائج المخيبة للآمال أنها لم تكن سوى فولكلورا وجعجة طحين غير موجود.
منذ الاستقلال والمنظومة التعليمة تعرفا إصلاحا تلو إصلاح؛ ما بين مخطط ثنائي وثلاثي وخماسي، وما بين مناظرة وندوة وتصميم، لكن بعد كل حصيلة يكتشف أن المنظومة تحتاج إلى إصلاح، حتى جاء اليوم الذي وضع فيه ميثاق التربية والتكوين كتتويج لمسيرة الإصلاح، غير أنه ما من عام يأتي إلا والذي بعده شر منه؛ وظهر للقائمين على الشأن أن عشرية الميثاق سنواتها عجاف لا حصيلة تذكر؛ لا مستوى.. لا تقدم.. لا جودة.. فجاء المخطط الاستعجالي لكن هل يصلح العطار ما أفسد الدهر، وظهر أن الإصلاح يحتاج إلى إصلاح؛ في دوامة كحمار الطاحونة!!!
لماذا لم يقف نظام التعليم بالمغرب على قدمين راسختين ممتدتين في التاريخ؟
لماذا هو مشلول دائما، لا يقوى على الوقوف؟
لما لم تؤت نتائج ربع قرن وزيادة من التغيير والتبديل والإصلاح أكلها بل نتائج صادمة وتصنيف في مؤخرة الترتيب؟.
سيبقى الفشل هو الحقيقة الصادمة القائمة، وهذه الأرقام صادحة والواقع خير شاهد على أن تعليمنا في أسفل سافلين، ولن يغير من الحقيقة تصريح الوزير المعني بأن تعليمنا بخير وعلى مستوى من الجودة!!
فمثل هذه التصريحات هي التي تحول دون حركة تصحيحية صادقة، ولو لم يكن الأمر منذر بخطر عظيم لم يكن ليخصص عاهل البلاد حيزا مهما في خطابه يوم 20 غشت للحديث عن التعليم ووضع الخطوط العريضة للإصلاح، والتنبيه إلى ضرورة صرف بالغ الاهتمام لهذا القطاع الحيوي والحساس الذي صار هو المقياس لكل تقدم ورقي لدى الدول والشعوب.
لا بد من البحث في سر هذا الانتكاس، والنظر في مواطن الخلل، هل الوطنية الناقصة هي السبب؟
أم هي خدمة الأجندات الخارجية والولاء للمستعمر الذي ما خرج حتى اطمأن على مصالحه؛ ووضع سياسة تعليمية تروم مسخ الهوية في البلاد المستعمرة؟
هل الإصلاح هو رغبة وحاجة وطنية أم خضوع لضغوطات صندوق النقد الدولي والجهات المانحة والشركات المساهمة التي تفرض المناهج وتحدد المسار؟
هل هي رغبة لدى المتحكمين في عين القرار أن يبقى المجتمع جاهلا دون معرفة ولا أخلاق، حتى يبقى النفوذ نفوذ النخبة التي تتلقى تعليما خاصا يخضع لمقاييس الجودة والمردودية العالية؟
هل عدم الشعب المغربي متخصصين في مجال التربية والتعليم يضعون قطاره على السكة الصحيحة؟
لماذا نستورد المناهج؛ ونستورد من يشرح المناهج؛ ونستورد أيضا من يضع المناهج مقابل أموال طائلة؛ ونستفيق بعد ذلك كله على وقع الصدمة ونتجرع طعم الفضيحة، ويبقى السؤال مطروحا: ما السبيل لإصلاح التعليم في بلد منهك بالمشاكل؟ مشاكل لن تنتهي ما دام تعليمنا فاشلا معرفيا وأخلاقيا يعيش غمة كما وصفه الأستاذ ابريك أمزون. الذي جعل مداخل الإصلاح قائمة على ثلاثة أركان؛ المدخل السياسي والمدخل الحقوقي والمدخل التعليمي التربوي، لكن إذا لم يجمعها ناظم الوطنية الصادقة فلن نكون إلا كمن يحرث في البحر ويصب الماء في الرمل؛ أو كالتي نقضت غزلها من بعد قوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *