معاناة السوريين.. إلى متى؟

تنوعت أشكال معاناة السوريين وتعددت لتشمل جميع مستلزمات الحياة، المادية والمعنوية، فمنذ اثنين وعشرين شهرا تقريبا والمعاناة تزداد يوما بعد يوم، داخل سوريا وخارجها .
أما في الخارج، فاللاجئون السوريون على الحدود الأردنية في مخيم الزعتري يعانون من برد وقسوة الشتاء على أنفسهم وأولادهم، فلا خيام كافية تقي من الأمطار، ولا غطاء يجلب الدفء لهذه الأجساد الباردة، ناهيك عما يترتب على ذلك من مرض يتسلل إلى الصغار قبل الكبار.
لقد وصل عدد اللاجئين السوريين في المخيم إلى أكثر من 100.000 لاجئ، ومع تزايد الجهود التي تبذلها المملكة الأردنية إلا أنها لا تفي بجزء من المطلوب، فقد صرح الناطق الاعلامي باسم شؤون اللاجئين السوريين في الأردن السيد أنمار الحمود أن هناك مبادرات أسهمت في تخفيف معاناة اللاجئين السوريين بعض الشيء، منها مثلا تبرع شركة البوتاس العربية ب264 ألف دينار، كما تبرع مصنع الراجحي بعدد كبير من البطانيات، ولكنها جميعا مبادرات فردية لا تفي أبدا بالحاجات المتزايدة للاجئين.
أما اللاجئون السوريون في لبنان فقد قدر عددهم وفق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بنحو 133.000 لاجئ وقد يصل عددهم في الحقيقة مئتا ألف لاجئ وزيادة، يحتاجون للسكن والتطبيب والتعليم والعمل.
ورغم الجهود المبذولة من المنظمات الإنسانية إلا أنها لا تلبي الحاجات والمتطلبات، فقد أكد السيد زيد بكار الأمين العام لائتلاف الجمعيات في لبنان على تضافر جهود الجمعيات المنضوية تحت هذا الائتلاف، والتي بلغت 30 جمعية على مساعدة اللاجئين السوريين، إلا أنها وقفت عاجزة أمام تزايد الأعداد وتزايد حاجاتهم خاصة مع قدوم فصل الشتاء.
على الحدود السورية التركية، أقيم عدد كبير من المخيمات للاجئين السوريين، الذين وصلت أعدادهم لأكثر من 100.000 لاجئ، يعانون أيضا من قسوة البرد، وشظف العيش وقلة المؤن والمساعدات التي تعينهم على تكاليف الحياة، وزاد الأمر سوء الاعتداءات المتكررة من الجانب السوري عليهم.
وقد أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أن عدد اللاجئين السوريين الفارين من بلادهم سيصل إلى 700 ألف لاجئ حتى يناير 2013، وحذر الموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أن الدولة السورية مهددة بالانهيار، ودعا إلى بذل جهود دولية لحل الأزمة.
وتعتبر الأمم المتحدة أن هناك حاليا 460 ألف لاجئ سوري في دول مجاورة لسوريا وفي شمال إفريقيا، إضافة إلى 20 ألف آخرين في الدول الأوربية.
وللعلم فلعل سوريا هي البلد الوحيد الذي لم يقم خياما للاجئين إليه، لأن السوريين استقبلوا الفلسطينيين والعراقيين واللبنانيين في بيوتهم، وهذا دين في أعناق العرب والمسلمين، هذا آوان سداده.
أما في الداخل السوري فالمعاناة أشد وأقسى، فمع سماع دوي الانفجارات والطائرات، ومع الخوف الدائم من الاغتيالات أو الاعتقالات، يواجه السوريون في الداخل معاناة من نوع آخر، تتمثل في عدة أمور أبرزها:
1- تأمين رغيف الخبز الذي أصبح تأمينه من الصعوبة بمكان، فالمخابز قليلة جدا، وبعد الوقوف ساعات طويلة، فالغالب ألا يحالفك الحظ بالحصول على رغيف الخبز، فإذا ذهبت لتشتريه من السوق فالثمن باهظ جدا، وصل ثمن كيلو الخبز حسب التقارير إلى أكثر من 250 ليرة سورية في بعض المدن، أي ما يساوي تقريبا 3 دولارات.
2- انقطاع الكهرباء الدائم في بعض المدن، وبشكل شبه دائم في المدن الأخرى، والحياة بلا كهرباء حياة شديدة الصعوبة، خاصة في هذا العصر الذي أصبح كل شيء تقريبا يعتمد على الكهرباء، بل إن بعض الأمور الطبية قد يتسبب انقطاع الكهرباء فيها إلى فقدان الحياة، كما في بعض العمليات الجراحية.
3- فقدان الغاز بشكل شبه كامل في كثير من المدن السورية، حيث وصل سعر جرة الغاز إن وجدت، إلى أكثر من 3000 ليرة سورية، وهي مادة ضرورية في كل بيت كما نعلم.
4- فقدان مادة الديزل (المازوت) وهي مادة أساسية للتدفئة في البيوت في سوريا، وتدخل في كثير من الصناعات أيضا، وقد وصل سعر لتر المازوت إن وجد إلى أكثر من 200 ليرة سورية.
5- ارتفاع أسعار جميع السلع والمنتجات في سوريا ارتفاعا خياليا، بسبب تردي الأوضاع الأمنية، ومع توقف معظم السوريين عن العمل، أصبحت الحياة ولو بأدنى الحدود صعبة للغاية.
لقد سمع السوريون كثيرا عن اجتماعات كثيرة، ومؤتمرات تحمل أسماء براقة، ولكن الوضع لم يتغير، فالمتألم يريد أفعالا لا أقوالا.
وأمام كل هذا الواقع الأليم، يتساءل السوريون كل يوم:
إلى متى هذا الصمت العربي والإسلامي تجاه معاناتهم؟
ومتى ستتحرك الدول العربية والإسلامية بشكل فعلي لحل هذه الأزمة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *