أضحت مصر اليوم وربما أكثر من أي وقت مضى مسرحا للتدخلات الأجنبية السرية منها والعلنية على حد سواء، فلم يعد الاستقواء بالخارج جريمة يتستر بها صاحبها ولم يعد الاتصال بالسفارات الأجنبية واجتماع السفراء الغربيين مع من يسمون برموز العمل الوطني في مصر يتسم بالسرية أو الخفاء، ولم يعد أيضا السفر ولقاء أكابر المجرمين في خارج مصر في تلك المرحلة أيضا عملا مستنكرا بل يعلن به ويجاهر على وسائل الإعلام دون رادع.
فبالأمس القريب تجتمع السفيرة الأمريكية في القاهرة بقادة المعارضة “الوطنية” لبحث الشأن الداخلي المصري في مقر الحزب العلماني القديم حزب الوفد وتوبخ هؤلاء “القادة” -بحسب ما أفلت لسان أحد شهود الاجتماع في حديث متلفز على إحدى قنوات الفلول موجود على اليوتيوب- على قلة الحشود التي جمعوها لمواجهة الرئيس الشرعي المنتخب، فيعدوها ببذل المزيد من الجهود من أجل إسقاط النظام القائم.
وقبله ينطلق أحدهم وهو من ساهم بكل جهوده في تمكين الولايات المتحدة من حرب العراق أثناء عمله في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهو الدكتور محمد البرادعي وهو يذهب ليستعين بالغرب على التدخل في الشأن الداخلي المصري وذلك في أحاديثه المعلنة وتغريداته الدائمة على موقع تويتر؛ ليطلب فيها من أمريكا والاتحاد الأوروبي أن تتدخلا لإدانة سياسيات الرئيس محمد مرسى بسبب الإعلان الدستوري.
وغيره المدعو بالدكتور محمد أبو حامد الذي ذهب للقاء سمير جعجع المجرم اللبناني الذي قتل الآلاف من الفلسطينيين ليتدبر معه كيفية إحداث حالة من الحرب الأهلية والتحكم بها؛ وهو الشخص المتهم في عقيدته التي مالت كثيرا ناحية النصرانية نتيجة ولائه التام للملياردير النصراني نجيب ساويرس.
واليوم يترك أحدهم وهو حمدين صباحي القاهرة للذهاب إلى لبنان للسبب نفس؛ ولقاء نفس الشخص ليؤكد أنهم يخططون لحرب أهلية يجمعون فيها الأسلحة والتقنية لإيجاد حالة في مصر يصعب الخروج منها.
ويقوم النصارى بقيادة تواضروس البابا الجديد الذي بدا عهده بإشعال مصر وإدخاله للنصارى كطرف في العملية السياسية؛ ليقوم بنفس الدور الخائن الذي قاموا به في كل الأحداث التاريخية الخاصة بمصر؛ فيحشدون الحشود أمام قصر الاتحادية لاقتحامه ولإعلان مجلس رئاسي من داخله يعطيهم القدرة على التحكم في مصر وأهلها.
وعندما يقوم رجل النظام السابق عمرو موسى وزير خارجية مبارك بلقاء لم ينفه أحد مع الملياردير الصهيوني تسيبي ليفني؛ ليعود بعدها ويشعل الصراع في مصر؛ وينسحب من التأسيسية؛ ويرفض نصوصا سبق وطرحها هو على اللجنة التأسيسية، ليؤكد للجميع أنه عاد بتكليفات مخالفة لما أعلن عنه من قبل.
وظهرت بوادر التدخل الأجنبي في حديث أدلى به السيناتور الجمهوري الأمريكي جون ماكين المرشح الخاسر في الانتخابات الأمريكية الذي انتقد فيه الإعلان الدستوري الجديد بمصر ووصفه بـ “سيطرة الرئيس على مقاليد السلطة بمصر” ثم حذر من احتمال قيام دولة إسلامية في مصر، وظهر أيضا في تصريح البرلمان الأوروبي الذي أصدر بيانا قال فيه: “إن العديد من الدول الأعضاء في اللجنة أعربت عن شعورها بالقلق إزاء الصلاحيات الواسعة التي يمنحها الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري مؤخرا”.
ويعود الليبراليون في مصر ويحملون الرئيس مرسي الأفعال المخزية من الاستنجاد بالغرب وإقحامه في سياسات مصر الداخلية فيقول الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون للدراسات السياسية -المعروف سياسة ومنهجا- تعليقًا على تصريحات ماكين فيقول: “إن تصريحات ماكين تشير إلى عودة الضغوط الأجنبية”، ولكنه يبررها فيقول: “الضغوط والتدخل الأجنبي بسبب الحماقات في القرارات العنترية والإمبراطورية التي يتخذها الرئيس محمد مرسي التي أدخلتنا إلى مرحلة محاكم التفتيش”.
إن هذه التدخلات تعيد إلى أذهاننا ما سبق وأن صدر منذ عدة أعوام وهو ما يسمى بـ”مخطط برنارد لويس لتفتيت العالم الإسلامي” الذي كتبه صاحب نظرية الاحتواء المزدوج التي صدرت بعد حرب الخليج الثانية؛ والذي قيل فيه أنه يجري العمل على مخطط لتقسيم دول العالم الإسلامي ومنها مصر إلى أربعة دويلات صغيرة منها دويلة للنصارى!
نسأل الله تعالى السلامة لمصر وأهلها..