قضية الشيخ نهاري ولغزيوي

جوابا على سؤال الإعلامية لينا زهر الدين؛ حول ضمان الحرية الجنسية والمطالبة بإلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي الذي يُجرم العلاقة الجنسية بين رجل وامرأة خارج إطار الزواج؛ وهل يقبل لغزيوي عمليا ما يُنظِّر له أم لا؟
أجاب بالحرف: أنا أقبل أن تحترم حرية كل كائن على وجه هذه الأرض.
فقاطعته الصحفية مؤكدة: وأختك لها حرية فيما تدعو إليه فهل تحترم ذلك؟
فقال: أنا أقبل أنا أقبل؛ بأن تمارس أختي وأمي وابنتي حريتهما مثل ما يبدو ذلك لهما ملائما؛ ويجب أن نصل إلى هذه الشجاعة..اه.
ولا ندري فعلا عن أي شجاعة يتحدث عنها الشخص المذكور؛ إذ من المعلوم في اللغة التي نكتب بها أن الشجاعة هي: شدَّة القلب في البأْس والصبر والثبات والإقدام على الأمور النافعة تحصيلاً والأمور السيئة دفعاً. لكن ربما يكون عند هذا الشخص معنى آخر لمعنى الشجاعة لا نعلمه!
وعلى أي فإن رئيس تحرير يومية الأحداث الذي فجر قنبلة إعلامية باعتباره الزنا المحرم بنص كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة؛ ومجرم بنص قانون البلد الذي يتمتع فيه بهامش كبير من الحرية؛ يعتبره فقط (جريمة حب) ولا يعتبره على الإطلاق كبيرة ولا جنحة.
وقد خلفت تصريحاته استياء عارما لدى شريحة كبيرة من الشباب؛ الذين عبروا عبر المارد الأزرق (الفيسبوك) عن سخطهم واستهجانهم واستنكارهم لما صرح به هذا الصحفي؛ وانهالوا عليه بالشجب والسب والشتم أيضا؛ وقارنوا بين مطالبه وما أقدمت عليه فرنسا في حملتها الأخيرة لمحاربة الدعارة.
وعلى صعيد مواز استنكر بشدة خطيب الشرق عبد الله نهاري تصريحات لغزيوي التي اعتبرها مخالفة صريحة للدين؛ وخرقاً للإجماع المغربي؛ وضرباً لثوابت الأمة، وساق الخطيب مجموعة من الأحاديث الواردة في الباب التي تحذر من خطر الدياثة؛ وعاقبة من يرضى الفاحشة في أهله؛ الأمر الذي كلفه المثول أمام القضاء بسبب رفع دعوى قضائية ضده.
وردا على تصريحات الشيخ نهاري تحركت الآلة الإعلامية العلمانية لقمع الداعية من جديد؛ فقامت الأخت الشقيقة لمنبر الأحداث المغربية القناة الثانية 2M العصية على التغيير والقبول بما جاءت به دفاتر التحملات؛ والذي بات من الواضح جدا أنها عقدت شراكة أبدية مع هذا المنبر، قامت بإعداد تقرير في أخبار المساء حول ما أسموه فتوى لقتل الكاتب المختار لغزيوي، واعتبرت أن ما قام به الخطيب دعوى إلى قتل هذا الكاتب.
وعملت يومية الأحداث على استغلال الحدث وإعادة منبرها إلى الواجهة مرة أخرى معتبرة ما حدث: “علامة من علامات ردة خطيرة لم يعرفها المجتمع المغربي من قبل”، وطالبت من السلطات الحكومية بتحمل مسؤوليتها في “حماية السلامة الجسدية لرئيس تحريرها”.
في مزايدة وتهويل يبعثان على الضحك.
أما الأحزاب ذات المرجعية اللائكية فقد خرج بعضها عن صمته؛ ودعموا المختار لغزيوي؛ وأصدر حزب التقدم والاشتراكية عبر لجنته الدائمة للثقافة والاتصال بيانا تضامنيا مع المدعو.
وأعلن “تضامنه الكامل مع المختار الغزوي وجريدة الأحداث المغربية، وإدانته بشدة للدعوة المتطرفة والجاهلة والمحرضة على قتل صحفي بشكل واضح لمجرد تعبيره عن رأي يخص الحريات الفردية”.
أما المختار الغزيوي فقد اعتبر أن الشيخ نهاري قد كذب عليه، وأن ما نسب إليه زور وبهتان وكذب، وقال: “فالمؤمن لا يكذب.. ونهاري كذب علي”.
ونحن سمعنا كغيرنا ما صرح به أمام العالم أجمع؛ إلى درجة أن الإعلامية زهر الدين اعتراها الحياء مما تجرأ لغزيوي على أن يجهر به.
لكن ربما يكون الرجل من الذين يقولون الكلمة الآن وينسونها غدا؛ أو قبل ذلك حتى!!
أو ربما شعر فعلا بأنه وقع في ورطة كبيرة؛ لكن أخذته العزة بالإثم فأبى أن يصرح بتراجعه.
ولئن كنا ندين دعاوى القتل؛ ونعلم يقينا أيضا أن الشيخ عبد الله نهاري لم يدع على الإطلاق إلى قتل لغزيوي؛ وليس هذا من مذهبه أصلا؛ فالشيخ معروف بوسطيته واعتداله؛ إلا أننا لم نفاجأ بالتعصب الأعمى الذي عودنا عليه أصحاب الفكر الاستئصالي الذين يطالبون بمحاكمة نهاري ويطيرون فرحا بالتفاعل السريع للنيابة العامة مع هذا الموضوع؛ وفي المقابل يغضون الطرف ويحاولون التستر على الفعلة الشنعاء والدعوة الصريحة الصلعاء من لغزوي إلى الزنا والممارسات الجنسية خارج إطار الزواج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *