مذكرة من رابطة علماء المغرب مقدمة إلى السيد وزير التربية الوطنية وتكوين الأطر والسادة أعضاء لجنة التربية والتعليم البرلمانية

أشرنا في العدد الماضي إلى اجتماع الأمانة العامة لرابطة العلماء ومداولات مجلس هذه الأمانة، التي كان من جملتها مدارس وضع التعليم الحالي واتفاق الرأي على رفع مذكرة في شأنه إلى وزارة التربية الوطنية وتكوين الأطر ولجنة التربية والتعليم البرلمانية، وهذا نص المذكرة:
الحمد لله وحده والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛ وبعد:
إن الوضع الذي نتج عن استمرار نظام مدرسة الحماية الفرنسية منذ فجر الاستقلال وهيمنة هذا النظام على سياسة التعليم وعلى الفكر التربوي أدى بعد اثنين وعشرين عاما من التجربة المرة إلى اكتشاف الحقائق التالية:
1- استحالة تعميم التعليم حيث لا يزال عندنا 7500 أستاذ أجنبي، وهذا يعني أننا لا نزال في نفس الوضع الذي كنا عليه منذ أكثر من خمسة عشر عاما خلت.
2- استحالة تكوين الأطر المغربية في ظل هذه السياسة.
3- لم يتحقق توحيد أشكال التعليم المختلفة الذي هو الضمان لتكوين أجيال متماثلة التفكير والثقافة والاتجاه القومي العام، فلا تزال مدارس البعثات الأجنبية تستقبل أبناء طبقة معينة من الشعب ابتداء من المدرسة الابتدائية وتكوينهم تكوينا أجنبيا لغة وفكرا وروحا وهذا يعني أيضا عدم ديمقراطية التعليم.
4- لم يتحقق تعريب التعليم الذي جمعت الأمة المغربية على المطالبة به في كل مناسبة، وتؤكد مرة أخرى بأن التعريب لا يعني عدم تدريس اللغات الأجنبية التي تطالب دوما بتعليمها ولكن ابتداء من مرحلة التعليم الثانوي، وكلغات فقط كما هو الشأن في جميع أقطار العالم.
5- إن تجربة مناهج التعليم الحالية أدت بالأجيال المغربية الصاعدة إلى التحولات الفكرية التالية:
– الجهل المطلق بالقرآن والسنة والتعاليم الإسلامية.
– الجهل المطلق بتاريخ المغرب والتاريخ الإسلامي الحق.
– عداء وكراهية التراث الإسلامي والقيم الدينية.
– انتشار الإلحاد بسبب برامج الفلسفة المادية الإلحادية.
– اعتناق الماركسية كحل وحيد في نظرها لإنقاذ المغرب من هوة التخلف والاستغلال.
– انهيار الأخلاق العامة وتفكك نظام الأسرة.
هذه هي النتائج التي انتهى إليها المغرب بسبب سياسة التعليم القائمة خلال 22 سنة من الاستقلال.
إن كل سياسة لا تقيم الوزن لهذه الحقائق التي لم تعد خافية على أحد من أفراد الشعب المغربي، ولا تعتمد على ثورة حقيقية ضد الأوضاع التي يوجد عليها التعليم اليوم، والتي هي في الحقيقة استمرار لتركة الحماية لهي سياسة محكوم عليها بالفشل، وسوف تعمل على تعميق الهوة التي تردى فيها التعليم حتى الآن.
ودون الارتكاز على سياسة إسلامية عربية للتعليم تحفظ للشعب المغربي عقيدته الدينية، وكيانه الوطني، وشخصيته القومية؛ ولن يتأتى هذا إلا بالتعريب الكامل والشامل للغة التعليم في جميع مراحل التعليم وللإدارة المغربية برمتها بدون الارتكاز على مثل هذه السياسة في التعليم؛ لن تحظى أبدا أية سياسة أخرى بتأييد الشعب المغربي؛ ولن تحل خطر مشكلة واجهها منذ فجر الاستقلال.
إن رابطة علماء المغرب إذ تتوجه إليكم اليوم وقضية التعليم توجد بين أيديكم لترجو أن تحققوا آمال الشعب المغربي في وضع المخطط الملائم لهذه المشكلة، بحكم المسؤولية الخطيرة التي تتحملونها.
والسلام عليكم ورحمة الله
الأمانة العامة لرابطة علماء المغرب
1 جمادى الثانية 1398 / 9 ماي 1978
(مواقف وآراء رابطة علماء المغرب، ص:77-78-79)
وهذه المطالب كانت حاضرة حتى فجر الاستقلال لأجل الخروج من شرنقة سياسة نظام مدرسة الحماية الفرنسية (انظر ما جاء في مقرر لاجتماع هيأة مديري التعليم الأصلي في شتنبر 1962م؛ ص:59-60).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *