بعد مضي سنتين بالتمام والكمال على الدستور الجديد الذي صوت عليه الشعب بأغلبية مطلقة، وأكد في فصله الثاني عشر (12) على أن:
(جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية تُؤسس وتمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون. ولا يمكن حل هذه الجمعيات والمنظمات أو توقيفها من لدن السلطات العمومية، إلا بمقتضى مقرر قضائي).
بعد مضي 24 شهرا على هذا الحدث المهم في تاريخ المغرب الحديث جاء التنزيل العملي لهذا الدستور، بأن باشرت السلطات العمومية إغلاق مقرات جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة، التي تعمل في إطار قانون الحريات العامة، بدعوة أن هذه الجمعية تعمل خارج إطار القوانين المعمول بها في التعليم العتيق التابع لوزارة الأوقاف، كما أكد بلاغ وزارة أحمد التوفيق.
وهو بلاغ عار من الصحة والموضوعية، كما أكد محامون مختصون وحقوقيون وسياسيون؛ إضافة إلى الجمعية المعنية بالأمر التي أوضحت في بيان للرأي العام أن “هذا غير صحيح لأن الجمعية لا تخضع لقانون التعليم العتيق حتى تسوي وضعيتها بناء عليه”.
وبالموازاة مع ذلك تدخل المركز المغربي لحقوق الإنسان CMDH وطالب حكومة عبد الإله بنكيران بالعدول عن قرار إغلاق دور القرآن التابعة لجمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش، وباللجوء إلى القضاء في حالة حدوث خلاف بين السلطات والجمعية المذكورة، “وذلك مراعاة لروح الدستور المغربي، واحتراما لإرادة الشعب المغربي الذي صادق عليه”، وبفتح حوار مسؤول يقضي بإيجاد حل يحترم أنشطة الجمعية دون انتهاك حقها في تنفيذ أنشطتها.
كما أعلن أكثر من 4 مليون مغربي عن تعاطفهم التام وتضامنهم اللامشروط مع دور القرآن بالمغرب، حيث أعلنت مجموعة من صفحات التواصل الاجتماعي عن دعمها المطلق لقضية دور القرآن الكريم، وهي صفحات يتجاوز عدد معجبيها 4 مليون مغربي؛ وأكدوا أنه “لا يعقل في بلد إسلامي 99% من سكانه دينهم الإسلام، وفي مغرب ساهم في نشر الإسلام ورسالته السمحاء منذ قرون أن تغلق دور قرآنه، ويمنع أئمة بعض مساجده من الدعوة والإرشاد بدعوة نشر الأفكار الظلامية وزرع الفتنة وفي المقابل ملاهي الرقص والفجور ودور الدعارة في تزايد وفي واضحة النهار”.
وطالب رواد هذه الصفحات من الحكومة المغربية “التدخل لإيقاف القرار المجحف وغير المنطقي والذي لا يتوافق مع روح الدستور المغربي الذي صوت عليه أغلبية الشعب” .
وقد جاء هذا القرار بالتزامن مع إعلان منظمة التجديد الطلابي فرع مراكش “تضامنها مع جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة، وتنديدها بالردة التي يشهدها التحول الديمقراطي في المغرب ومحاولات القفز على المكتسبات الدستورية الجديدة”.
إضافة إلى ذلك استنكرت فعاليات سياسية وجمعوية وحقوقية كثيرة هذا القرار الذي اعتبرته مجحفا ومخالفا لدستور يوليوز 2011.
وقد وصف وزير العدل والحريات الأستاذ مصطفى الرميد قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية باللامسؤول وبالـ”تضييق على الناس بغير وجه حق، ومس بحرياتهم بغير سبب معقول”، وقال: “فوجئت بقرار الإغلاق.. ولا يسعني إلا أن أعبر عن رفضي القاطع لصدوره”.
وهو التصريح الذي أكد الاختلاف الكبير والتقاطب الحاد بين مكونات الحكومة بخصوص هذا القرار، فوزير الأوقاف يؤكد ويتهم جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بالتضليل، ووزير العدل يشجب القرار ويصفه بـ:غير المسؤول، ويعتبره تضييقا على الناس بغير وجه حق.. ما يعني عدم انسجام الحكومة المتعددة المشارب في قراراتها.