“اللاتسامح” موقف رسمي وشعبي فرنسي تجاه الإسلام والمسلمين

لم تنس فرنسا عدائها القديم ضد الإسلام والمسلمين، رغم تغير الأحوال، وارتفاع نسبة المسلمين فيها، وتحول كثير من الفرنسيين الأصليين إلى الإسلام، لم يشفع كل هذا مع حسن سيرة المسلمين، ونبل تعاملهم مع غيرهم من الفرنسيين، لم يشفع في تغيير النظرة السلبية تجاه المسلمين في فرنسا وخارجها.
حيث أصبحت فرنسا قاعدة انطلاق لكافة أشكال العداء والعنصرية ضد المسلمين، إلى كافة بلدان العالم سيما القارة الأوربية، حيث يخطط للمكيدة في أوكار يمينها المتطرف، ثم تخرج لتطبق على المسلمين هناك، ثم تصدر بدورها إلى بلدان أوروبا.
والعداء الفرنسي تجاه الإسلام والمسلمين له مظهران رئيسيان، الأول منهم يخص الشعب الفرنسي وطريقة تعامله مع غيره من الأقليات والعرقيات، ومع من يدينون بغير ملتهم، أما المظهر الثاني فيتمثل في موقف الحكومة الفرنسية والساسة الفرنسيين خاصة اليمين المتطرف من المسلمين.
ففيما يخص المظهر الأول ذكر تقرير للجنة الاستشارية المستقلة لحقوق الإنسان في فرنسا إلى أن الاعتداءات ذات الطابع العنصري في تصاعد مستمر في البلاد، بينما أظهر استطلاع للرأي أن نسبة كبيرة من الفرنسيين تعتبر المسلمين بفرنسا خطرا على هوية البلاد.
وقالت رئيسة اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان كريستين لازرج: إن ظاهرة اللاتسامح تجاه المسلمين في فرنسا أكثر من مقلقة، وذلك بعدما سجلت التهديدات والاعتداءات على السود والمهاجرين -وخاصة المسلمين منهم- ارتفاعا للسنة الثالثة على التوالي.
وأضافت لازرج: “فعلا نحن قلقون كثيرا ونشعر بأن أحكاما نمطية -ذات انعكاسات كبيرة- عن المسلمين، منتشرة في المجتمع الفرنسي”.
وتشير إلى أن توصيات اللجنة تركز على “ضرورة وجود فهم أفضل للإسلام، وتوعية لكل من يتواصل مع المهاجرين المغاربيين أو من هم من أصل مسلم لتبديد سوء الفهم السائد حيال المسلمين”.
وأشار التقرير إلى أن الاعتداءات ذات الطابع العنصري تضاعفت خمس مرات في أقل من عشرين عاما، وأن نسبة تلك الاعتداءات ارتفعت 30% العام الماضي.
وأشار تقرير الجزيرة نت إلى أن هذه المؤشرات تتطابق مع نتائج استطلاع للرأي نشر مؤخرا وأظهر أن نظرة الفرنسيين للإسلام سلبية جدا، وأن أكثر من نصفهم يرفضون تسهيل ممارسة المسلمين لشعائرهم في فرنسا.
ونشير هنا إلى أن العداء الشعبي غير المبرر للمسلمين في فرنسا من قبل الفرنسيين يمكننا تفسيره بأنه ردة فعل للموقف الرسمي الحكومي، والحزبي/السياسي، فالعداء الشعبي للمسلمين ما هو إلا مظهر من مظاهر هذا الموقف الرسمي المتعنت.
والحكومات الفرنسية المتعاقبة ورؤساؤها لهم تاريخ حافل من العداء للمسلمين، سيما المسلمات حيث تسعى الدولة الفرنسية بكل ما أوتيت من قوانين وإجراءات؛ إلى التضييق على المرأة المسلمة، من خلال إصدار قوانين منع النقاب والحجاب، في محاولة من فرنسا لسلخ المرأة المسلمة عن هويتها الإسلامية، واستبدالها بالقيم العلمانية الفرنسية.
والعداء الفرنسي للإسلام هو عداء صليبي في المقام الأول، حيث يرى رعاة الكنيسة وقادة اليمين المتطرف انتشارا كبيرا للإسلام في مقابل انحصار المسيحية لا في فرنسا وحدها بل في القارة الأوربية ككل، حتى تحول الإسلام من ديانة مهاجرة يعتنقها بعض الأفراد إلى الديانة الثانية في فرنسا، حيث يفوق عدد المسلمين الخمسة ملايين، بنسبة 8% أو تزيد، وهم بذلك يشكلون أكبر تجمع للمسلمين في أوروبا، الأمر الذي يثير حفيظة الكثيرين ممن يعتبرون ذلك يشكل خطرًا على هوية الدولة العلمانية والنفس المسيحي الذي تتمتع به فرنسا.
فالفرنسيون تفاجئوا بأن مخططات التنصير قد ارتدت عليهم بأسلمة تضرب بجذورها في كبد فرنسا، حيث فشلت مخططات التنصير التي سعوا إليها منذ قرون لتتحول إلى أسلمة، لا في فرنسا وحدها، وإنما في كل أرجاء القارة الأوربية، مما أثار مخاوف من تحول أوربا في القريب إلى قارة مسلمة، وهو الأمر الذي تنبأت به تقارير غريبة وإحصاءات كنسية، لهذا هم يعادون الإسلام ويضطهدون أهله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *