الاستئصال حد المرتد عن دين زعماء الحداثة ذ.أحمد اللويزة

الهجمة الشرسة على المجلس العلمي الأعلى ولجنة الإفتاء من قبل بني علمان تكشف مرة أخرى مدى الحقد الدفين لهؤلاء على دين الإسلام وأحكامه الربانية الرشيدة، يضربون ذات اليمين وذات الشمال لا صديق لهم إلا الذي يدين بدين الحداثة، والعدو من أنكر عليهم دينهم وتمرد على معتقداتهم وكفر بمنهجهم فيسلطون عليه سيف الاستئصال والاجتثاث، ويستعدون عليه الداخل والخارج، ويتكلمون بقلق بالغ وشحناء ظاهرة؛ حسدا وكرها لا يظهر حتى من البعيد الذي تربى على كراهية الإسلام والمسلمين؛ بخلافهم هم الذين نشأوا في أسر ومجتمع وبلاد مسلمة؛ ويحملون أسماء إسلامية؛ ولكن إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
ليس لهم همة ولا نشاط إلا في تتبع أراء العلماء وأقوالهم في القضايا المعروضة عليهم من طرف أفراد المجتمع وهيئاته، فإذا لم يناسب الرأي هواهم ولم يوافق ملتهم، أعلنوا الحرب مهما كانت الجهة التي أصدرت الرأي والموقف، فإذا أفتى عالم أو أدلى برأيه تمسحوا بالمؤسسة الرسمية ونادوا بالويل والثبور لمن أفتى دون أن يكون مأذونا له من الجهة الرسمية التي يخول لها وحدها أن تفتي في قضايا المجتمع، ورموا العالم بكل التهم والنقائص وحرضوا عليه الجهات الأمنية والحقوقية حتى يخرص ويمتنع عن الكلام أو يلقى به في غياهيب السجون.
وهذا حد الاستئصال الذي يحول دون حرية الرأي والتعبير التي يتشدقون بها حين يكون المتكلم داعيا إلى الفحشاء والمنكر والقذارة، وكان الرأي مصادما لثوابت العقيدة والمجتمع، ولما تكون الجهة الرسمية هي التي أصدرت الرأي أو الفتوى على غير هواهم مرة أخرى ثارت الثائرة وناحت النائحة، وتنادوا مصبحين وممسين أن أدركوا حقوق الإنسان من فتوى الظلاميين.
الظلاميون الذين كانوا من قبل متنورين حين كانت مواقفهم ترضي بني علمان الذين صاورا يقيمون محاكم التفتيش للعلماء والوعاظ والخطباء، يعدون عليهم الأنفاس والكلمات، إن قالوا ما لا يستهويهم أنكروا وشجبوا وحرضوا ورفعوا الدعاوى القضائية، وإن لم يقولوا شيئا قوَّلوهم ما لم يقولوا ليمارسوا التهريش والوصاية التي يتهمون بها غيرهم، ويستقوون بالخارج، ليقمعوا مخالفيهم.. ألا شاهت الوجوه.
عندما أثيرت قضية حكم المرتد وهي بالمناسبة ليست فتوى وإنما حكم الله ورسوله الصريح، الثابت بالدليل الصحيح، والتي نشرت في وقت غير بريء يدل صراحة على أن أصحاب دكاكين حقوق الإنسان (وفق النظرة الغربية) لهم أجندات خارجية ومصالح خاصة، وبإمكانهم في أي لحظة يشعرون فيها بشيء من جنون العظمة والانتشاء أن يستدعوا العدو الخارجي؛ ليمكن لهم ضدا على إرادة الشعوب المسلمة التي ينبغي أن تبقى يقظة تهب لنصرة دينها وحمايته من مكر المتربصين والحاقدين.
وصدق الله العظيم إذ يقول سبحانه: “وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ”، فبعد أن أثيرت القضية ثارت ثائرة حراس معبد العلمانية بالمغرب؛ وتاهوا بالناس في سراديب الجهل ودروب التأويل المغرض، ووجدوها فرصة أخرى للطعن في الإسلام؛ فانتشرت المقالات في وسائل الإعلام انتشار النار في الهشيم، تقطر حقدا وغلا وتحريضا ووقيعة بين المجلس العلمي الأعلى وبين مؤسسات الدولة وولي الأمر والمواطنين ودول العالم، ولكم أن تراجعوا مقالات (لكحل وعصيد) نموذجا، وفي كل مرة ينقلب السحر على الساحر كما انقلب على أمريكا سحرها في قضيتنا الوطنية والتي حاولوا استغلال ظروفها للضغط على البلد، لكن خابوا وخسروا وانبرى العلماء والباحثون يفضحون المكنون ويشرحون للعامة حقيقة حكم الردة في الإسلام، وبان للناس أن بني علمان إنما يصطادون في الماء العكر، ويصدرون عن جهل مركب بدين الإسلام فتكون تخريجاتهم دائما بعيدة عن التوفيق والصواب.
إن إباحة الردة في بلاد الإسلام بحكم القوانين الكونية فتح لباب من الشر والفتنة على الوطن لا يسده شيء ما تعاقب الليل والنهار، وتلك بغية بني علمان، فكيف يطيب العيش في بلد تمزقه الملل والنحل والأديولوجيات، وتتنازعه المذاهب والأفكار، والإنسان بطبعه لا يصبر على كتمان فكره بل يحرص على الدعوة إليه باعتباره هو الحق وغيره الباطل، كما يصبح ولاؤه لدينه وأهل ملته الجديدة أكثر من ولائه لوطنه؛ وهذا بحكم الفطرة والجبلة الولاء للدين أولا، بخلاف ما يوهم به العلمانيون أن الولاء للوطن. وهم أوضح برهان على كذبهم إذ ولاؤهم لأولياء نعمتهم من الغرب فلهم يحيون وعليهم يموتون.
ثم إن التركيز على فتح باب الردة مشرعا للخروج من الإسلام هو أمر يثير أكثر من علامة استفهام. لكن جوابه معلوم لكل متابع للحرب الشعواء التي تقام ضد هذا الدين العظيم الذي يزحف بهدوء على ربوع المعمور.
فلا بد من وقف هذا الزحف من خلال فتح باب الردة، لنجد أنفسنا أمام منهج قديم قدم الإسلام يستنهضه الحاقدون الوجلون المتمثل في إعلان الإسلام صباحا والردة مساء؛ من أجل التشويش على الإسلام ومنع الراغبين من الدخول فيه بدعوى لو كان خيرا ما تركه هؤلاء، تماما مثل ما فعل أهل الكتاب في عهده عليه الصلاة والسلام كما وثق عنهم القرآن ذلك في قوله تعالى: “وَقَالَتْ طَائِفَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب آمِنُوا بِاَلَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْه النَّهَار وَاكْفُرُوا آخِره لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”.
وعليه فإن الحرص على تجريم حد الردة ليس متعلقا بحرية الاعتقاد بقدر ما هو مؤامرة على الإسلام وأهله ودولته، وقد أثبت الواقع أنه ما من أحد يرتد عن الإسلام إلا ويصبح حربا عليه وعلى المسلمين، ويستغل من طرف العدو فردا كان أو جماعة من أجل الضغط على الدول الإسلامية لانتزاع مصالح منها استغلالا لورقة الأقليات وحرية الاعتقاد والاضطهاد..
وكثير منا يعرف شابا اسمه “رشيد المغربي” الذي تنصر فصار بعدها عدوا يمكر بالإسلام والمسلمين ليلا ونهارا من خلال قناة تنصيرية وفديوهات على الشبكة العنكبوتية يسخر فيها من القرآن والسنة والرسول عليه الصلاة والسلام، وما أكثر أمثال هذا الغر لا كثرهم الله.
أما ما تفوح به ألسنة القائمين بين أظهرنا من الحقد فهو أطم وأشر، يبوحون به وهم لم يعلنوا ردتهم بعد، فكيف لو أعلنوها حين تتخلى الدولة عن هذا الحكم الذي لا يتجاوز الحبر والورق الذي كتب عليه، لأن هذا الضجيج والصوت العالي غريب وكأن رقاب المرتدين وما أكثرهم تقطع صباح مساء، ولهم ذلك ما داموا لم يعلنوا ردتهم على الملأ، ولن يحاكمهم أحد على ما في قلوبهم، لكن الإعلان بذلك تحريض على الردة وتهوين من شأنها، وإيذان بتفكك الشعوب والأوطان، وخراب ما بعده عمران، فلنتفطن لهذا الأمر فتلك شريعة الإسلام؛ من رضي بها فله الرضى، ومن سخط فله السخط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *