ليتهم يدركون أنهم يخوضون معركة خاسرة ذ.أحمد اللويزة

كل الذين جعلوا قضية حياتهم اليوم هي الصراع مع الإسلام واتخاذه عدوا قصد القضاء عليه من خلال الطعن في مظاهره وتجلياته، عليهم أن يعلموا علم اليقين أنهم يخوضون معركة خاسرة، وأنهم سيهزمون شر هزيمة، وسيخلدها التاريخ في صفحاته السود، كذكرى تذكرهم بها الأجيال القادمة، وسيبقى سجل تاريخ الإسلام ناصعا براقا تدون فيه الانتصارات على كل ملل الإلحاد والزندقة والعلمنة والحداثة….من البعثة إلى قيام الساعة.
عناء كبير، وجهد جهيد، وتربص يقظ، وحذر شديد، وسهام مبرية، ومدافع موجهة، والإسلام هو المستهدف، وما الإسلام إلا دين الله الحق الذي ارتضاه للبشرية جمعاء، فهو ناصره ومؤيده، وليبلغن نوره ما بلغ الليل والنهار، وليدخلن كل بيت بيت، بعز عزيز أو بذل ذليل.
لكن حرب الاستباق والمكر والبغي قائمة على قدم وساق، وزعت الأدوار واتخذت المواقع وكلفت الكتائب بمسؤلياتها في هذه الحرب المفتوحة على كل الجبهات.
مما لا شك فيه أن الأعداء على اختلاف مللهم قد تحقق لهم شيء من النصر فترة من الزمن، لكن بداية النهاية انطلقت، وشمس العزة بزغ شعاعها والإسلام قادم، إلا أن كتائب الباطل من الغباء والبلادة وعمى البصيرة الذي سلطه الله عليها لا ترى ولا تبصر، وهذا تأييدا ونصرا وإيذانا بأن دين الله آت؛ وعلى سماء الدنيا سيبسط نوره وعدله ورحمته.
فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يزحف، ويتمدد عبر خارطة العالم، بخلاف باقي الأديان والمذاهب التي تنحسر مساحاتها يوما عن يوم، بل ساعة بساعة، حتى إنك لتجد من يسلم بأرض لا يوجد بها داعية ولا مهاجر مسلم ولا ما يدل على الإسلام إلا الشبكة العنكبويتة التي أرادوها أداة هدم وتشويه فجعلها الله سببا في انتشار الإسلام فيا سبحان الله!
والناس يدخلون في دين الله أفواجا، والمسلمون يعودون إلى دينهم أدراجا، ورصد الأعداء والجواسيس لهذه الأوبة والصحوة من لدن المسلمين شيبا وشبابا رجالا ونساء صغيرا وكبارا هو الذي جعلهم يصرخون صراخا تسمعه وتقرأه إساءات متنوعة منثورة بين صفحات المجلات والجرائد والمواقع والقنوات والإذاعات، يئنون من حر الألم الذي يملأ قلوبهم حقدا على الإسلام وكراهية لما يروه من بشريات، ولا يصرخ إلا المتألم، فلم نعد نفرح بيوم إلا ونسمع فيه إساءات ولمزا وغمزا للدين والمتدينين، ولعها معركة الرمق الأخير، والسباق مع الزمن، ولو لتأخير الصحوة شيئا ما، ولكن من يقدر على إيقاف السيل.
ما بين دول الغرب وبلاد المسلمين تدور رحى المعركة، كل اتخذ موقعه، يصارعون رب العباد ولكن لا يشعرون، يشوهون، ينشرون الشبه، يمنعون، يشرعون، يتهمون بالإرهاب، وهي التهمة التي صارت فجة في زمن تكشفت فيه الخفايا والأوراق، كل هذا حتى يوقفوا زحف الإسلام، لكن ومن عظيم آيات الله الدالة على صدق هذا الدين وأن له الكلمة الفصل في نهاية الصراع، أنهم كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، وكلما أثاروا ضجة لتشويه الإسلام إلا زاده الله بهاء، وكلما راموا تكديره إلا منحه الله صفاء، وكلما أرادوا أن يمنعوا الدخول فيه زاد عدد المعتنقين له حبا واقتناعا، وكلما أثاروا قضية من القضايا المنسية ليسيئوا بها للإسلام إلا فتح الله بها الفتوح العظيمة، وجعلها الله ذخرا للإسلام بقدر ما أرادوها دحرا له.
وما قضية “أسلم تسلم” عنا ببعيد، لئن كان المثل يقول أن “الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك”، فإن ضرباتهم التي يوجهونها للإسلام تقتلهم ولا تزيد الإسلام إلا قوة، فزيدوا في الضرب ولا تتوانوا حتى يقوى الإسلام وتضعفوا أنتم، فشكرا لكم أيها الأعداء؛ إنهم يقدمون خدمة جليلة لهذا الدين ولكن لا يشعرون.
فمعالم سيطرة الإسلام الصافي النقي الخالي من الشوائب بادية لا تخفى، ولكن بني علمان ممن تحملو عن الغرب مسؤولية الهدم من الداخل لا يبصرون، لذلك هم في غيهم سادرون حتى يأتي الوقت الذي يقولون ألم نكن معكم، أو يصبحوا على ما أسروا أو أبودوا نادمين.
ما أعظم شأن القرآن الذي يفضح ويشرح حال هذه الطائفة المشؤومة، وهي تتقوى بأعداء الخارج طمعا في محق الإسلام منذ زمن النبوة، وهاهم اليوم يعيدون الكرة دون اعتبار بأحداث التاريخ.
كم من أموال وجهود وأوقات أنفقت في محاربة الإسلام وأهله، ضاعت هباء منثورا وجعلها الله خرابا وعليهم حسرة، وها هم اليوم يغلبون، وإرهاصات الهزيمة تلوح في الأفق، لذلك يخوضون معركة الرمق الأخير، مصحوبا بالزعيق والصراخ والضجيج، وكلما رأوا النساء يعدن إلى الحجاب الشرعي، والشباب يعودون إلى التزام السني، وتوجه عامة المسلمين نحو تحكيم الشريعة في تفاصيل الحياة؛ إلا أصيبوا بالإحباط والهيجان وتوتر الأعصاب، يعظون أصابع الأسى والأسف، ولكن لا يريدون أن يدركوا بعد أنهم يخوضون معركة خاسرة رغم ما نراه من عدم تكافؤ موازين القوة بين معسكر العلمنة وحلفائه ومسكر الشريعة وأنصاره؛ ولكن الله من ورائهم محيط.
وهنا أذكر قصة معبرة عما يحدث لبني علمان ومن وراءهم؛ وهم الذين تحكموا في جميع تفاصيل الحياة ودواليب تسييرها، وعملوا كل ما في الوسع وبإخلاص لإفساد الدين والتدين والمتدينين، ليستيقظوا على كوابيس مفزعة حيث ضاع الجهد وخاب المبطلون، تماما كما حصل لطائفة من المنصرين ببلدة إفريقية عملوا على تنصريها مدة من الزمن، ولما أرادوا إقامة حفل التعميد سألوا سكان القرية عن أمنيتهم في الحياة فأجابوا بكل عفوية نريد الذهاب إلى الحج.
فهونوا على أنفسكم واذكروا التاريخ لعلكم ترجعون، فأين التتار الذي عاثوا في الأرض الفساد، وأين الحروب الصليبية التي جيشت أتباعها في العالم لمحو الإسلام، لم يبق ذلك إلا ذكرا للآخرين وعبرة للمعتبرين ولعنة تتبعهم إلى يوم الدين، وبقي الإسلام شامخ القامة؛ جبلا تتكسر عليه قرون الحاقدين.
ارحموا أنفسكم وتأملوا في الواقع من حولكم وانظروا إلى من كان بالأمس أشد عداوة للإسلام كيف صار اليوم من أشد المنافحين عنه، بعد أن تجلت الحقيقة وتجردوا من العناد والجحود والهوى، ولكم في إسلام أرناود فان دورن المتطرف الهولندي السابق؛ وصاحب فيلم الفتنة عبرة، والذي كرس حياته وبرنامجه السياسي لمحاربة الإسلام كما يفعل كثير من بني علمان اليوم، لكنه ينتهي إلى الخلاص؛ ويعلن كلمة التوحيد مدوية مزلزلة لكل حاقد معاند.
والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من وعظ بنفسه، وأشقى الأشقياء لا يتعظ بشيء، ولعل ما واجه به المغاربة أشقاهم الذي انبعث للطعن في رسالة الإسلام ورسول الإسلام كاف لأن يراجع ومريدوه ومحركوه حساباتهم مع الإسلام، وأن يدركوا أن معركتهم التي يخوضونها قصدا أو بالنيابة خاسرة، وأن الهزيمة مصيرها المحتم، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *