أبو بكر محمد بن موهب المالكي (406 هـ/1015م)

محمد بن موهب بن محمد أبو بكر التميمي المعروف بالقبري الحصار، هو جد أبي الوليد الباجي لأمه، كان من العلماء الزهاد والفضلاء، أخذ ببلده ورحل إلى المشرق فصحب أبا محمد بن أبي زيد واختص به، وكان القاضي ابن ذكوان يقدمه على فقهاء وقته، وكان الأصيلي يعرف حقه ويثني عليه، وله تآليف في الفقه مفيدة وشرح لرسالة شيخه، خرج من الأندلس إلى سبتة فأخذ عنه بها حمزة بن إسماعيل وغيره، ثم عاد إلى الأندلس.
موقفه
قال ابن القيم: شارح رسالة ابن أبي زيد من المشهورين في الفقه والسنة رحمه الله تعالى، قال في شرحه للرسالة: ومعنى فوق وعلا واحد بين جميع العرب، وفي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تصديق ذلك وهو قوله تعالى‏:‏ “‏ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏”‏ وقال تعالى‏:‏ ‏”‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى”‏ وقال تعالى في وصف خوف الملائكة‏:‏ ‏”‏يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ‏”‏ وقال تعالى‏:‏ ‏”إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ”‏ ونحو ذلك كثير.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأعجمية‏:‏ أين الله‏؟‏ فأشارت إلى السماء، ووصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه عرج به من الأرض إلى السماء‏:‏ “ثم من سماء إلى سماء” إلى سدرة المنتهى ثم إلى ما فوقها حتى قال‏:‏ لقد سمعت صريف الأقلام ولما فرضت الصلاة جعل كلما هبط من مكانه تلقاه موسى عليه السلام في بعض السماوات وأمره بسؤال التخفيف عن أمته فرجع صاعدا مرتفعا إلى الله سبحانه وتعالى فسأله حتى انتهت إلى خمس صلوات؛ وسنذكر تمام كلامه قريبا إن شاء الله تعالى عن قرب‏.‏
قال الإمام أبي بكر محمد بن موهب المالكي: وقوله: “عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى” فإنما معناه عند أهل السنة على غير الاستيلاء والقهر والغلبة والملك الذي ظنته المعتزلة ومن قال بقولهم إنه بمعنى الاستيلاء، وبعضهم يقول إنه على المجاز دون الحقيقة، قال: ويبين سوء تأويلهم في استوائه على عرشه على غير ما تأولوه من الاستيلاء وغيره، ما قد علمه أهل العقول أنه لم يزل مستوليا على جميع مخلوقاته بعد اختراعه لها وكان العرش وغيره في ذلك سواء، فلا معنى لتأويلهم بإفراد العرش بالاستواء الذي هو في تأويلهم الفاسد استيلاء وملك وقهر وغلبة.
وقال: وكذلك بين أيضا أنه على الحقيقة بقوله عز وجل: “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا” فلما رأى المنصفون إفراد ذكره بالاستواء على عرشه بعد خلق سماواته وأرضه وتخصيصه بصفة الاستواء علموا أن الاستواء هنا غير الاستيلاء ونحوه؛ فأقروا بصفة الاستواء على عرشه وأنه على الحقيقة لا على المجاز لأنه الصادق في قيله، ووقفوا عن تكييف ذلك وتمثيله إذ ليس كمثله شيء من الأشياء.
وفاته
توفي في الأندلس في جمادى الأولى سنة ست وأربعمائة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *