تلامذته:
كان تلامذة أبي عمران الذين تفقهوا به وأخذوا عنه جماعة من الفاسيين والسبتيين والأندلسيين، فضلا عن القيروانيين كأبي القاسم بن محرز وأبي إسحاق التونسي وأبي القاسم السّيوري وأبي حفص العطار وابن سعدون وعبد الحق الصقلي وعتيق السوسي وأبي محمد الفحصلي ومحمد بن طاهر بن طاوس وسواهم، ومن تلامذته: وجَّاج بن زلو اللمطي أحد المؤسسين للدولة المرابطية.
مكانته وثناء العلماء عليه:
كان أبو عمران الفاسيّ من أعلم النّاس وأحفظهم، جمع الفقه إلى الحديث ومعرفة معانيه، وكان يقرأ القراءات ويجودها مع معرفته بالرّجال، والجرح والتعديل. أخذ عنه النّاس من أقطار المغرب.
قال ابن بشكوال: أقرأ النّاس مدّة بالقيروان. ثم ترك الإقراء ودرس الفقه وروى الحديث.
قال تلميذه الحافظ حاتم الطرابلسي: «لقيتُه بالقيروان في رحلتي سنة 402هـ، وكان مِن أحفظ النَّاس، وأعلمهم وكان جمع حفظ المذهب المالكي، وحفظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم، والمعرفة بمعانيه، وكان يقرئ بالسبعة، ويُجودها مع المعرفة بالرجال، والمعدلين منهم والمجرحين».
وقال الذهبي: «الإمام الكبير العلامة عالم القيروان.. أحد الأعلام.. تخرَّج به خلق من الفقهاء والعلماء».
وقال أبو بكر الباقلاني لأبى عمران الفاسي: «لو اجتمعت في مدرستي أنت وعبد الوهاب بن نصر -وكان إذ ذاك بالموصل- لاجتمع فيها علم مالك: أنت تحفظه، وهو ينصره لو رآكما مالك لسر بكما».
شعره:
عندما كتب محمد بن على الطبني أبياتًا من الشعر وأرسلها إلى أبى عمران الفاسي بمناسبة العزم على الذهاب إلى بيت الله الحرام، أجاب أبو عمران الفاسي بهذه الأبيات:
حيَّاك ربُّك مِن خلٍّ أخي ثقة *** وصان نفسك بالتكريم مولاها
مِن كلِّ غم وشان لا يوفقها *** فهو العليم بما يبديه مولاها
ولا أضاع لها الرَّحمن حرمتها *** وقولها إن تسر ودعتك الله
الله يجمعنا من بعد أوبتنا *** ويؤتنا من وجوه البر أسناها
من مواقفه:
قال الذهبي: وحكى القاضي عياض قال: حدث في القيروان مسألة في الكفار، هل يعرفون الله تعالى أم لا؟
فوقع فيها اختلاف العلماء، ووقعت في ألسنة العامة، وكثر المراء، واقتتلوا في الأسواق إلى أن ذهبوا إلى أبي عمران الفاسي، فقال: إن أنصتم، علمتكم. قالوا: نعم. قال: لا يكلمني إلا رجل، ويسمع الباقون. فنصبوا واحدا، فقال له: أرأيت لو لقيت رجلا، فقلت له: أتعرف أبا عمران الفاسي؟ قال: نعم. فقلت له: صفه لي. قال: هو بقال في سوق كذا، ويسكن سبتة، أكان يعرفني؟ فقال: لا. فقال: لو لقيت آخر فسألته كما سألت الأول، فقال: أعرفه، يدرس العلم ويفتي، ويسكن بغرب الشماط، أكان يعرفني؟ قال: نعم. قال: فكذلك الكافر، قال: لربه صاحبة وولد، وأنه جسم، فلم يعرف الله ولا وصفه بصفته بخلاف المؤمن. فقالوا: شفيتنا. ودعوا له، ولم يخوضوا بَعْدُ في المسألة.
وفاته:
لما حضرته الوفاة جعلت زوجته تمرغ خديها على رجليه، فقال لها: مرغي، والله ما مشيت بهما إلى معصية قط، وهذا من كمال دينه وتقواه لله عز وجل، وحكي أنها قالت: واشماتة أعداء عسيى بعيسى (تعني به ولد أبي عمران)، فقال لها الشيخ رحمه الله: قولي: لأعداء عيسى لا يموتون.
وقيل إنه توفي عن غير ذكر، وعصبه بيت المال والعلم لله.
وكانت وفاته رحمه الله في 13 رمضان سنة 430هـ ودفن ببيته، وقبره معروف بالقيروان إلى اليوم.