الشيعة بين كذبة الويل لأمريكا وحقيقة الذبح لأهل السنة محمد بوقنطار

لقد تكشفت الحقيقة، وبان في الأفق واضحا الوجه البشع لأعداء الأمة على الحق والصدق، وهذه والله من أكبر حسنات هذه الفتنة الأخاذة التي شابت منها الولدان: إنها حسنة الوقوف بتدبر وروية، وترتيب أوراق، وخندقة أمور في حقل الوضوح، على حقيقة الشعارات التي أسكرت الأمة طويلا، وسرقت منها لحظة الحذر واليقظة، شعارات: مثلث الشر، ومحور الممانعة، وخط المقاومة، وحلف اللاءات المرفوعة في وجه الغرب وسليلته البلفورية المسماة “دولة إسرائيل”.

ما هو الفرق بين التعاطي مع الملف الليبي أثناء ثورة الشعب على نظام معمر القذافي، حيث كانت الضربة استباقية، وبين هذا التباطؤ واللامبالاة من طرف المجتمع الدولي مع مأساة الشعب السوري، وإن شئت فقل الأكثرية السنية ببلاد الشام؟!

إن كذبة قولهم “الويل لأمريكا، الويل لإسرائيل” لم تتجاوز حناجرهم، ولم تتجاوز بهرجتهم الشفهية، بينما الواقع يشهد بالصوت والصورة كيف تبطش أيديهم بأهل السنة، فإن كان الويل لأولياء نعمتهم فالذبح لأعدائهم من أهل السنة.

قد لا يجد المرء دليلا أدل ولا أوضح ولا أقطع في نسف عرى خدعة دعاوي التقريب بين أهل السنة وأهل التشيع، من دليل النظر إلى مأساة ومعاناة أهل السنة سواء الذين يكتمون إيمانهم داخل إيران المجوسية، أو المستعمَرين من عرب الأحواز؛ إذ لو صدقت الدعوى لكان التقريب بين طوائف الشعب الإيراني ضرورة ملحة تقتضيها مصلحة الوطن وضرورات التعايش داخل إمرة الحكم الواحد.
واليوم، وقبله بقليل، انضاف إلى زخم الاستدلال والبرهان على تغليط هذه النظرية، ومحاصرة هذه الخدعة التي تأثر بها الكثير من علماء الأمة، والذين كانوا ضحية حسن الظن من جهتهم، وإتقان دين التقية من الجانب الآخر، ما صرنا نراه بالمسموع والمسطور والمنظور من تدخل سافر لإيران المجوسية، والدعم اللوجستي والاستراتيجي الذي قدمته لأعداء الأمة، سواء في العراق، أو في أفغانستان.
واليوم نراها كيف تذبح الصبية، وتغتصب الحرائر، وتستحيي النساء، وتعمل آلة القتل الهمجية في الأكثرية السنية بأرض الشام، مسانَدة منها للنظام النصيري الذي بنى قواعد حكمه على استئثار أقلية شيعية كانت ترعى الماعز في مرتفعات الشام بمقاليد الحكم، بعد ذلك الانقلاب العسكري الذي أوصل الأسد الأب إلى سدة الحكم، هذا في الوقت الذي ترعى فيه ثورة الطغمة الشيعية الهالكة في مملكة البحرين، وبلاد اليمن، وفي الكثير من البلاد الإسلامية التي تسلل إليها وباء التشيع لواذا على غفلة من حكامها وعلمائها الذين ملأت أجندة فكرهم وتحركهم حسنة ومزية توحيد صفوف الأمة، وإذابة ملة الاختلاف في حوجلة التنازل الذي لن يكون إلا من جانب واحد، ذلك هو الجانب السني الذي صارت أكثريته قلة وزبدا وغثاء يكاد يذهب جفاء.
ولا أدل على هذه الحقيقة المرّة من قول أحد دعاة التقريب من أهل السنة كما نقل ذلك الدكتور مصطفى السباعي في كتابه “السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي”، وهو يقول: “فتحت داراً للتقريب بين السنة والشيعة في القاهرة منذ أربعة عقود، لكنهم رفضوا أن تفتح دور مماثلة في مراكزهم العلمية، كالنجف وقم وغيرها، لأنهم إنما يريدون تقريبنا إلى دينهم”، دين سب الصحابة وتكفيرهم، والطعن في أمهات المؤمنين، ونبز بيت النبوة بمعرة الخيانة، والتشكيك في محفوظية أدلة تشريعنا من كلام الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
لقد أرادوا الطعن في المنقول، فاختاروا الطريق إلى ذلك من باب الطعن في النقلة، وتلك والله نيتهم، وذلك والله قصدهم الذي ما كان لنا أن نتجرأ ونتألى بالقسم عليه إلا بعدما رأينا أطفالا رضع تذبح، وأعراض صغيرات تنتهك، على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، المتواطئ مع العصابة الصفوية المجوسية، وأختها من الرضاعة حكومة الشبيحة الأسدية.
لقد تكشفت الحقيقة، وبان في الأفق واضحا الوجه البشع لأعداء الأمة على الحق والصدق، وهذه والله من أكبر حسنات هذه الفتنة الأخاذة التي شابت منها الولدان: إنها حسنة الوقوف بتدبر وروية، وترتيب أوراق، وخندقة أمور في حقل الوضوح، على حقيقة الشعارات التي أسكرت الأمة طويلا، وسرقت منها لحظة الحذر واليقظة، شعارات: مثلث الشر، ومحور الممانعة، وخط المقاومة، وحلف اللاءات المرفوعة في وجه الغرب وسليلته البلفورية المسماة “دولة إسرائيل”.
ونحن لازلنا نتذكر كيف كان الشارع العربي يتفاعل مع الوعيد والتهديد المرخص له من ذي قبل، وعيد الرئيس نجاد وتهديده بمسح “إسرائيل” من جغرافيا المنطقة، وكيف تفاعل الشارع العربي السني مع الحرب التي خاضها بالوكالة نائب إيران في لبنان حزب اللات، وهي حرب محدودة المدة، معدودة الكلفة، معلومة المجال الزمني، أي “من-إلى”؛ ولعل الناظر إلى حجم الخسارة، من أجل تحديد جانب النصر وجانب الهزيمة، سيقف ولا شك على حجم الدمار الذي أعمله الطيران الصهيوني في العمران السني، والبنيات التحتية للكيان السني في لبنان، وهو دمار أعاد لبنان إلى الوراء عقودا وعقودا، بينما أضاف حزب اللات بقليل خسارةٍ وساما إلى تحركه المدخون في المنطقة، وأعطى للخط الشيعي وتمدده في المنطقة هامش كر واستقطاب بلغ مداه، أن أصبحنا في مغربنا على سبيل المثال نسمع عن خبر وجود ثلة تقدح في إجماعنا السني، وترفع في وجه المغاربة المالكيين لواء التشيع الرافضي.
إن كذبة قولهم “الويل لأمريكا، الويل لإسرائيل” لم تتجاوز حناجرهم، ولم تتجاوز بهرجتهم الشفهية، بينما الواقع يشهد بالصوت والصورة كيف تبطش أيديهم بأهل السنة، فإن كان الويل لأولياء نعمتهم فالذبح لأعدائهم من أهل السنة.
ولعل الوقوف على حقيقة هذا الشر المتربص بالأمة، وقراءة تجلياته المقبوحة على أرض الواقع، وكيف أن هذه الوقائع والتجليات كشفت بما لا يدع ريبا ولا شكا، أن قلوب القوم السوداء سواد عمائمهم هي نسخة طبق الأصل لما هو مبثوث في كتبهم السوداء، حمّالة العقائد الفاسدة التي تشرح سطورها قضية أن لنا دينا وللقوم دين غير ديننا.
فلا داعي لمجهود يقرب الأفعى من تخومنا، ولا داعي لمجهود نضيعه مع قوم أثبت التاريخ -وها هو يعيد نفسه- أن ما من هزيمة لحقت بدولة الإسلام إلا كان لأحفاد ابن سبأ دخل بالعدة والعتاد والرأي والمشورة فيها، ولا داعي لإضاعة مجهود يمكن أن نستثمر وسعه في التقريب بين صفوف أهل السنة أنفسهم، الذين شرذمتهم وأذهبت ريحهم عصبيات وخصوصيات ومذاهب أسيء فهمها وتجاوز تنزيلها مفهوم الأمة الواحدة، ذات القرآن الواحد، والنبي الواحد، والمصير الواحد، والعدو الواحد.
ولا يغرنكم التشدق بكلام من قبيل أمة المليار ونيِّف، فإن الدخن تسلل إلى الصفوف، حتى صارت كثرتنا من طيف إلى أطياف أضاعت الصلاة، واتبعت الشهوات، وحملت لواء قوميات وأحزاب كلها تدعي الوصل بليلى، وليلى لا تقر لهم بذلك.
كما لا يغرنكم -وهذا بيت القصيد- رفع إيران، وحزب اللات، ونظام الشيعة السوري، لاءات المقاومة، وضجيج الممانعة، فها نحن نرى، ولنفترض قبل أن نرى صحة هذه الدعوى، ثم نتساءل عما كان يكون لو كانت فعلا سوريا بنظامها تمثل وأخواتها محور الشر وخط المقاومة، أكانت دول التحالف الأمريكي الغربي تمهلها ساعة؟
ثم ما هو الفرق بين التعاطي مع الملف الليبي أثناء ثورة الشعب على نظام معمر القذافي، حيث كانت الضربة استباقية، وبين هذا التباطؤ واللامبالاة من طرف المجتمع الدولي مع مأساة الشعب السوري، وإن شئت فقل الأكثرية السنية ببلاد الشام؟!
فإن قال قائل أن هذا التباطؤ واللامبالاة هو نتيجة لتعنت الموقف الروسي، قلنا أن مصالح روسيا كانت مع ليبيا ومصر، ولم نسمع لممانعتهم ركزا، فإن دل هذا فإنما يدل على أن اللاعب الرئيسي في ملف المدافعة والحماية من أي تدخل عربي أو أجنبي، هو اللاعب والفاعل الشيعي الذي تمثله على الورق والواقع دولة إيران، التي تبين بالملموس والملحوظ أنها خلية سرطانية لا تقل خطورة عن أختها “إسرائيل” في المنطقة العربية ذات الأغلبية السنية المغلوب على أمرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *