“الشذوذ الجنسي” و”الشواذ” في الميزان الشرعي محمد أبو الفتح

إنه لمن مصائب هذا الزمان، أن نحتاج إلى إقامة الأدلة على بشاعة جريمة اللواط، فهذا إن دل على شيء؛ فإنما يدل على أن الفطر قد انتكست، وأن البصائر انطمست، وأننا نعيش ذلك الزمان الذي تنقلب فيه الحقائق، فيصير المعروفُ منكرا، والمنكرُ معروفا.

ومن المعلوم أن الذين يدافعون عن جريمة اللواط قوم قد استعبدتهم الثقافة الغربية، فلا ينظرون إلا بمنظورها، ولا يحكمون إلا بحكمها، فهم يسبحون بحمد الغرب آناء الليل وأطراف النهار، ويستدلون بالنصوص التي أوحيت عليهم منه(1)، فإن بلغتهم دعوة من دعواته أَمَّنُوا خاشعين، وإن تُلِيَ عليهم حُكْمٌ من أحكامه، طأطئوا رؤوسهم قائلين: صدق الغرب العظيم. وأما حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يعنيهم شيئا، ولذلك فليس خطابي مُوَجَّها إليهم، وإنما أخاطب من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه نبيا ورسولا، فأقول مستعينا بالله:

 الشذوذ الجنسي والشواذ في القرءان الكريم:
ذكر الله تعالى الشذوذ الجنسي وأصحابه في مواطن من كتابه نختار منها قوله تعالى:
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَوَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَفَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَوَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ[الأعراف80-84].
ففي هذه الآيات ذم الشذوذ الجنسي وأهله من وجوه:
1. أن الله تعالى سماه فاحشة، والفاحشة : الفعل القبيح المفرط القبح [القرطبي 12/184].
2. أنه فاحشة لم تعرفها البشرية إلا في عهد قوم لوط، مما يدل على أنه انحراف شديد عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
3. أن الله تعالى سمى أهل الشذوذ الجنسي مسرفين، أي: متجاوزين الحد في الفجور[الشوكاني5/125].
4. أن الله تعالى سماهم مجرمين.
5. أن الله تعالى أهلك أسلافهم بعذاب لم يعذبه أحدا من العالمين قبلهم، والجزاء من جنس العمل.
هذا هو حكم الشذوذ وحكم أهله في القرءان الكريم، فهل نصدق الله تعالى، أم نصدق قوما لا خلاق لهم، يريدون أن يحكموا على كلام الله تعالى بالمنظور العَلماني الغربي؟!

 الشذوذ الجنسي والشواذ في السنة النبوية:
• الشذوذ من أخوف ما خافه الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته:
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أخوف ما أخاف على أمتي من عمل قوم لوط” [صحيح الترغيب2417].

• الشذوذ سبب لانتشار الأوبئة:
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “يا معشر المهاجرين! خمس خصال إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا…”[صحيح الترغيب2419]

• الشواذ ملعونون:
عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من غير تخوم الأرض، ولعن الله من كمه أعمى عن السبيل، ولعن الله من سب والديه، ولعن الله من تولى غير مواليه، ولعن الله من وقع على بهيمة، ولعن الله من عمل عَمَلَ قوم لوط (قالها ثلاثا في عمل قوم لوط)”.[صحيح الترغيب 2421]

• الشواذ لا ينظر الله إليهم:
عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا ينظر الله عز وجل إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها” [صحيح الترغيب 2424].

• الشواذ حكم عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإعدام:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به”[صحيح الترغيب2422].
هذا حكم الشذوذ وأصحابه في السنة، فهل نتبع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أم نتبع قوما أراذل، يدافعون عن الرذيلة تحت غطاء حقوق الإنسان؟!

حكم الشذوذ الجنسي والشواذ عند فقهاء الإسلام :

اختلف الأئمة في اللواط هل يوجب الحد أم التعزيز (عقوبة يجتهد في تحديدها الإمام)؟
1. قال المالكية والحنابلة والشافعية: إن اللواط إذا ثبت يوجب الحد لكنهم اختلفوا في صفة الحد.
أ‌- فقال المالكية (2)والحنابلة وفي رواية عند الشافعية: إن حد اللواط الرجم بالحجارة حتى يموت الفاعل والمفعول به، بكرا كان أو ثيبا، ولا يعتد فيه بالإحصان وشرائطه المذكورة في حد الزنا، أو يقتلان بالسيف حدا.
ب‌- وقال الشافعية في رواية: حده مثل حد الزنا، فيعتبر فيه الإحصان، وهو مذهب سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وقتادة، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، فيجلد البكر ويغرب، ويرجم المحصن منهما حتى يموت؛ لأنه نوع من الزنا.
1. وقال الحنفية: لا حد في اللواط، ولكن يجب التعزير حسب ما يراه الإمام رادعا للمجرم، فإذا تكرر منه الفعل ولم يرتدع أعدم بالسيف تعزيرا لا حدا، حيث لم يَرِد فيه نص صريح”(3).
هذه مذاهب أئمة الإسلام فيمن عمل عَمَل قوم لوط، فهل نتبعهم في محاربة هذه الفعلة الشنعاء، أو نتبع أهواء قوم قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (المائدة77).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1])  قال تعالى: )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ( (الأنعام112).

([2])  قال إمامنا مالك رحمه الله: “من فعل ذلك بصبي رجم ولم يرجم الصبي، وإن فعل ذلك كبيرٌ بكبير رجما جميعا، وإن لم يُحصنا” (المدونة 4/485).

([3])  انظر الفقه على المذاهب الأربعة (5/130).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *