منذ قيام ثورتهم سنة 1979، والإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي، الذي كان من أقوى حلفاء الغرب، عمل الشيعة على تصدير مبادئ الثورة إلى دول الجوار بهدف تشييع المجتمعات السنية لضمها لاحقا في إطار الخطة الخمسينية لبناء إمبراطورية فارس الكبرى، حيث جندت الجمهورية الصفوية آلاف العملاء، تارة تحت ستار دعاة وطلبة علم، وأخرى تحت قناع مؤسسات العمل الخيري والتواصل الثقافي، وقامت بتوزيعهم في ربوع العالم الإسلامي، ولاسيما في دول الخليج وبلاد الشام، وذلك وفق مخطط محكم يبدأ بنشر العقيدة الرافضية وبث تعاليمها في المجتمعات السنية، وينتهي بتشكيل ما يشبه اللوبيات الضاغطة المكونة أساسا من الفئات المستقطبة، والتي تشبعت بأفكار الثورة، فيتم توظيفها لخدمة الأجندة الصفوية، والعمل من خلالها على تمرير سياسات، وإحداث قلاقل وأزمات تفكك النسيج المجتمعي، والتماسك السياسي في تلك الدول، تمهيدا للسيطرة الكاملة عليها.
حين نستحضر ما سبق، ونضعه في مقابل ما استجد مؤخرا بخصوص العلاقات بين المغرب وإيران، وسعي الأخيرة لرأب الصدع الذي كان قد أحدثَه عمل دبلوماسييها بالرباط على نشر عقيدة الولي الفقيه في المجتمع المغربي، وهي الخطوة التي كانت سببا مباشرا في طرد المغرب للسفير الإيراني وقطع جميع العلاقات مع طهران سنة 2009؛ فإننا لابد أن نتساءل:
ما هي مسوغات الدبلوماسية المغربية لإعادة ربط الصلة بدولة قامت على عقيدة فاسدة ترى في كل الأقطار السنية عدوة ينبغي إما تشييعها أو استئصال شأفتها؟
وأين هي وزارة الأوقاف من هذا التقارب الذي سيهدد لا محالة «الخصوصية المغربية» التي لا تفتأ المؤسسة الدينية الرسمية تذكر بها وترفعها في وجه المذاهب المخالفة؟
وهل سنرى نفس القبضة الحديدية لوزارة الداخلية في تعاملها مع ما يسمى «الخلايا التكفيرية» مع خلايا إيران النائمة، والمنتشرة في مختلف ربوع المملكة؟
فحتى لا نكتوي بالنار المجوسية التي طالت دولا شقيقة استصغرت خطر دين ابن سبأ، ففتحت الباب مشرعا أمام الغزو الصفوي، وهي اليوم تعاني الويلات من إجرام وإرهاب المتشيعة الذين لا يطيب لهم عيش في أي بقعة إلا بإبادة من فيها من أهل السنة؛ كان لزاما فتح هذا الملف تبصيرا للجاهل وتذكيرا للغافل.