حوار مع الشيخ الدكتور محمد المغراوي

“ولو كان مَن رفع التحفظات على القدر الكافي من الوعي والحكمة لما أقدم على هذه الخطوة غير محسوبة العواقب”

أحكام الدين الإسلامي من المقدس الذي لا يجوز المساس به، وذكرنا في بعض مداخلاتنا أن هذا المكسب تنبغي المحافظة عليه وصيانته من قطاع الطرق واللصوص الذين لم يرضوا به وسيسعون للالتفاف عليه.

فما فائدة دستور إذا لم يكن ملزما للجميع، لا تتلاعب به أيدي الغربيين والمستغربين؟
1- ما رأيكم فيما أقدمت عليه الحكومة من رفع التحفظات على المادة 16 من اتفاقية “سيداو”؟
العقلاء يحرصون في مثل هذه الظروف أن يجتنبوا كل ما من شأنه أن يزيد الطين بلة والطنبور نغمة، وظروف البلد لا تحتمل مثل هذه المغامرات الوخيمة العواقب، ولو كان من رفع التحفظات على القدر الكافي من الوعي والحكمة لما أقدم على هذه الخطوة غير المحسوبة العواقب.
والحقيقة أن رأيي واضح في الموضوع؛ وأن المساس بأحكام شرعية مجمع عليها في الجملة يعد خروجا عن الدين والدستور وقوانين البلاد؛ ولا يملك أحد في بلاد الإسلام أن يحل ما حرم الله أو يحرم ما أحل الله، وقد صرح بهذا الملك الذي يعد أعلى سلطة سياسية في البلاد، وبهذا المقتضى عقدت له البيعة، فكيف يقبل ممن هو دونه من أعضاء الحكومة وغيرهم.
وهناك حال واحدة يمكن أن يقبل المسلم فيها بهذا الأمر؛ وهو أن تحذف السور التي تضمنت أحكام الأسرة؛ وعلى رأسها سورة البقرة والنساء والمائدة والنور والأحزاب والمجادلة والممتحنة والطلاق.
فهل يريد هؤلاء أن يفعلوا كما فعل بعض الأمريكيين حين أخرج مصحفا سماه “القرآن الحق” جعله من سبعين سورة بدل (114)؟!!

2- لقد عرف عنكم أنكم دعوتم للتصويت بنعم على الدستور، فكيف تقيمون هذا التصويت في ضوء ما أقدمت عليه الحكومة؟
نحن صوتنا بنعم على الدستور لاعتبارات أهمها أنه عزز الهوية الإسلامية وأكد أن سمو المواثيق الدولية وكل قانون مقيد بما لا يتنافى مع أحكام الدين الإسلامي، وأن أحكام الدين الإسلامي من المقدس الذي لا يجوز المساس به، وذكرنا في بعض مداخلاتنا أن هذا المكسب ينبغي المحافظة عليه وصيانته من قطاع الطرق واللصوص الذين لم يرضوا به وسيسعون للالتفاف عليه.
فما فائدة دستور إذا لم يكن ملزما للجميع، لا تتلاعب به أيدي الغربيين والمستغربين؟
ومهما كانت ضغوط الخارج فإن المغاربة لن يفرطوا في شرعهم وفي الأحكام التي تحفظ أخلاقهم وأسرتهم، حتى المقصرون منهم أو المفرطون عندهم عاطفة دينية تجعلهم يرفضون التلاعب بمقدساتهم وأحكام القرآن الكريم والسنة النبوية.

3- ما هي الخطوات التي تعتزمون القيام بها إزاء هذا الأمر؟
لقد أشرت إلى أن كل مغربي مسلم لن يقر بما قد يترتب على هذا الفعل من أحكام عملية أو تعديلات في مدونة الأسرة، وواجب العلماء في هذا أوكد من واجب غيرهم، وبناء عليه فسوف نسلك كل المسالك الشرعية للتعبير عن رفضنا القاطع للمس بالأحكام الشرعية، وتوعية عموم الناس بخطورة هذا الأمر، نسأل الله تعالى أن يلهم المسؤولين رشدهم ليتفادوا كل ما من شأنه أن يزيد الأوضاع تأزما واحتقانا.
وأنا أشعر أن هناك صراع بين من يريد الإصلاح وبين غيرهم من المفسدين، وسندعم المصلحين بكل قوتنا إن شاء الله.
قال الله تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ، وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 116-117].

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *