مفهوم الانفتاح من المفاهيم التي أصبحت دارجة في كل قطر من أقطارنا العربية والإسلامية خاصة في السنوات الخمس الأخيرة، مما دعا الكثير من وسائل الإعلام إلى احتضان هذا المفهوم والإسهاب في تعريفه وتوصيله إلى أذهان الشعوب العربية الإسلامية بوجه الخصوص.
ولعل الكثير منا يتساءل عن سبب الإصرار على دمج هذا المصطلح في مفاهيمنا، وفرضه علينا قسرا؟
استغل هذا المصطلح ضدنا نحن المسلمين استغلالاً خبيثاً، وكأننا من عالم آخر وكوكب غريب، كل من يسكنونه عبارة عن أمة متخلفة متحجرة متقوقعة تعشق الدهاليز المظلمة وتعيش في انحطاط وضياع، أقوام بربرية شرسة لا تفقه شيئاً عن العلم والتعلم، لذلك أتت تلك الدعوات عبر سياسة القنوات الإعلامية التي تتزعمها الدول الغربية الكبيرة بقيادة أبناء العم “سام” وتطالب مشكورة الأمة العربية بالانفتاح عبر قنوات العلمانيين.
الناظر في التاريخ الإسلامي يرى ما لا يراه غيره، فهو يعرف ويعلم أن ديننا الإسلامي منذ 1400 عام كان من أكثر الحضارات انفتاحاً على الشعوب كلها، تلك الحضارات التي مارست الانغلاق على شعوبها وعملت على قطع كل وسيلة من شأنها العمل على تبصير وتنوير تلك الشعوب خوفاً من أن يأتي يوم فتثور عليها وتستأسد.
إذا ما هو الانفتاح الذي نحن مطالبون به؟
هل هو الإذعان والتقليد ومسايرة سلوكيات ومبادئ ومعاملات فرضت علينا فرضاً كي لا نغرد خارج السرب؟
وهل لابد لنا من التسليم لهذا الواقع حتى نسلم من الاتهامات الموجهة إلينا؟
وهنا لنا أن نتابع التساؤل:
لماذا تظل الدول المسلمة تفتح أبوابها وبيوتها بكل ترحيب وكرم حاتمي للكثير من الأفكار والفضائيات الغربية التي عملت على تهديم مبادئنا وتمييع شبابنا والقضاء على ما بقي من غيرتنا؟ بينما نجد الدول الغربية التي تدعي الانفتاح تعمل على اتباع سياسة التعتيم الإعلامي الموجه والمقصود لشعوبها لضمان عدم وصول الحقائق إليها كما هي في الواقع، فالأمريكي يعيش في قمقم لا يدري أين توجد أغلب بلدان العالم بل أغلب الأمريكيين بفعل التعتيم الممنهج والانغلاق غير المباشر يظنون أن الفلسطينيين هم من احتل “إسرائيل” وأن طفل الحجارة يهودي والدبابات والصواريخ فلسطينية؟
هل الانفتاح المقصود أن تخلع المرأة المسلمة حجابها وتلبس القصير من الثياب، أو أن نرى شبابنا يعلقون السلاسل والصلبان على رقابهم؟
هل الانفتاح تغيير مفرداتنا العربية والانسلاخ من عاداتنا وتقاليدنا؟
هل الانفتاح هو الدعوة إلى حرية الاعتقاد المرادفة لحرية الارتداد التي أصبحت ظاهرة شائعة في المنابر الإعلامية، يقودها مثقفون وفنانون ونجوم معروفون، فلم يعد مشكلا التحدث عن التنصير أو التهويد، أما الجرائد والمجلات العلمانية المغربية فلا يفوتها عدد واحد إلا وتعرض فيه صورا لفتيات شبه عاريات وفي بعض الأحيان عاريات (مجلة نيشان العدد 113-114)، في منظر مخل بالدين والحياء والقيم؟
هل الانفتاح هو الدعوة إلى الشذوذ الجنسي الذي أصبح مسموحا به، دليل ذلك التشجيع المنقطع النظير الذي أصبح يحظى به الشاذ “عبد الله الطايع”، والمتحول جنسيا “نور”؟
هل الانفتاح هو تشجيع السياحة الجنسية، حتى أصبحت مدن كمراكش وأكادير.. قبلة لمفترسي اللحوم البشرية، ومزبلة ومستودعا يقصده آكلوا الجيف الجنسية، فأضحى المغرب يوسم بكونه بلدا مستقبلا للمنحرفين والشواذ من كل حدب وصوب، ويقارن بدول رائدة في السياحة الجنسية كـ”الطايلند”؟
هل الانفتاح هو التخلي عن ثقافة اللباس الإسلامية لتصبح موضة البطن المكشوف و”الطاي باس” والأكتاف العارية هي الموضة السائدة، حتى أن من المغاربة المتمسكين بدينهم من أصبح يتجنب الخروج في أوقات الذروة إلى الطرقات العامة كي لا يتجنب منظر اللحوم المكشوفة؟
فعن أي انفتاح يتحدثون؟
وهل هناك انفتاح بعد هذا الانفتاح؟
إذا كان هذا هو الانفتاح الذي ينشده العلمانيون، وله يطبلون ويزمرون فمرحباً بالعزلة والعيش في العتمة، أفضل من العيش في النور منسلخين من مبادئ الدّين والقيم والهوية.