حوار مع الوزير الحبيب الشوباني على هامش الحوار الوطني حول المجتمع المدني أجرى الحوار: محمد بوقنطار

كل الجمعيات التي تنشأ في إطار القانون لا يجب أن يصادَر منها هذا الحق إلا بالقضاء، وهذا هو الذي يجب أن نعمل عليه في دولة القانون والمؤسسات، أي أن لغة التعسفات ولغة المزاجية في التعاطي مع القانون، فهذه الأمور -وفي إطار هذا الحوار- يجب أن تنشأ منظومة قانونية تجرم هذا السلوك، حتى يكون القضاء هو السلطة المخول لها النظر في مدى قانونية عمل معين، أو جمعية معينة، أو أي مؤسسة.

1- السيد الوزير، باعتبار الحوار الوطني حول المجتمع المدني هو محطة مهمة للإنصات وتجميع الآراء، هل ثمة أهداف جديدة جاء بها هذا الحوار، أو يتوخى تنزيلها على مستوى منظومة المجتمع المدني؟
هذا الحوار الوطني له أهداف دقيقة يمليها الدستور الذي مكن المجتمع المدني من أدوار جديدة، ولكي يمارسها يحتاج الأمر إلى منظومة قانونية تكون في مستوى هذه الحقوق والواجبات.
الهدف هو أن نصل إلى منظومة قانونية جديدة مُحَيَّنة تحمي الحقوق والحريات، وتمنع أي تعسف ضد أي إطار مدني يعمل في إطار القانون.
والهدف الثاني قلنا حتى يكون هناك تفعيل للدستور لابد أن يكون تأهيل للمجتمع المدني، وبالتالي الحياة الجمعوية التي هي وعاء يقع فيه هذا الفعل المدني، يجب أن يتم تطويرها حتى تكون في مستوى هذا الدستور، مع ضرورة خلق وإيجاد ميثاق أخلاقي وثقافي يكون بمثابة أرضية مؤطرة للوعي على شكل مدارسات ومناهج تقتحم بوابة تعليمنا، فهذه جملة من الأهداف التي جاء من أجلها هذا الحوار، والتي من أجلها أحطناه بضمانات على رأسها مبدأ الاستقلالية، وكذلك رصدنا له إمكانيات مالية مهمة، وذلك حتى يستطيع أن يفي بما يفرضه الامتداد الزمني والمكاني لتنزيله، حيث ستقوم لجنة مختصة بفتح أوراش حوارية في 16 جهة من تراب المملكة ستتوج بمناظرة ختامية حول ما تم فعله والتوصل إليه، وذلك بتاريخ 13 مارس 2014، بالإضافة إلى فتح مواقع إلكترونية للتواصل مع إصدار الكثير من البيانات والمذكرات، وندوات مركزية وأخرى دولية، إذ من المقرر الاستفادة من خبرات دولية في هذا الجانب مع شركاء دوليين جيدين.

2- هناك بعض الجمعيات التي مر على وجودها في الساحة المغربية قرابة أربعة عقود، ظلت خلالها وفية لنشاطها الديني التربوي والتوعوي، بل انخرطت في أوراش وطنية ذات بعد اجتماعي وثقافي، ومع هذا نرى البعض اليوم يدفع في اتجاه جعلها نشازا وشذوذا عن جسد المجتمع المدني، فهل ثمة خدمة يمكن أن يقدمها هذا الحوار يكون لها الشأن في رفع الحيف عنها؟
هذا الحوار الوطني مفتوح للجميع، لكل من يشتغل في إطار القانون المغربي المنظم للحريات وللجمعيات، وبالتالي هذه الإشكالات يجب أن تكون حاضرة في هذا الحوار، لكي تناقَش وتُبحث على نطاق واسع، ويتم تشخيص هذه الاختلالات وهذه التظلمات التي تتار اليوم ويقع بسببها تضرر أطراف مدنية تشتكي من هذا الحيف.
هذا الموضوع يجب أن يكون ضمن فعاليات الحوار، ومقترحات هذه الجمعيات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ويظل الهدف هو أن نصل إلى منظومة قانونية جديدة مُحَيَّنة تحمي الحقوق والحريات، وتمنع أي تعسف ضد أي إطار مدني يعمل في إطار القانون.

3- ألا ترون أنه في ظل الالتباس القائم فيما يخص من يدخل ومن يخرج من مادة جسم المجتمع المدني، أن هناك حاجة ملحة تلوح في الأفق القريب، تدفع في اتجاه الإسراع بتنظيم ندوات وأوراش تمكنون فيها للكثير من الجمعيات معرفة ما لها وما عليها، وفق مقاربة قانونية وحقوقية تستجيب لمطالبها العاجلة، بعيدا عن الحسابات السياسوية التي يركبها بعض من شركاء المجتمع المدني؟
صحيح، وأعيد التأكيد على أن هذه المرحلة بطبيعتها فيها التباسات، وفيها إكراهات باعتبار أنها مرحلة انتقالية، بالنظر إلى أن بين ما كان عليه الأمر قبل الدستور وبعد الدستور يمكن الكلام عن الانتقال من وضعية إلى وضعية، فتثبيت الدستور وتفعيله على أرض الواقع كما أن له أنصار ومؤيدون، له خصوم، وله من لا يرغب في هذه الهندسة الجديدة، وبالتالي فالتشويش يقع على الحكومة وعلى الجمعيات، وعلى نوع من الجمعيات، ويقع على كل من يريد أن يتمتع بهذه الحقوق والواجبات.
ولذلك أعود لأقول بأن هذه المرحلة هي مرحلة جديدة يجب أن نتحلى فيها جميعا بالصبر وضبط النفس، وبالتحلي باحترام القانون، وكل ذلك مشروط بأفق أن ندخل عهدا جديدا يُحترم فيه القانون، فكل الجمعيات التي تنشأ في إطار القانون لا يجب أن يصادَر منها هذا الحق إلا بالقضاء، وهذا هو الذي يجب أن نعمل عليه في دولة القانون والمؤسسات، أي أن لغة التعسفات ولغة المزاجية في التعاطي مع القانون، فهذه الأمور وفي إطار هذا الحوار يجب أن تنشأ منظومة قانونية تجرم هذا السلوك، حتى يكون القضاء هو السلطة المخول لها النظر في مدى قانونية عمل معين، أو جمعية معينة، أو أي مؤسسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *