من أجندة دعاة الحقوق الكونية اتهام خير البرية صلى الله عليه وسلم بالإرهاب :أبومحمد عادل خزرون التطواني

الله -تبارك وتعالى- يملي للظالم ولا يهمله، ويملي للمستهزئ الساخر ولايتركه، وإذا أخذه؛ أخذه أخذ عزيز مقتدر؛ ﴿فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ ؛ أي: أمهلتهم قليلاً، ثم كان أخذه -تبارك وتعالى- أخذ عزيز مقتدر، ومن يتأمل التاريخ على طول مداه، يجد العقوبات الكثيرة والقوارع العديدة التي أحلها الله تبارك وتعالى بالمعادين للرُّسل، ولا سيَّما الساخرين المستهزئين، وقد قال الله تعالى مُطَمْئِنًا رسولَه صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ . وقال -جل وعلا-: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوالْأَبْتَرُ﴾ ؛ أي: الأقطع يقطع الله -تبارك وتعالى- دابره، ويمحق عينه وأثره.
وقد أحل الله -عز وجل- عقوباته الأليمة، ونكالَه الشديد بكل ساخر مستهزئ بأنبياء الله ورُسله الكرام، وكيف بمن يستهزئ بإمام المرسلين، وخاتم النبيينعليه صلوات الله وسلامه؟!
فالعاقل -فيما أظنُّ- مَن يفكِّر في العواقب قبل اتخاذ أيِّ إجراء، وهذه الأيام نسمع الإساءة المشينة لخَير البرية-صلى الله عليه وسلم-تتطايَر في فضاء بلدنا المغرب، على يد من لا خلاقَ له،أحمد عصيد االناشط الأمازيغي العلماني والباحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، على مرأى ومسمع الجميع.
هذا النكرة الذي جعله أعداء الإسلام -كمخلب قِط- في الكيد للإسلام والمسلمين، والطعن في ثوابت الدين والشريعة، بدعوى حرية الرأي والتعبير، والتستر وراء منظومة القيم الكونية التي أنتجها الغرب، ليطعن في نبي الإسلام، لا لشيء إلا أن الإسلام، في اعتقاده الفاسد، كان وراء نشر اللغة العربية على حساب اللغة الأمازيغية، وأن قيمه طمست معالم القيم الأمازيغية المتسامحة القابلة للتكيف مع التنوع الثقافي الذي يشهد له تاريخ هذه المنطقة.
ومن مكره وخداعه استغل أحمد عصيد فترة انشغال الرأي العام الوطني بمشروع قرار أمريكا القاضي بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو الصحراء لتشمل حقوق الإنسان، ليبث سمومه وحقده الدفين على نبي الإسلام صلوات ربي وسلامه عليه والتشكيك في رسالته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العاشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
حيث قال: “إنه لا يجب تدريس التلاميذ في الثانوي رسالة النبي محمد التي أرسلها لملوك وحكام ذلك العصر، يدعوهم فيها للإسلام وتبتدئ بعبارة أسلم تسلم لأنها رسالة إرهابية تهديدية”، مضيفا “فالرسالة التي تدرس في المقرر لتلامذتنا وهم في سن الـ16 هي في الحقيقة رسالة إرهابية، لأنها ترتبط بسياق كان الإسلام ينتشر فيه بالسيف والعنف، أما اليوم فقد أصبح المعتقد اختيارا شخصيا حرا للأفراد، ولا يمكن أن تدرس للتلميذ رسالة تقول إما أن تسلم وإلا أنك ستموت، وتدرس على أنها من القيم العليا للإسلام” حسب تعبير عصيد.
وهذه الإساءات ليست بالضرورة ناجمة عن جهل أحمد عصيدبالإسلام وبمبادئه، بقدر ما هي ناجمة عن عداء مستحكم وحقد مستبطن، وإنَّا لعلى يقينٍ جازم بأنَّ هذه الحملات على شراستها وما تكنُّه من حقد وكيد للإسلام لا تعدوأن تكون أقوالاً جوفاء لا تنقص من مكانة هذا النبي العظيم ومنزلته في قلوب العالم أجمع، بما حوى من الديانات والمذاهب والاتجاهات، وحاشاه عن ذلك كلِّه، ولسان حالنا يقول:
يا ناطحَ الجَبَلِ العالي ليَكْلِمَهُ أَشفِقْ على الرَّاسِ لا تُشفِقْ على الجبلِ
أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم -إلى كل ملك في زمنه رسالة يدعوه فيها إلى الله ويحدثه فيها عن جمال الإسلام ومحاسنه؛ فمنهم من أسلم كالنجاشي ملك الحبشة؛ ومنهم من أعجب بالإسلام ولكنه لم يسلم كالمقوقس ملك مصر وهرقل عظيم الروم والمنذر بن ساوي ملك البحرين؛ ومنهم من عاند وكابر ككسرى ملك فارس؛ حيث أرسل النبي-صلى الله عليه وسلم -إليه رسالة في السابع من شهر جمادى الأول من السنة السابعة للهجرة وهذهالرسالة نريد اليوم أن نتحدث عنها لمحو أكاذيب وافتراءات عصيد.
لقد اختار النبي صلى الله عليه وسلملحمل هذه الرسالة إلى كسرى ملك الفرس عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه وكان نص الرسالة يقول: “بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك.”
هذا نص الرسالة، رسالة عظيمة تحمل دعوة واضحة وكلاماً صريحاً بدأ النبيصلى الله عليه وسلم رسالته ببسم الله الرحمن الرحيم؛ ثم أنزل الملك منزلته وأعطاه قدره فقال من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس وسلم عليه وحياه بقوله ﴿وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾ ، وبيّن له في هذه الرسالة المختصرة عظمة الإسلام وأن الأمن والسلام على من آمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله. ثم وجه له النبيصلى الله عليه وسلمدعوة خاصة فقال له “أسلم تسلم” من عذاب الدنيا وخزيها وشقائها؛ وتسلم من عذاب الآخرة وجحيمها ونكالها؛ فإن أبيت فإن إثم شعبك عليك فتتحمل أوزارهم فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك إذا حجبت عنهم دعوة الإسلام؛ وحلت بينهم وبين التعرف على هذا الدين العظيم.
وصلت الرسالة إلى الملك وقام الترجمان بترجمتها له فلما قرئت عليه أخذها ومزقها ورمى بها؛ وقال: عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي إشارة إلى ما كتبه النبيصلى الله عليه وسلم في قوله: “من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس”؛ فلما بلغ خبر تمزيق الرسالة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مزق الله ملكه.
وفي ذلك اليوم استجاب الله دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم حين دعا على كسرى أن يمزق الله ملكه فقامت في تلك الليلة ثورة كبيرة ضد الملك؛ ثورة من داخل الأسرة الحاكمة نفسها؛ حيث قام ابنه شيرويه بن كسرى بثورة على أبيه فقتله وأخذ الملك لنفسه. فأعلم الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بخبر هذه الثورة وهلاك هذا الملك المغرور.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه رسول من عند الله مأمور بأمر الله أرسله الله للعالمين أجمعين إنسهم وجنهم؛ وعربهم وعجمهم؛ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ .
وقد ذكر المؤرخون كيف كانت ملوك النصارى يعظِّمون ذلك الكتاب الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره ابن حجر نقلاً عن السُهيلي:”أنه بلغه أنَّ هرقل وضع الكتاب في قصبةٍ من ذهب تعظيماً له، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه، حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة، ثم كان عند سبطه، قال: فحدثني بعض أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب، فلما رآه استعبر، وسأل أن يمكنه من تقبيله، فامتنع” .
قال ابن حجر رحمه الله:”وأنبأني غير واحد عن القاضي نور الدين بن الصائغ الدمشقي، قال: حدثني سيف الدين فليح المنصوري، قال: أرسلني الملك المنصور قلاوون ملك الغرب بهدية، فأرسلني ملك الغرب إلى ملك الفرنج في شفاعة فقبلها، وعرض علي الإقامة عنده فامتنعت، فقال لي: لأتحفنك بتحفةً سنية، فأخرج لي صندوقاً مصفحاً بذهب، فأخرج منه مقلمة ذهب، فأخرج منها كتاباً قد زالت أكثر حروفه، وقد التصقت عليه خرقة حرير، فقال: هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤنا، أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا، فنحن نحفظه غاية الحفظ، ونعظمه، ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا. ويؤيد هذا ما وقع في حديث سعيد بن أبي راشد .
فعن أي إرهاب يتحدث عصيد إذن!!!
أثبت العرش ثم انقش.
فلا نظن أنه يوجد بالمغرب إرهاب أخطر من هذا الفكر وأهله، فبالرجوع إلى مقالاته وأفكاره الشاذة التي تحث على زرع الفتنة بين العرب والأمازيغ بالمغرب، والتي لطالما حرض المغاربة عبرها على الفتنة، أية حقوق كونية يتحدث عنها عصيد تعطيه الحق في تجريح ملايين المسلمين ونعث رسالة نبيهم بالإرهابية؟
وأية حقوق كونية تجيز زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، وجعل المغرب قبلة للدعارة والشواذ كما يتشدق به عصيدوبعض أفراد نحلته، مدفوعين من أجندات خارجية هدفها زعزعة الأمن والتشكيك في ثوابت الأمة المغربية المسلمة، مستغلين تفوقهم الإعلامي ونفوذهم في أوساط المال والفن والإعلام.
وخلاصة القول:أذكر أحمد عصيد ومن هم على شاكلته من العلمانيين بقول الله جل في علاه:
﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً، إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً، أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً، أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَويَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *