اشتق لفظ التطبيع من الكلمة الإنكليزية (Normal) بمعنى العادي أو المعتاد أو المتعارف عليه، وهو (العودة بالأشياء إلى سابق عهدها وطبيعتها).
ويشمل (كل اتفاق رسمي أو غير رسمي أو تبادل تجاري أو ثقافي أو تعاون اقتصادي مع إسرائيليين رسميين أو غير رسميين) ويهدف إلى (إعادة صياغة العقل والوعي العربي والإسلامي بحيث يتم تجريده من عقيدته وتاريخه ومحو ذاكرته خاصة فيما يتعلق باليهود، وإعادة صياغتها بشكل يقبل ويرضى بما يفرضه اليهود).
ومآله: الاستسلام غير المشروط للأمر الواقع والاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب للأرض كدولة ذات شرعية، وتحويل علاقات الصراع بينها وبين البلدان العربية والإسلامية إلى علاقات طبيعية وتحويل آليات الصراع إلى آليات تطبيع”.
وبذلك يتضح أن المقصود بالتطبيع هو سلام دائم وليس عبارة عن هدنة مؤقتة ومسالمة يركن إليها المسلمون لضعفهم في زمن معين -كما يعتقد بعض من يقولون بجواز التطبيع- باعتبار أنه صُلحٌ أو سِلمٌ جنح له العدو، ولا يخفى أن هناك فرقا شاسعا بين اتفاقيات التطبيع وبين أحكام الهدنة والصلح التي ذكرها العلماء، وأهون ما يمكن أن يقال عن هذه الاتفاقيات أنها صلح دائم مع عدو محتل لأرض المسلمين غاصب لمقدساتهم، وهذا محرم باتفاق المسلمين.
وقد قال جمع من علماء المسلمين أن الصلح الدائم مع الصهاينة لا يجوز شرعا لما فيه من إقرار الغاصب على الاستمرار في غصبه والاعتراف بأحقيته لما اغتصبه، وتمكين المعتدي من البقاء على عدوانه.
وأخطر ما في التطبيع الذي يراد إقراره هو أنه في حقيقته صورة من صور الولاء، الذي يمكن أن ينتهي إلى التولي، والولاء والتولي لا يجوز إلا للمسلم، قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ” الممتحنة:1.
ولعلنا نتأمل أقوال بعض زعماء الصهاينة ونظرتهم إلى العلاقة التي يرغبون بإقامتها مع المسلمين.
يقول اليهودي هركابي (الأب الروحي لإسحاق رابين): لابد من إدماج العرب في المشروع الصهيوني وتوظيفهم لخدمته، وهذا ممكن من خلال التعامل السياسي (وليس العسكري) مع العرب؛ لأنهم قوم لا يتحلون بالمثابرة والصبر والدأب وسرعان ما يدب فيهم الملل والضجر والاختلاف، ويسلمون أمورهم حتى لأعدائهم في سبيل الغلبة في معاركهم وخلافاتهم الداخلية” كتاب (لا للتطبيع د. عبدالله النفيسي).
ويقول شيمون بيريز: “إن البقاء مستحيل لدينين لن يلتقيا ولن يتصالحا، وأنه لا يمكن أن يتحقق السلام في المنطقة ما دام الإسلام شاهراً سيفه، ولن نطمئن على مستقبلنا حتى يغمد الإسلام سيفه إلى الأبد”.
وفي مؤتمر التسامح الذي عقد قبل سنوات في المغرب قال ديفيد ليفي وزير خارجية العدو حينها: (إنه من أجل أن يقوم التسامح بيننا وبين العرب والمسلمين، فلا بد من استئصال جذور الإرهاب، وإن من جذور الإرهاب سورة البقرة من القران). (انظر: التطبيع.. أيصبح العدو اللدود صديقاً حميماً!).