على الرغم من التعتيم الشديد الذي مارسه الإعلام العلماني في مصر على كل الجهات الإعلامية التي سعت إلى فضح الانقلاب العسكري على أول رئيس منتخب بعد الثورة، وعلى الرغم من تكميم الأفواه وحجب الحقائق بإغلاق عشرات القنوات والصحف المستقلة، وعلى الرغم من تزوير الوقائع وطمس الشواهد من قِبَل إعلام الحزب الوطني البائد، إلا أن العالم استطاع كشف المؤامرة، وتمكن من معرفة تفاصيل الخطة الانقلابية التي حاك خيوطها زعماء ما يسمى بـ”جبهة الإنقاذ” بالتواطؤ مع فلول المخلوع حسني مبارك في “الجيش” و”الشرطة”.
ولم تكن مئات الصفحات التي أنشأها الشباب المصري على مواقع التواصل الاجتماعي بعيد الانقلاب، لم تكن وحدها التي عرّت الانقلابيين، فكبريات المنابر الإعلامية في الغرب نشرت أسراراً خطيرة تدين بالحجج الدامغة كل الذين شاركوا في تنفيذ الانقلاب العسكري من قريب أو بعيد، داخل مصر وخارجها.
وفي هذا المقال سنحاول رصد أهم ما جاء في المقالات والتقارير المتعلقة بالموضوع، والتي نشرتها وسائل إعلامية ذات صيت عالمي.
الانقلاب العسكري.. تخطيط أمريكي بتمويل خليجي
كشفت جريدة “وول ستريت جورنال” أن الانقلاب العسكري تم بتنسيق سري بين وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الدفاع الأمريكي “شاك هاغل”؛ وأضافت أن الرجلين كانا ينسقان ليس فقط فيما يتعلق بتوالي الأحداث في مصر، وإنما أيضا في الموقف مما يجري بالشرق الأوسط عموما، وأن وزير الدفاع الأمريكي تولى مهمة حث الجيش المصري على استعادة النظام والديمقراطية بطرق ترضي معايير واشنطن، وذكرت الجريدة على موقعها الإلكتروني أن “الرسائل الخاصة والمكالمات الهاتفية في الأيام الأخيرة بين هاغل والسيسي، تم وضع نقاطها من قبل صانعي السياسات من مختلف أرجاء الإدارة، بما في ذلك البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية”.
ولم تمُر سوى ساعات يسيرة على إعلان الفريق عبد الفتاح السيسي عزل الرئيس محمد مرسي عن حكم مصر، وتنصيب عدلي منصور (أحد رجالات مبارك) رئيسا مؤقتا، حتى هرولت الأنظمة الخليجية بلا استثناء لتقديم التهاني، ومباركة الانقلاب على أول رئيس لمصر بعد ثورة 25 يناير، ثم برهنت على سعادتها بذلك من خلال تقديم عشرات مليارات الدولارات للانقلابيين، في شكل منح وقروض.
وقد سبق هذا الموقفَ المخزي تحريضٌ كبير من الإعلام الخليجي الرسمي ضد حكم الدكتور محمد مرسي، كما أظهرت عدة تقارير تورط كل من الإمارات والسعودية في تقديم دعم مالي سخي للمعارضة العلمانية المتواطئة مع فلول الحزب الوطني.
ففي موقع “ديبكا” الصهيوني نقرأ أن “الجيش المصري لم يكن ليتمكن من الانقلاب بدون التمويل الخليجي، ومساعدة من المخابرات في السعودية ودبي”، وهو ما أكده إعلامي مصري في بث مباشر لأحد البرامج الحوارية، حيث كشف أن الانقلاب كلّف حوالي 6 مليارات دولار، دفعت القسط الأكبر منها كل من الإمارات والسعودية، لتمويل المظاهرات والاعتصامات وحملات التشويه الإعلامي، وأعمال البلطجة، وهو ما دفع “وول ستريت جورنال” إلى القول أن “هذا التحالف السري والتنسيق بين العسكر وحركة “تمرد” هو كلمة السر التي جعلت يوم 30 يونيو يشهد خروج الملايين إلى الشوارع لإسقاط مرسي، وإعادة العسكر من جديد إلى حكم مصر”، في واحدة من أدهى عمليات “هندسة الجماهير” وإثارتها، لتنفذ المطلوب منها بلا وعي، وهو ما نجح بشكل منقطع النظير في مصر.
دور الفلول في المؤامرة
بحسب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” فإن “الدولة العميقة رجال أعمال نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، سخروا أموالهم وكافة نفوذهم وإمكانياتهم لتقويض جهود الرئيس مرسي للارتقاء بالبلاد، ومحاولته بناء إجماع وطني مع قوى المعارضة”.
وأكدت الصحيفة أن “رموز ورجال نظام مبارك ساعدوا في تمويل وتنظيم المجموعات المعارضة التي شاركت في الإطاحة بالقيادة الإسلامية، ومن بينهم الملياردير النصراني نجيب ساويرس، والقاضية السابقة بالمحكمة الدستورية العليا تهاني الجبالي، وشوقي السيد المستشار القانوني لأحمد شفيق”.
وأشارت إلى أن رجل الأعمال نجيب ساويرس قدم كل أنواع الدعم المادي والإعلامي لحملة “تمرد” التي حرضت على الإطاحة بالرئيس مرسي، مشيرة إلى أن كل مقرات الحملة مِلك لساويرس.
من جانبها وصفت جريدة “ديلي بيست” الانقلاب العسكري بأنه “مواجهة بين الإسلاميين وعصابة من القوى العلمانية، وعناصر من النظام القديم، وجنرالات الجيش الذين انقلبوا على الشرعية”.
اختفاء الأزمات بعد الانقلاب يعكس حجم المؤامرات التي تعرض لها مرسي
بهذا العنوان كتبت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا مفصلا عن الأوضاع في مصر بعيد الانقلاب العسكري، فقد “اختفت فجأة كل الأزمات، من النقص الحاد في السولار والبنزين، إلى الانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي؛ بل عادت الشرطة إلى الشوارع لضبط الأمن، والقضاء على الجريمة”.
وفي نفس السياق، أشارت الصحيفة إلى أن أجهزة الدولة تآمرت على نظام الرئيس محمد مرسي لإفشاله، من خلال تغذية الغضب الشعبي والإحباط بين المواطنين على نطاق واسع، وذلك بخلق الأزمات السابق ذكرها لدفع المواطنين للنقمة على حكم الإسلاميين.
وتابعت الصحيفة أن فلول النظام السابق والمقربين من مبارك وكبار الجنرالات سعوا إلى إسقاط القيادة الإسلامية للبلاد، مشيرة إلى تورط عدد من رجال الأعمال المناصرين للنظام السابق، وأبرزهم الملياردير نجيب ساويرس الذي وصفته بـ”العدو الصريح” للإسلاميين، وهو الذي عمل على دعم حركة “تمرد” مادياً وإعلامياً.