لماذا اخترنا الملف؟

من أهم أسباب نشوب الخلاف بين المسلمين؛ ومن أكبر مداخل أعداء الدين؛ الانحراف عن فهم السلف لنصوص الشرع، وسلوك طرائق قددا لتأويل الوحي (الكتاب والسنة).
فمن المقرر أن المسلم لا يستطيع أن يعرف مرادَ الله ومرادَ رسوله صلى الله عليه وسلم إلا إذا استقام فهمُه لدلائل الكتاب والسُّنَّة؛ ولو تُركت النُّصوصُ للنَّاس كُلٌّ يفهم منها حسبما يُمليه عليه فهمُه وعقلُه، لشَطَّ النَّاسُ في الفهم شططًا بعيدًا؛ لذلك كان لابُدَّ من أصول علميَّة نلتزم بها في فهم النُّصوص.
وقد كانت معركة تحريف معنى النَّصِّ وتأويله على غير وجهه؛ معركة قديمة؛ بدأت منذ عصر الصَّحابة رضوان الله عليهم عندما بزغ قرنُ الخوارج الذين أرادوا تفسيرَ النُّصوص الشَّرعيَّة وفهمها فهمًا مغايرًا لفهم أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
فخرجوا بمقولات عجيبة وآراء شاذَّة غريبة مخالفة لما كان عليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم؛ فَكَفَّروا المسلمين بالذَّنب والمعصية، وخرجوا عن جماعتهم، فقاتلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه على هذا الفهم المحرَّف الجديد والتَّأويل المبتدع لكتاب الله.
وقد أخبرنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن هذه المعركة التي ستقوم بين المحرِّفين للنُّصوص عن معانيها، وبين أصحابه والتَّابعين لهم بإحسان المتمسِّكين بفهمها على المراد الذي أنزله الله تعالى.
فعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: كنَّا جلوسًا ننتظر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فخرج علينا من بعض بيوت نسائه، فقمنا معه، فانقطعت نعله، فتخلَّف عليها عليّ رضي الله عنه يخصفها، فمضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ومضينا معه، ثم قام ينتظره وقمنا معه فقال: «إنَّ منكم مَن يقاتل على تأويل هذا القرآن، كما قاتلت على تنزيله». فاستشرفنا، وفينا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال: «لا، ولكنَّه خاصف النَّعل». قال: فجئنا نبشِّره، وكأنَّه قد سمعه. (رواه أحمد في المسند والنسائي في السنن الكبرى، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 2487).
فقد أخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن مجاهدين من أمَّته يقاتلون على تفسير وفهم القرآن والسُّنَّة؛ ليردُّوا الناس إلى الفهم الحقِّ لهما، كما قاتل صلى الله عليه وسلم في بداية الإسلام على إثبات نزول القرآن، وأنَّه من عند الله.
فالمعركة مع أهل التَّحريف والتَّأويل الباطل مستمرَّةٌ لم تتوقَّف على مرِّ العصور والأيام، وفي كلِّ زمان لها دعاتُها وأربابُها.
وفي وقتنا الحاضر يرفع رايةَ التَّحريف فئامٌ من الكتَّاب والمفكِّرين تحت شعارات مختلفة يجمعها المطالَبة بتحريف دين الله، وإعادة فهم الإسلام ليتوافق مع الواقع. (انظر بدعة إعادة فهم النص للشيخ المنجد).
وحتى نوضح لقراء السبيل الكرام من هم السلف الصالح؛ وما المراد بالتقيد بفهم السلف الصالح للنصوص الشرعية؛ وأهمية هذا الفهم؛ ارتأينا فتح هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *