من هم السلف الصالح؟

السلف الصالح هم جمهور أهل القرون الثلاثة المفضلة من الصحابة والتابعين وتابع التابعين؛ الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية.
قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: ” خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم” البخاري.
ومن حيث المعنى الاصطلاحي، فلفظ السلف له إطلاقان:
الأول: إطلاقه على حقبة زمنية معينة (المفهوم التاريخي للمصطلح)
ويدل عليه حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ” خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم” البخاري ومسلم.
ولذلك جاءت عبارات العلماء على تحديد السلف على أنهم:
− جمهور أصحاب القرون المفضلة من الصحابة والتابعين وتابع التابعين، وهذا قول جماهير العلماء قديما وحديثا، ومنهم من زاد فيه إلى عصر الإمام أحمد. (انظر: التحف من مذاهب السلف للشوكاني 7-11؛ ووسطية أهل السنة بين الفِرق د محمد بن باكريم:98، ولوامع الأنوار البهية:1/20).
– وهناك من قصره على جيل الصحابة والتابعين؛ كالغزالي في إلجام العوام ص:53.
– ومنهم من قصره على جيل الصحابة فقط؛ وهو قول عدد من شراح الرسالة لابن أبي زيد القيرواني؛ ينظر وسطية أهل السنة ص:97.
– وشذ من تجاوز به إلى من كان قبل الخمسمائة؛ كالبيجوري في تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد ؛ص :91.
الثاني: إطلاقه على منهج محدد غير مرتبط بزمن معين (المفهوم المنهجي)
فالسبق الزمني ليس كافيًا في تعيين السلف المقتدى بهم؛ لأنه عاش في هذه القرون المفضلة من هم من سلف المبتدعة وأهل الأهواء، أمثال ذي الخويصرة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وصبيغ بن عسل في عهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وظهور الخوارج في عهد علي رضي الله تعالى عنه، وكذلك بدأ التشيع والرفض على يد عبد الله بن سبأ في عهده رضي الله تعالى عنه، وظهرت القدرية في أواخر الصحابة على يد معبد الجهني.
ولكنها كانت حالات فردية شاذة في أغلبها لا تمثل أهل تلك الحقبة الزمنية المباركة، وما أن يبرز شيء منها إلا ويقابل من الأمة ممثلة في ولاتها وعلمائها وأفرادها بقمعهم وردعهم؛ وتفنيد شبههم؛ وكف أذاهم عن المسلمين.
لذا كان من المستحسن تقييد ذلك المصطلح إما بـ”الجمهور” ليخرج منهم الشواذ، أو بوصف”السلف الصالح” ليخرج الطالح من أهل الأهواء، أو بالتقييد المنهجي بالالتزام واتباع الكتاب والسنة ظاهرًا وباطنًا قولاً وعملاً لذلك قال السفاريني رحمه الله في لوامع الأنوار 1/20: “المراد بمذهب السلف ما كان عليه الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- وأعيان التابعين لهم بإحسان وأتباعهم وأئمة الدين ممن شهد له بالإمامة، وعرف عظم شأنه في الدين، وتلقى الناس كلامهم خلف عن سلف، دون من رمي ببدعة، أو شهر بلقب غير مرضي مثل الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة والجبرية والجهمية والمعتزلة والكرامية ونحو هؤلاء”.
فمن تلبس بشيء من هذه الأهواء والبدع ونحوها فلا يُعد من السلف المقتدى بهم ولو عاش في تلك القرون المفضلة.
وبناء عليه فهناك من ربط مفهوم السلف بهذا المنهج وإن تأخر به الزمان، فمن التزمه فهو سلفي وإن كان في العصور المتأخرة، ويدخل فيه كل من اتبع ذلك المنهج من المتقدمين والمتأخرين، ممن أحيى سنة السلف المتقدمين ودعا إلى الالتزام بما كانوا عليه من الفهم والعمل والاعتقاد.
ويعضد ذلك ما ورد في بعض روايات حديث الافتراق في بيان منهج الفرقة الناجية “ما أنا عليه وأصحابي”، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يربط الفرقة الناجية بما كان عليه أهل حقبة زمنية محددة، وإنما بمنهج واضح محدد المعالم؛ وهو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم، وذلك يشمل ما كانوا عليه في الاعتقادات والعبادات والمعاملات والسلوك والأخلاق.. إلخ.
وعلى هذا المعنى جاز الانتساب إلى السلفية بمفهومها المنهجي، فمن التزم هذا المنهج قولاً وعملاً ظاهرًا وباطنًا فهو سلفي وإن تأخر به الزمان.
ومصطلح السلف بهذا الاعتبار يرادف مصطلح أهل السنة والجماعة؛ وهم: المجتمعون على التمسك بالكتاب والسنة من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى المتبعون لهم، ومن سلك سبيلهم في القول والعمل والاعتقاد إلى يوم الدين.
وحقيقة الانتساب إلى السلف الصالح تكون من جهتين:
1- من جهة التزام منهجهم في التلقي والاستدلال.
2- من جهة القول بقولهم في مسائل الاعتقاد التي تميزهم عن أهل الأهواء والبدع والتبري من مقالاتهم البدعية.
فالسلفية باختصار هي انتساب إلى منهج السلف الصالح إيمانًا واعتقادًا؛ وفقهًا وفهمًا؛ وعبادة وسلوكًا، وتربية وتزكية. فهي اصطلاح جامع يطلق للدلالة على منهج السلف الصالح في تلقي الإسلام وفهمه والعمل به، وللدلالة على الملتزمين بهذا المنهج قديمًا وحديثا. (الموقف المعاصر من المنهج السلفي في البلاد العربية؛ د.مفرح القوسي؛ فهم السلف الصالح للنصوص الشرعية؛ د.عبد الله الدميجي).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *