من أساليب الاختراق التي دأب عليها الشيعة في جميع البلدان التي استهدفوها بمشروعهم التوسعي التبشيري، التدرج في الخروج إلى العلن، وتمرير المشروع بقدر حتى يؤلف ويعتاد الناس عليه، والانتقال بين مراحل الاختراق بسلاسة وتؤدة تناسب ظروف البلد المستهدف، ولا تصطدم به مباشرة.
المشروع الكيدي ضد الأمة الإسلامية، الساعي للانحراف بها عن مسارها الحضاري، بضرب وحدتها وتفكيك لحمتها، ليسهل إعادة بنائها والرؤية الشيعية التي تريدها إيران الدولة المركزية الراعية للتشيع، أو بالأحرى المتقية بالتشيع على مشروع سياسي طائفي ينطلق من أحقاد تاريخية.
المشروع الذي اصطدم في المغرب، البلد السني المحافظ، الذي لا يقبل بمثل هذه العقائد الوافدة، ويمنع العمل الحزبي السياسي ذا التوجه الطائفي.
فقد جاء في المادة الرابعة (4) من القانون التنظيمي رقم (29.11) المتعلق بتأسيس الأحزاب السياسية بالمغرب، ما نصه: «يعتبر باطلا كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، أو بصفة عامة على أي أساس من التميز أو المخالفة لحقوق الإنسان، ويعتبر أيضا باطلا كل تأسيس لحزب سياسي يهدف إلى المساس بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو المبادئ الدستورية أو الأسس الديمقراطية أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة».
والتشيع تجتمع فيه هذه المحاذير كلها، ولهذا استعصى على الشيعة المغاربة اختراق المجال السياسي المغربي بطريقة مباشرة.
وفي نفس السياق اعتبر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في لقاء تلفزيوني على القناة الأولى، بتاريخ 15/06/2010، أن التشيع السياسي مشكل كبير، وأكد رفض الدولة توظيف التشيع لأغراض سياسية.
فهل للشيعة المغاربة أطماع سياسية، أم أن التشيع في المغرب فعلا غير سياسي؟
لقد ظل الشيعة في المغرب في منأى -على الأقل علانية- عن الشأن السياسي، واكتفوا بالتغلغل الناعم والسري في أحزاب يسارية وغيرها، ومع مرور الوقت بدؤوا يظهرون جانبا من أطماعهم السياسية، في محاولة للانضمام إلى بعض الأحزاب المغربية قبل أن يهددوا بإنشاء حزب سياسي شيعي مستقل.
فقد دون عصام احميدان على صفحته الرسمية على الفايسبوك، في 07/03/2015، قائلا: «إننا مستعدون للانضمام إلى أي فريق سياسي نراه مقنعا، وقريبا من توجهاتنا الفكرية والسياسية…».
تدوينة فتحت شهية الشيعة المغاربة، ودفعتهم للانخراط في المجال السياسي علانية، وبالفعل بدأ التحرك في هذا الاتجاه، فبعد فشل الاتفاق مع حزب الديمقراطيين الجدد، ظهر إدريس هاني في مؤتمر حزب «النخلة»: الحركة الديمقراطية الاجتماعية، في محاولة اندساس فاشلة أيضا.
الاندساس والتغلغل الذي أخبر به عبدو الشكراني صراحة عندما قال: «الشيعة أصلا لا يحتاجون خطب ود السياسة لأن أغلب كوادرهم متغلغلين فعلا في الأحزاب المغربية… فقط مسألة تجميع الجهود لا غير… للتوضيح».
نفس الكلام أكده زميله في الخط الرسالي الشيعي بالمغرب عصام احميدان عندما صرح يومه 15-08-2015، لموقع بديل، بأن الشيعة يوجدون داخل جميع الأحزاب المغربية بما فيها أحزاب «النهج الديمقراطي» و«الحزب الاشتراكي الموحد» الذي دخلوا غمار السياسة من بوابته.
لكن طبيعة تلك الأحزاب والنفور الذي يعانيه الشيعة في المغرب، حالا دون تحقيق أهداف من هذا الاختراق، لينتقل الشيعة المغاربة إلى التفكير في تأسيس أحزاب سياسية شيعية مستقلة.
يدون محمد الحموشي أحد أعضاء الخط والمعروف في وسائل التواصل بـ «abouaya» بتاريخ07/08/2015 قائلا: «بل إننا في حالة لم نتوصل إلى قناعة تامة بحزب يمكن الاندماج فيه… فإننا مستعدون للتقدم للإعلان عن تأسيس حزب».
ويضيف احميدان، في نفس اليوم: «في حالة لم نجد الحزب المناسب للانخراط فيه، سنكون مضطرين لإعلان تأسيس حزب وطني والذي نتوقع أنه سيمنع، غير أن ذلك سيفتح حتما أفقا سياسيا أيضا للنضال من أجل دولة الإنسان».
ألا يكفي هذا للحكم بانتقال التشيع في المغرب إلى تشيع سياسي؟ أوليس هذا توظيفا للعقائد لأغراض سياسية؟
لقد شهدت الساحة الوطنية أحداثا متسارعة بخصوص ملف الشيعة والتشيع في المغرب، أحداث أماطت اللثام عن خطر كبير يتهدد المغرب وأهله، بعد مأسسة نشر التشيع، وتحوله إلى مشروع تبشيري منظم برعاية خارجية ذات توجه طائفي مغطى بحب آل البيت، رضي الله عنهم أجمعين.
وهو المشروع الذي يحاول المتشيعون المغاربة -القادم أغلبهم من الخارج، وبعض السنة المغرر بهم، أن يدرؤوا عنه صبغة الطائفية والفتنوية التي هي من صميم مكوناته الأساسية، تقية على خطره، وتغطية على أجنداته.
ولما انتقل المد الشيعي بالمغرب، من تشيع أفراد، إلى تنظيم تبشيري مهيكل، ومن المحاولات العشوائية إلى التنظيم، واتضح خطره للعيان، وجب التنبيه عليه، والتحذير منه.
ولهذا ارتأينا في جريدة السبيل فتح ملف الشيعة والتشيع في المغرب من جديد، لنطلع القراء الأعزاء على مستجدات الحالة الشيعية المغرب.