لماذا اخترنا الملف؟

موضوع الإجهاض في المغرب تتنازعه مرجعيتان لا ثالث لهما؛ المرجعية الدينية التي تنطلق من نصوص القرآن والسنة وتعد هذا العمل قتلا للنفس بغير حق، ومرجعية علمانية تصدر عما نصت عليه المؤتمرات الدولية التي تعنى بالمرأة والسكان.

فقد عرف السادة العلماء الإجهاض بقولهم هو: “إسقاط حمل المرأة بعد استقراره في رحمها سواء قبل التخلق أو بعده”، ومنع الشرع من إسقاط الحمل سواء لظروف اقصادية أو اجتماعية أو نحوها، ولم يرخص في ذلك إلا إذا كان الحمل يهدد حياة المرأة ، وهو ما نص عليه القانون المغربي أيضا في هذا المجال.
ومنع علماء المالكية من الإجهاض مطلقا وفي أي طور كان الجنين، سواء قبل نفخ الروح فيه أو بعده، ومنعوا ذلك ولو قبل الأربعين يوما على ما هو المعتمد فى المذهب لقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
فقد جاء فى كتاب الشرح الكبير: “لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم، ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً”، علق الدسوقي فى حاشيته على ذلك فقال: “هذا هو المعتمد”.
وقال ابن جزي في القوانين الفقهية ص:235: “وإذا قبض الرحم المني لم يجز التعرض له، وأشد من ذلك إذا تخلق، وأشد من ذلك إذا نفخ فيه الروح؛ فإنه قتل نفس إجماعاً” ونقله أيضا صاحب أسهل المدارك، وأقره.
إلا أن الطرح الشرعي يبقى في واد؛ ومطالب الحركة النسوية والعلمانيين عموما في واد آخر، حيث وصف الناطق الرسمي لحزب الأصالة والمعاصرة صلاح الوديع استصدار قانون منظم للظاهرة بأنه “ضروري لمواكبة التحولات الاجتماعية التي يعرفها المغرب والتغير النوعي للنظام السكاني والمسلكيات الاجتماعية”، وأنه “حينما يصبح القانون عاجزا عن مواكبة التحولات الاجتماعية نصبح أمام مشاكل من قبيل الأطفال المتخلى عنهم، والأمهات غير المؤهلات اجتماعيا، ما يدفع بضرورة تطوير القانون”، وهو التصريح ذاته الذي أدلت به فتيحة العيادي لإحدى الأسبوعيات، حيث اعتبرت أن مغرب 2009 ليس هو نفسه مغرب 1967 الذي جرى فيه آخر تعديل لقانون الإجهاض فهناك تحولات جذرية نلمسها..
وأعربت إحدى المنضويات تحت لواء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دون حياء أن “الكنيسة والدين بصفة عامة هما من يقف دائما في وجه الإجهاض.. فالأئمة والرموز الدينية هم من يخطبون ضد الإجهاض في شتى المناسبات”!!!
وفي الأيام القليلة الماضية تقدمت نزهة الصقلي وزيرة التنمية الاجتماعية والتضامن والأسرة؛ بمشروع قانون حول الإجهاض، يسمح للنساء اللواتي يعانين “وضعية صعبة” التخلص من حملهن.
وهو توجه مكشوف؛ يركب على موجة التغير الاجتماعي لتبديل القوانين حتى وإن خالفت الدين جملة وتفصيلا؛ ومن شأن هذا الإجراء أن يفتح الباب أمام كل من وقعت في كبيرة الزنا؛ وهو الأعم الأغلب؛ التخلص من تبعاتها، ويخدم أيضا طرح الحركة النسوية في المغرب الماضية قدما في سبيل تحقيق ما أملته عليها اتفاقية سيداو ومؤتمرات المرأة والسكان.
إن الخط الذي يسير عليه العلمانيون مناقض لأبسط مبادئ الإنسانية التي يدَّعون حمايتها، ومنها الحق في الحياة، فبأي منطق يسمح الإنسان تحت شعار الحرية الجنسية بحرية قتل روح إنسان يتمتع بالحقوق كما يتمتع بها غيره؟
وقد أفادت منى خرماش، دكتورة في المستشفى الدولي شيخ زيد بالرباط، أن “الإجهاض لا يمكنه حل المشاكل الاجتماعية، لأن الطبيب مطالب بحماية الحياة وليس المساهمة في قتل وإزهاق الأرواح، فأين هي حقوق الإنسان وحقوق الجنين؟.”
وحتى نطلع قراءنا الكرام على جانب من هذا السجال، ارتأت جريدة السبيل فتح هذا الملف؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *