الأمر أكبر بكثير من مجرد “قبلة” نبيل غزال

وقفة الاحتجاج بالقبل التي قام بها بعض المراهقين من (حركة مالي)؛ تضامنا مع تلاميذ الناظور؛ كان من الممكن أن تكون لها عواقب سيئة؛ وتقود إلى انزلاقات لا تحمد عقباها.
وما أقدمت هذه المجموعة من النزقين على عملها واستفزاز مشاعر الناس، والسعي إلى إثارة الفتنة؛ إلا بعد أن تأكدت أن وراءها العديد من الجمعيات الحقوقية والمنابر الإعلامية والأحزاب السياسية والمنظمات الغربية؛ التي تدعم هذا التوجه وتوفر له الغطاء، فعلى الرغم من إعلان (المحتجين بالقبل) بمكان ونوع نشاطهم، ورغم المخالفة الصريحة للقانون أمام (مجلس نواب الأمة)، وفي مكان يعج عادة برجال الأمن.. لم يتم اعتقال هؤلاء الأشخاص ولا مساءلتهم! ولم يتواجد في عين المكان غير المنابر الإعلامية ذات التوجه العلماني خاصة لتوثق الحدث.
ويكفي أن نعلم أنه مباشرة بعد أن تقدمت جمعية حقوقية بمدينة الناضور بشكاية إلى النائب العام لفتح تحقيق حول الصور المنشورة بداعي الإخلال بالحياء العام؛ وبعد متابعة التلميذين اللذين تبادلا القبل ومن قام بالتقاط الصورة، هبت الجوقة الإعلامية العلمانية لتغطية الحدث واستغلاله؛ وكتبت منابر كالأحداث والصباح.. وغيرهما حول الموضوع؛ وأكدت كعادتها أن القبل أو العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج لا تعد جريمة، بل هي حق من حقوق الإنسان؛ وحريات فردية تجب حمايتها!!
وخصصت القناة الثانية (2M) تقريرا مطولا في نشرة الأخبار؛ مدته 3 دقائق و44 ثانية؛ لا تخصص مثله لرئيس الحكومة ووزرائه، بثت من خلاله العديد من الرسائل الواضحة؛ أهمها أن هذا الموضوع أثار (وسائل الإعلام الغربية)؛ وأن من حرك المسطرة القضائية ضد الأطفال هو من يجب أن يحاكم لأنه -وفق ما نقلته القناة- تجسس على حسابات التلاميذ في مواقع التواصل الاجتماعي!!
وكل الشهادات التي نقلتها (2M) في التقرير ودون استثناء تدعم (حرية القبل) وتشجب التعرض للحريات الفردية وفق المنظور اللاديني؛ وهو أمر متوقع جدا من (2M) لأنها تمطرنا يوميا بأشد من القبل بكثير وبما هو أكثر خطرا وتطرفا.
أما الجمعيات الحقوقية التي تدعم هذا التوجه كـ”بيت الحكمة” وغيرها؛ فقد عملت كعادتها على التوظيف السياسي لهذه الملف؛ واهتبلتها فرصة لتكرر أسطوانتها المشروخة، وتصدع رؤوسنا مجددا بالمحافظة على المكتسبات الحقوقية، والتترس وراء تسامح المجتمع المغربي لتبرير سلوكات وتصرفات تخالف صريح الدين والقانون والعرف المغربي.
وبعيدا عن كل تشويش أو رسم صورة مثالية لواقعنا؛ فالمجتمع المغربي بكل وضوح ليس بذلك المجتمع المحافظ والمنضبط بضوابط الشرع؛ ولا أحد يمكنه الادعاء أن مجتمعنا لا تنتشر فيه سلوكات مخلة بالحياء والقيم؛ فلا أحد يمنكه المكابرة في ذلك إطلاقا؛ ويكفي الإنسان أن يقوم بجولة بجوار مسجد الحسن الثاني بالبيضاء أو ضفة واد أبي رقراق وقصبة الأوداية بالرباط أو غيرها من مدن المملكة كمراكش وطنجة وأكادير..؛ ليشاهد جحافل المقبِّلين والمقبِّلات، ويطالع بعينيه من تجاوز منهم مرحة التقبيل إلى مراحل أخرى أكثر إثارة.
وبالنظر إلى واقعنا الإعلامي والتعليمي والحقوقي والسياسي فلا يعد هذا السلوك مفاجئا؛ خاصة إذا علمنا أن الإعلام الوطني في معظمه يتبنى خط تحرير علماني، ويسوق لفكر التسيب الجنسي وينشر صور العري والمشاهد المخلة بالقيم والحياء؛ وأن قنوات القطب الإعلامي العمومي تبث يوميا العشرات من المسلسلات التي تنتمي إلى جنسيات متعددة (مكسيكية؛ تركية؛ كولومبية؛ كورية..)، ولا يخفى على ذي عينين ما في هاته المسلسلات من مشاهد ساخنة لا يمكن الحديث إزاءها عن قبلة أو ما شابهها.
فباعتبار هذا الوضع المخزي؛ وغياب منظومة تربوية فعالة، وتقزيم وظيفة المسجد وتحديد المواضيع التي يجب أن يخوض فيها الخطيب والواعظ ومنعهم من التعرض للشأن العام، فالنتيجة الحتمية المتوقعة هي ما نشاهده اليوم من انحراف أخلاقي لدى العديد من الشباب المستهدف بترسانة إعلامية علمانية فاسدة ومفسدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *