نقد فكر الفيلسوف ابن رشد الحفيد على ضوء الشرع والعقل والعلم -دراسة نقدية لكشف حقيقة فكر ابن رشد-

بعد الانتهاء من نشر كتاب “مقاومة أهل السنة للفلسفة اليونانية” على شكل مقالات، سنشرع في كتاب آخر ذي أهمية فكرية ويتطرق لنقد فيلسوف عوّل عليه كل العلمانيين في زماننا هذا، لتبرير مواقفهم الفلسفية، هذا الفيلسوف هو ابن رشد الحفيد، والكتاب بعنوان “نقد فكر الفيلسوف ابن رشد الحفيد على ضوء الشرع والعقل والعلم -دراسة نقدية لكشف حقيقة فكر ابن رشد-“، وفي البداية سنورد مقدمة الكاتب التي جاء فيها:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: خصصتُ كتابي هذا لنقد فكر الفيلسوف أبي الوليد بن رشد الحفيد (ت 595هـ)، وعنوانه الكامل: نقد فكر الفيلسوف ابن رشد الحفيد على ضوء الشرع والعقل والعلم، وقد قررتُ الكتابة فيه بعدما أنجزت كتابا في نقد فكر الباحثيّن محمد أركون، ومحمد عابد الجابري، فتبيّن لي أن الباحثيّن وكثيرا من العلمانيين المعاصرين يعتمدون كثيرا على فكر ابن رشد، ويُبالغون في مدحه وتعظيمه، وتوجيهه لخدمة مصالحهم المذهبية والمادية من جهة، وتحريف دين الإسلام، وفهم المسلمين له من جهة أخرى، فاقتنعتُ بأنه أصبح من الواجب القيام بدراسة نقدية تمحيصية صارمة لفكر ابن رشد الحفيد، للكشف عن حقيقته من حيث الصواب والخطأ، والضعف والقوة، والبناء والهدم، والنفع والضرر، والموافقة للشرع ومخالفته، فجاءت دراستنا هذه لتكشف عن ذلك، وتضع فكره في المكان المناسب له واللائق به، وسيتبين ذلك جليا في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
وسنعتمد –في نقدنا لفكر ابن رشد- على المنهج النقدي التمحيصي القائم على الاحتكام إلى النقل الصحيح، والعقل الصريح، والعلم الصحيح، من دون إفراط ولا تفريط، وبلا تعاطف ولا تبرير، مع الالتزام بالموضوعية والحياد العلميين، فلا نكذب عليه، ولا نقوّله ما لم يقل، ولا نحرّف كلامه، ولا نُدَلـله كما دلـله المُدَللون المعاصرون.
وربما يقول بعض الناس: إن مؤلف هذا الكتاب تجاوز حدود تخصصه ولم يحترمه، بتأليفه لهذا الكتاب في نقد فكر ابن رشد الفلسفي، فأقول: إنني كمؤرخ وباحث وناقد، لم أتجاوز حدودي، ولا خرجتُ عن تخصصي، فأنا متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي –خلال العصر الوسيط- والجانب الفلسفي جزء لا يتجزأ من تاريخ هذا الفكر، و ابن رشد نفسه من فلاسفة ذلك العصر، فدراستي هذه هي من صميم تخصصي، ومن ينكر عليّ ذلك فبيني وبينه الدليل لا الرجال.
وأما بالنسبة للمصادر، فقد حرصتُ على الاعتماد أساسا على كتب ابن رشد نفسه، فجمعتُ منها عددا كافيا-في عمومه- لنقد فكر ابن رشد، منها: فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، والكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة، وتهافت التهافت، وتلخيص ما بعد الطبيعة، والآثار العلوية، وتلخيص الآثار العلوية، وتلخيص السماء والعالم، ورسائل ابن رشد الطبية، ورسالة النفس، وتلخيص السفسطة، وتلخيص الخطابة، وتلخيص كتاب الجدل، وتلخيص كتاب السياسة، وتلخيص الحس والمحسوس، وتلخيص كتاب البرهان.
وأخيرا أرجو أن أُوفق لإظهار حقيقة فكر الفيلسوف ابن رشد الحفيد، ليكون عملي هذا خُطوة إيجابية بناءة في إطار نقد العقل المسلم من خلال تاريخ الفكر الإسلامي، فأسأل الله تعالى التوفيق والسداد، والإخلاص في القول والعمل، وأن ينفع بعملي هذا مؤلفه وناشره وقارئه، وكل من سعى في إخراجه وتوزيعه، إنه تعالى سميع مجيب، وبالإجابة جدير، وعلى كل شيء قدير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *