من الظلمات إلى النور (4)
نعرض في هذه السلسلة قصصا مؤثرة لأناس عاشوا فترة من أعمارهم بعيدين عن ربهم، تائهين عن طريق الهدى، تتقاذفهم أمواج متلاطمة من الشهوات والشبهات، قبل أن يتسلل نور الإيمان إلى قلوبهم، ليقلب بؤسهم نعيما، وشقاءهم سعادة..
إنه نور توحيد رب العالمين، إنه قوت القلوب وغذاء الأرواح وبهجة النفوس
في سنة 1988، قرر الشاب البريطاني «أنطوني» ترك الكاثوليكية، ليس إلى مذهب نصراني آخر، بل ليدخل في دين الله مسلما يكفر بكل الآلهة ويوحد الخالق سبحانه ويفرده بالعبادة، ويشهد أن محمدا هو خاتم المرسلين، وأن عيسى عبد الله وكلمته أوحاها إلى الصِّدّيقة مريم؛ فاختار من الأسماء «عبد الرحيم»، لتأخذ حياتُه بعد إسلامه مسارا مختلفا تماما عما كانت عليه.
نشأ «أنطوني غرين» في بيئة نصرانية صارمة، وهو من أبناء الطبقة الراقية في بريطانيا، حيث كان لوالده وأجداده مكانة رفيعة في الحكومة البريطانية، لكنه بحث في الأديان والمعتقدات عن الحقيقة التي لم يجدها في العهدين القديم والجديد، فقد كان باله دائم الانشغال بأسئلة عن الحياة والخلق، وعن الله والبعث والحساب، وفي طريق بحثه لفت انتباهه دين الإسلام، فبدأ يدرسه ويقرأ عنه منذ عام 1987، واستطاع الحصول على نسخة من القرآن الكريم مترجمة المعاني إلى الإنجليزية، وبعد بحث ودراسة متأنية، ومقابلة بين ما يعلمه في النصرانية وما اطلع عليه في الكتب الإسلامية، اتخذ «أنطوني» قرارا حاسما باعتناق دين التوحيد رسميا في عام 1988، وبدأ مباشرة الدعوة إلى الإسلام، فهو الآن ينشط في التعريف بالإسلام في الأماكن العامة، مثل الركن المخصص للخطب بمنتزه «هايد بارك»، إضافة إلى أنه مقدم ومعد لبرامج ومحاضرات على قناتي «السلام» و«الإسلام» الناطقتين باللغة الإنجليزية، إلى جانب ترأسه لـ«أكاديمية البحث والمنهج الإسلامي» (Islamic Education and Research Academy).
لكن «عبد الرحيم غرين» خلال رحلة بحثه عن الحقيقة، وأثناء مروره على المذاهب والمعتقدات المنحرفة والمحسوبة على الإسلام، استوقفه مذهب الشيعة الرافضة وموقفهم من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث يقول «عبد الرحيم»:
«إن الصحابة عرفوا وعاشوا الظروف والأحوال التي نزل فيها الوحي الرباني على النبي صلى الله عليه وسلم، وهم من شاهدوا النبي الكريم وهو يصلي، ويصوم، ويحج، وجاهدوا معه، وكانوا يجالسونه ويتعلمون منه أحكام الدين وشرائعه، وكانوا شهودا على الأحداث والوقائع التي مرت بها الدعوة؛ فهل بعد كل هذا يمكن أن نقول بأن هناك من يعرف الإسلام أفضل أو أكثر من الصحابة؟؟
لذلك فالعقل والمنطق يقتضيان التسليم بأن الصحابة هم أفضل من يَعْلم أمور الدين، لأنهم تَلَقّوه مباشرة من النبي عليه الصلاة والسلام؛ وفي الحقيقة هذا هو السبب الرئيسي الذي جعلني أرفض التشيع عندما قررت اعتناق الإسلام، فحينما بدأت أدرس المذهب الشيعي، واطلعت على معتقد الشيعة في أصحاب رسول الله، صُدِمْتُ بموقفهم منهم، إذ يعتبرون أن أغلب الصحابة كفرة ارتدوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقولون عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي اللهم عنهم طواغيت اغتصبوا الخلافة.
لكنني أعتقد بأن هذا الأمر لا يُصدَّق، إذ كيف يختار الله صحابةً لنبيه من أناس يعلم أنهم سوف يرتدون بعد أن يتوفى محمدا عليه الصلاة والسلام؟
وكيف يَكفر الصحابة وقد قضوا حياتهم مع رسول الله، وارتضوا أن يقدموا أنفسهم رخيصة في سبيل إعلاء كلمة الله ونصرة الإسلام وحماية النبي صلى الله عليه وسلم، وضحوا بأموالهم وأوقاتهم وكل ما يملكون فداء لله ودينه؟
إن هذا الاعتقاد غير منطقي أبدا، لذلك فنحن نعتقد بأن أفضل البشر بعد الأنبياء هم أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام».
هكذا ينظر الداعية البريطاني «عبد الرحيم غرين» إلى العقيدة الشيعية المنحرفة، في الوقت الذي انخدع فيه فئام من المسلمين بهذا المذهب الباطني الهدام، الذي قام على تحريف أحكام الشرع، وتكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم، والكذب والتدليس والنفاق، فالشيعة تسعة أعشار دينهم الكذب.