آيات تفهم على غير وجهها سورة يس إبراهيم الصغير

– قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} (الآية:12).
كلمة {إِمَامٍ مُبِينٍ} تشكل في الفهم، فما المقصود إذن بهذا الإمام؟
قال القرطبي رحمه الله: «والإمام: الكتاب المقتدى به الذي هو حجة؛ وقال مجاهد وقتادة وابن زيد: أراد اللوح المحفوظ؛ وقالت فرقة: أراد صحائف الأعمال».
قال الطبري رحمة الله عليه: «وقوله {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} يقول تعالى ذكره: وكل شيء كان أو هو كائن أحصيناه، فأثبتناه في أم الكتاب، وهو الإمام المبين؛ وقيل {مُبِينٌ} لأنه يبين عن حقيقة جميع ما أثبت فيه.
قال قتادة: كل شيء محصى عند الله في كتاب؛ وقال ابن زيد: أم الكتاب التي عند الله فيها الأشياء كلها هي الإمام المبين».
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي: «أحصى كل شيء في إمام مبين، أي: في كتاب بين واضح».
– قوله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} (الآية:20).
كلمة {يَسْعَى} تتبادر إلى الأذهان على أنها من المسألة والسؤال وطلب المال، بيد أنها من السعي وهو المشي السريع الخفيف دون الشدة.
قال العلامة محمد جمال الدين القاسمي: «{يَسْعى} أي يسرع في المشي، حيث سمع بالرسل».
وفي تفسير المراغي: «وجاء من أطراف المدينة رجل يعدو مسرعا».
يؤكد هذا المعنى العلامةُ التونسي الطاهر بن عاشور في إشارة ماتعة بقوله: «وصْفُ الرجل بالسعي يفيد أنه جاء مسرعا، وأنه بلغه همُّ أهل المدينة برجم الرسل أو تعذيبهم، فأراد أن ينصحهم خشية عليهم وعلى الرسل، وهذا ثناء على هذا الرجل يفيد أنه ممن يقتدى به في الإسراع إلى تغيير المنكر».
نظير ذلك قوله تعالى: {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} (سورة طه:20).
قال أبو محمد البغوي: «{تسعى} تمشي بسرعة على بطنها».
– قوله تعالى: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} (الآية:28).
قال الطبري: «اختلف أهل التأويل في معنى الجند الذي أخبر الله أنه لم ينزل إلى قوم هذا المؤمن بعد قتلهم إياه، فقال بعضهم: عُنِي بذلك أنه لم يُنزِل الله بعد ذلك إليهم رسالة، ولا بعث إليهم نبيا.
وعن مجاهد، قوله: {مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ} قال: رسالة، وقيل غير ذلك».
قال الماوردي: «قوله عز وجل: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء} فيه قولان: أحدهما: معنى جند من السماء أي رسالة، قاله مجاهد، لأن الله تعالى قطع عنهم الرسل حين قتلوا رسله.
الثاني: أن الجند: الملائكة الذين ينزلون الوحي على الأنبياء، قاله الحسن.
قال ابن مسعود: أراد: لم يحتج في تعذيبهم إلى جند من جنود الله تعالى كالحجارة والغرق والريح وغير ذلك، بل كانت صيحة واحدة لأنهم كانوا أيسر وأهون من ذلك؛ قال قتادة: والله ما عاتب الله تعالى قومه بعد قتله حتى أهلكهم؛ وقيل المقصود بالجند الملائكة».
– قوله تعالى: {إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ} (الآية:44).
كلمة {ومتاعا} لا تعني المتاع المعروف، بل تخرج إلى معنى التمتيع.
قال البيضاوي: «{إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً} إلا لرحمة ولتمتيع بالحياة إِلى حِين زمان قدر لآجالهم».
قال السعدي رحمه الله: «{إِلا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ} حيث لم نغرقهم، لطفا بهم، وتمتيعا لهم إلى حين، لعلهم يرجعون، أو يستدركون ما فرط منهم».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *