قد يرجع الكثير من الباحثين والسياسيين أسباب التدخل العسكري الفرنسي في كل من مالي وإفريقيا الوسطى إلى الجانب المصلحي الاقتصادي، حيث اليورانيوم والمعادن الثمينة والكنوز موفورة هناك، إلا أن ذلك لا يعني استبعاد الوجه الآخر الأكثر وضوحا لهذا التدخل ألا وهو “الوجه الصليبي”.
رغم الأقنعة الكثيرة التي حاولت فرنسا من خلالها التغطية على حقيقة عدائها للإسلام، ورغم المساحيق الصناعية التي أصبغت بها لتلميع صورة وجهها الصليبي الحاقد على المسلمين، إلا أن تدخلاتها العسكرية الأخيرة في القارة العجوز أظهر بوضوح حقيقة وجهها القبيح.
فقناع العلمانية والليبرالية قد أسقطته أكثر من مرة الوقائع والأحداث الأخيرة هناك، ومساحيق العدالة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان قد كذبته ممارسات فرنسا العنصرية والصليبية مؤخرا في كل من مالي وافريقيا الوسطى على وجه الخصوص.
أما في مالي فقد أظهر التدخل العسكري الفرنسي المنفرد فيها منذ أكثر من عام وجهها الاستعماري، بعد أن سيطر الإسلاميون على مناطق الشمال، وكانوا في طريقهم إلى الجنوب لولا ذلك التدخل.
وأما في إفريقيا الوسطى فقد كان وجه تدخلها العسكري هناك أكثر قبحا وأشد عنصرية، نظرا لكونه جاء بعد وصول أول مسلم إلى الحكم فيها “جوتوديا”، إضافة لحملة التهجير الديني القسري لعشرات الآلاف من المسلمين نحو الدول المجاورة التي رافقت هذا التدخل.
ناهيك عن المجازر الوحشية التي قامت بها المليشيات المسيحية المسلحة هناك ضد المسلمين تحت سمع وبصر القوات الفرنسية، بل وبتسهيل وتواطؤ واضح المعالم، حيث تم نزع سلاح المسلمين “سيليكا”، وترك سلاح المليشيات المسيحية “انتي – بالاكا” ليقوم بمهمة التطهير الديني الصليبي.
وتأكيدا على ذلك تم العُثور على عدد من الجثث في نهر “أوبانجي”، بعاصمة أفريقيا الوسطى “بانجي”، وبذلك يرتفع عدد المقابر الجماعية التي تم اكتشافها في أفريقيا الوسطى خلال أسبوع واحد فقط إلى 3 مقابر.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أعلنت مقتل أكثر من 1000 شخص، وتشريد 210.000 آخرين، منذ بدء الصراع في البلاد، في مارس الماضي، وأضافت المنظمة: إن قوات حفظ السلام الدولية فشلت في وقف التطهير العرقي “الديني”، الذي يستهدف المدنيين المسلمين غرب البلاد.
إن الغرب -وعلى رأسهم فرنسا- يحاول دائما حجب الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار عن أعين الناس، وذلك من خلال التلاعب بالمصطلحات والألفاظ، فبدلا من وصف تلك المجازر الوحشية بمصطلحها الحقيقي “الديني”، يطلق الغرب عليها اسم “التطهير العرقي”.
وحتى تكتمل صورة الوجه الصليبي القبيح لتدخل فرنسا في إفريقيا الوسطى قامت بتعيين رئيسة انتقالية مؤقتة صليبية هناك تدعى “كاثرين سامبا بانزا”، والتي كشف برلمانيون فرنسيون عن أنها تريد الإبقاء على قوات الاحتلال الفرنسية حتى فبراير من العام 2015 تاريخ الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأكدت رئيسة البعثة البرلمانية الفرنسية “ايليزابيث غيغو” التي التقت برئيسة إفريقيا الوسطى، أن الرئيسة عبّرت عن رغبتها في تمديد مهام القوات الفرنسية في إفريقيا الوسطى من أجل “توفير مناخ ملائم لإجراء الانتخابات الرئاسية” -على حد قولها- بينما الحقيقة أن التمديد لإكمال مهمة فرنسا بإفراغ إفريقيا الوسطى من المسلمين من خلال القتل والتهجير.
قد يرجع الكثير من الباحثين والسياسيين أسباب التدخل العسكري الفرنسي في كل من مالي وإفريقيا الوسطى إلى الجانب المصلحي الاقتصادي، حيث اليورانيوم والمعادن الثمينة والكنوز موفورة هناك، إلا أن ذلك لا يعني استبعاد الوجه الآخر الأكثر وضوحا لهذا التدخل ألا وهو “الوجه الصليبي”.
مركز التأصيل للدراسات والبحوث