أوردت صحيفة الناس في عددها:158 الصادر اليوم، الجمعة 11 جمادى الثانية الموافق لـ11 أبريل 2014، خبرا على الواجهة مفاده اعتقال منتقبة بوجدة بحوزتها كمية كبيرة من المخدرات، مرفوقا بصورة لمنتقبة تمسك بين يديها سبحة.
لست هنا لأشكك في الخبر أو أنفيه ولا لأدافع عن تلك المجرمة، وإنما استفزني هذا الاستغلال الخطير للباس الشرعي من كلتا الجانبين، من جانب بائعة المخدرات -إن صح الخبر- والتي جعلت منه ذريعة للتستر عن جرمها ولإبعادها عن شبهات الاتجار في المخدرات، ومن جانب الصحيفة التي وظفت صورة لمنتقبة حقيقية مرفوقة بالخبر على الواجهة، ما يثير أي قارئ ويستفزه ويدفعه إلى اقتناء الجريدة لمعرفة تفاصيل الموضوع.
المشكل لا يقتصر على مجرد خبر، وإنما يرمي إلى توجيه للرأي العام لتكريس تبنيه للنظرة السلبية حول النقاب، وجعله مرتبطا بمفاهيم العنف والإجرام، والأشد من ذلك هو الحقد على كل من يظهر شكلا من أشكال الالتزام الظاهرة سواء تعلق الأمر بلحية أو لباس شرعي مهما اختلفت أشكاله، فهناك بعض الجهات ترمي إلى تضليل الرأي العام وجعل الناس يعتبرون أن كل منتقبة مجرمة أو على الأقل سيئة الأخلاق والأفعال وكل ملتحٍ كذلك.
فمن الموضوعية أن يُوَضّح أن هناك مجرمين يستغلون هذه المظاهر الدينية الحسنة حتى لا يساء الظن بهم ويكتشف أمرهم، لا أن أهل الالتزام أشرار، إذ أن الأصل أن مجتمعنا المغربي المسلم يحترم بشكل كبير أصحاب تلك المظاهر، وليس الأصل هو نبذها كما يحدث في بعض الدول الغربية.
فالصورة هي نفسها، منتقبة -بما تحمله الكلمة من حمولة دينية- تروج للمخدرات، ويمكن القول امرأة متخفية في النقاب وتروج للمخدرات، لكن صورة هذا الفعل تختلف أساليب صياغتها حسب زاوية النظر إليها وزاوية توظيفها.
ألا يمكن أن تكون مثل هذه الأخبار، طعما للمغاربة على أمل من بعض الجهات أن يأتي اليوم الذي يُطرح فيه مشروع قانون منع وتجريم النقاب ثم يلقى تجاوبا وقبولا داخل المجتمع على غرار النموذج الأوروبي الذي ظهرت شرارته في بعض الدول العربية، خصوصا وأن جريدة “الأحداث” سبق وطالبت بمنعه؟!!
أليس من الإنصاف عدم تهويل مثل هذه الأخبار وجعلها دعامة للتطرف العلماني؟!!
لا أنكر أن تكون بعض من تلبسن وتتسترن بالنقاب مجرمات حقيقة، إلا أنه لا يجب تحميل الدين ولا تحميل كل المنتقبات أمثال هذه السلوكات، إذ يبقى النقاب مجرد لباس؛ يمكن أن يُلبس عن قناعة أو لغير ذلك، كذلك تلبس البدلات الأنيقة مع ربطات العنق والأحذية الفاخرة من طرف بعض المجرمين، فلا يعني هذا أن كل من يلبس كذلك مجرم! وإلا لكان هذا ضرب من الجنون! ولحسب الناس أن باعة اللبن أطباء وممرضون..