انتبه يا عبد الله؛ فإنك في بيت الله (8) أدب الكلام في المسجد، وحكم رفع الصوت فيه (2/2) نور الدين درواش

شرعنا في المقال السابق في التنبيه على الأخطاء المتعلقة بالصوت ونواصل في هذا المقال:

 

  • ومن الأخطاء التي ابتليت بها المساجد العمد إلى تصفية الحسابات الشخصية، وفضح المخطئين والتنكيل بهم في المساجد عند اجتماع الناس. فإذا وُجِد لشخص على آخر حق رفض أن يوفيه أو عجز فإنه يقوم بعد الصلاة بصوت عال يريد أن يكشفه ويفضحه، أو أن يسترد حقه، وما أحرى مثل هذا أن يقال له: لا بارك الله مسعاك، ولا بلغك مناك، ولا رد إليك حقك، ولا غلبك على ظالمك، فإن بيوت الله تنزه عن هذا.

قال أبو العباس القرطبي:” فمن رفع صوته فيه بما يقتضي مصلحة ترجع إلى الرافع صوته، دُعِيَ عليه على نقيض مقصوده ذلك؛ بسبب جريمة رفع الصوت في المسجد”([1]).

  • ومن الأخطاء التي ابتليت بها المساجد العمد إلى تصفية الحسابات الشخصية، وفضح المخطئين والتنكيل بهم في المساجد عند اجتماع الناس. فإذا وُجِد لشخص على آخر حق رفض أن يوفيه أو عجز فإنه يقوم بعد الصلاة بصوت عال يريد أن يكشفه ويفضحه، أو أن يسترد حقه، وما أحرى مثل هذا أن يقال له: لا بارك الله مسعاك، ولا بلغك مناك، ولا رد إليك حقك، ولا غلبك على ظالمك، فإن بيوت الله تنزه عن هذا.

قال أبو العباس القرطبي:” فمن رفع صوته فيه بما يقتضي مصلحة ترجع إلى الرافع صوته، دُعِيَ عليه على نقيض مقصوده ذلك؛ بسبب جريمة رفع الصوت في المسجد”([2]).

  • ومن ذلك التشويش على المصلين في الأذكار والصلوات السرية في التلاوة وفي الأدعية والأذكار….
  • ومن ذلك رفع الصوت بالأذكار سواء المشروعة أو غير المشروعة، فالسنة أن لا يُشَوَّش على المصلين، وأن يكون ذكر الله في السر حتى لا يُفْتَنَ المسبوق أو المتنفل.ولهذا قال الإمام مالك :: “لا ينبغى رفع الصوت في المسجد في العلم ولا في غيره، وكان الناس ينهون عن ذلك”.([3])
  • ومن ذلك ما شاهدته في بعض البلاد –وهي تركيا- من كثرة الأذكار والأدعية غير المشروعة لفظا أو صفة، سواء قبل الأذان أو بين الأذان والإقامة، أو بعد الصلاة، وتستمر هذه الأذكار لفترة طويلة مزعجة لمن يريد ذكر الله أو تلاوة القرآن أو للمسبوق الذي يريد إتمام ما فاته،  فكل ذلك مخالف لهدي النبي ﷺ، ومناقض لما ينبغي في بيوت الله من الهدوء والطمأنينة والسكينة والوقار، ولو كانت هذه المحدثات خيرا لسبقنا إليها صاحب الشريعة ﷺ.
  • ومن الأخطاء؛ مبادرة بعضهم بالسلام إذا أتى باب المسجد بصوت مرتفع جداً. والصواب أن يبدأ بدعاء دخول المسجد، فإن لقي أناسا أو مَرَّ عليهم سَلَّم؛ وإن لم يجد أحدا عند دخوله؛ انتظر حتى يأتي ناحية المسجد التي يريد، فيسلم على من فيها… ولا ينبغي أن يسلم تسليما يزعج به المصلين، أو يشوش به عليهم، وإنما يسلم على من يليه تسليما بحيث يسمعونه؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ ا «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ…»([4]).

والمصلي لا يرد بالصوت وإنما يرد بالإشارة كما ثبت من فعل النبي ﷺ وهو الراجح من قول المالكية وجمهور العلماء.([5])

ويفهم منه أيضا أنه لا بأس بالسلام على المصلي لإقرار النبي ﷺ للصحابة، وقيده شيخ الإسلام : بأن يكون هذا المصلي ممن يحسن الرد حتى لا تبطل صلاته، فقد سئل : وسئل: “هل للإنسان إذا دخل المسجد والناس في الصلاة أن يجهر بالسلام أو لا؟ خشية أن يرد عليه من هو جاهل بالسلام.

فأجاب: الحمد لله، إن كان المصلي ‌يحسن ‌الرد ‌بالإشارة فإذا سلم عليه فلا بأس كما كان الصحابة يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرد عليهم بالإشارة وإن لم يحسن الرد بل قد يتكلم فلا ينبغي إدخاله فيما يقطع صلاته أو يترك به الرد الواجب عليه والله أعلم”([6])

  • وضع النعال على الرفوف الخشبية بشدة تسب إصدار صوت مزعج.
  • صياح الجالسين بقول: “الله”، أو “اللهم صلِ على النبي” إظهاراً للإعجاب بصوت القارئ الذي يقرأ القرآن. ولو كانوا يتدبرون ما يتلى عليهم من كلام الله؛ لوجلت قلوبهم وسكنت جوارحهم، وصمتت ألسنتهم كأن على رؤوسهم الطير.
  • ومن الأخطاء رفع الباعة والـمُتَسولين أصواتهم، في ساحات المساجد وعند أبوابها رفعا فاحشا؛ ما يحول دون خشوع المسبوقين، والـمُتنفلين ودون طمأنينة الذاكرين. وفحش رفع الصوت والمبالغة فيه. وقد شبه الله الصوت المرتفع الفاحش بصوت الحمير فقال: ﴿ إِنَّ أَنكَرَ اَ۬لَاصْوَٰتِ لَصَوْتُ اُ۬لْحَمِيرِۖ ﴾[لقمان: 18].
  • ومن ذلك ما عمت به البلوى اليوم من أصوات الجوالات، ورناتها المختلفة التي تزعج أهل المسجد، ما بين أذان أو ذكر أو قراءة للقرآن أو نشيد فضلا عن الموسيقى الصاخبة والغناء الماجن الذي يتلبس كثير من المصلين بتلويث المساجد وإيذاء ضيوف الله به.
  • ومما يلحق بما سبق أصوات بعض الساعات الحائطية أو الأرضية، ذات الأجراس أو النواقيس التي تجعل بيوت الله كالكنائس، وقد عانينا منها في مسجد حينا طيلة عقود بسبب ساعة كبيرة كان القائم على المسجد قد استقدمها من الخارج وهو يظن أنه يحسن صنعا.
  • ومن الأخطاء كذلك رفع جيران المسجد للمكبرات الصوتية بما يؤذي عمار بيت الله ويشوش عليهم، ومن هؤلاء أصحاب المقاهي المجاورة للمساجد ولاسيما في أوقات المباريات التي تتزامن مع أداء الصلوات الخمس. ومنهم أيضا بعض أصحاب الأعراس والحفلات؛ الذين لا يراعون جارا ولا مريضا ولا نائما، فضلا عن مراعاة حرمة بيوت الله ﻷ.ومنهم بعض الباعة المتجولين بسياراتهم ومكبرات الصوت الدعائية.
  • ومن الأخطاء كذلك إذاعة الصلاة والإقامة وخطبة الجمعة عن طريق مكبرات الصوامع ما يشوش على المساجد القريبة.
  • ومن الأخطاء وقوف بعض المصلين عند أبواب المساجد، وانشغالهم بالحوار والنقاش والحديث والجدال، مع رفع الصوت بذلك.. وفي ذلك علاوة على حرمانهم من فضيلة التبكير للمسجد وصلاة التحية ؛  تشويش على المصلين…
  • ومنها أيضا التحدث بالهاتف داخل المسجد، ابتداءً أو رَدًّا، بصوت مرتفع فيه تشويش، أو بأسلوب لا يليق ببيت الله، أو في موضوع منهي عنه كالتجارة والمعاملات المالية ونحوها.

———————————————————

([1]) المفهم (2/174).

([2]) المفهم (2/174).

([3])  النوادر والزيادات (1/536).

([4]) رواه البخاري (6251)، ومسلم (397).

([5]) أنظر المدونة (1/189)، ومواهب الجليل للحطاب(2/32)، والموسوعة الفقهية الكويتية (4/281).

([6]) مجموع الفتاوى (22/625).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *