درر وفوائد

و(لو) تستعمل على وجهين: أحدهما: على وجه الحزن على الماضي والجزع من المقدور، فهذا هو الذي نهى عنه، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزّىً لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) وهذا هو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (وإذا أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان). والوجه الثاني: أن يقال: (لو) لبيان علم نافع، كقوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) ولبيان محبة الخير وإرادته، كقوله: لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثل ما يعمل ونحوه، جائز.
فتاوى ابن تيمية 18/348
فاللّه يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي؛ يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، فيخلق من الشخص الكافر مؤمناً نبياً وغير نبي، كما خلق الخليل من آزر، وإبراهيم خير البرية هو أفضل الأنبياء بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وآزر من أهل النار، وكما خلق نبينا صلى الله عليه وسلم من أبويه، وقد نهي عن الاستغفار لأمه، وقد أخرج من نوح وهو رسولٌ كريم ابنه الكافر الذي حق عليه القول، وأغرقه، ونهي نوحاً عن الشفاعة فيه‏، والمهاجرون والأنصار مخلوقون من آبائهم وأمهاتهم الكفار‏.
فتاوى ابن تيمية 27/262
الذنوب ثلاثة أقسام: أحدها: ما فيها ظلم للناس، كالظلم بأخذ الأموال ومنع الحقوق، والحسد، ونحو ذلك، والثاني: ما فيها ظلم للنفس فقط، كشرب الخمر والزنا إذا لم يتعد ضررها، والثالث: ما يجتمـع فيـه الأمـران، مثل أن يأخـذ المتولي أمـوال الناس يزني بها ويشـرب بها الخـمر.
فتاوى ابن تيمية 28/145
لهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام.
فتاوى ابن تيمية 28/146
حكم ومواعظ
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: سبحان الله؛ في النفس كبر إبليس، وحسد قابيل، وعتو عاد، وطغيان ثمود، وجرأة نمرود، واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقحة هامان.
قال بعض السلف: خلق الله الملائكة عقولاً بلا شهوة، وخلق البهائم شهوة بلا عقول، وخلق ابن آدم وركب فيه العقل والشهوة، فمن غلب عقله شهوته التحق بالملائكة، ومن غلبت شهوته عقله التحق بالبهائم.
قال سفيان الثوري: ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نفسي، مرة لي ومرة علي.
قال مالك بن دينار -رحمه الله-: رحم الله عبداً قال لنفسه: ألستِ صاحبة كذا؟ ألستِ صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان لها قائداً.
قال أبو بكر الوراق: استعن على سيرك إلى الله بترك من شغلك عن الله عز وجل، وليس بشاغل يشغلك عن الله عز وجل كنفسك التي هي بين جنبيك.
قال مجاهد: من أعزّ نفسه أذل دينه، ومن أذلّ نفسه أعزّ دينه.
قال سفيان الثوري: الزهد في الدنيا هو الزهد في الناس، وأول ذلك زهدك في نفسك.
قال خالد بن معدان: لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب الله أمثال الأباعر، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أحقر حاقر.
قال الحسن: رحم الله عبداً وقف عند همه، فإن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر.
قال بكر بن عبد الله المزني: لما نظرت إلى أهل عرفات ظننت أنّهم قد غُفر لهم، لولا أنني كنت فيهم.
قال يونس بن عبيد: إني لأجد مائة خصلة من خصال الخير، ما أعلم أن في نفسي منها واحدة.
قال الحسن: ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام.
قال أبو يزيد: ما زلت أقود نفسي إلى الله وهي تبكي، حتى سقتها وهي تضحك.
قال الحسن: من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه.
قال سهل: من اشتغل بالفضول حُرِم الورع.
قال معروف: كلام العبد فيما لا يعنيه، خذلان من الله عز وجل.
قال يحيى بن معاذ: القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلم، فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه، حلو .. حامض .. عذب .. أجاج .. وغير ذلك، ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه.
قال مالك بن دينار: إن الأبرار لتغلي قلوبهم بأعمال البر، وإن الفجار تغلي قلوبهم بأعمال الفجور، والله يرى همومكم، فانظروا ما همومكم رحمكم الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *