تتمة الأفكار والمعتقدات:
وتتضح أفكار الجبهة ومبادئها في النداء الذي وجهه بعض العلماء كالدكتور عباسي مدني قائد الجبهة، وهو النداء الذي أطلق عليه (نداء 12 نوفمبر 1989م)، وما تلاه من بيانات وجهتها الجبهة للحكومة وللشعب الجزائري، ويمكن إيجازها فيما يلي:
ـ ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والتربوية وغيرها.
ـ توفير الحرية للشعب ورفع الظلم والاستبداد.
ـ اعتماد الاقتصاد الإسلامي ومنع التعامل بالحرام.
ـ إعمال الشريعة في شأن الأسرة ورفض الأسلوب الفرنسي الداعي إلى التحلل.
ـ المطالبة بالاستقلال الثقافي، والتنديد بتزوير مفهوم الثقافة.
ـ إدانة إفراغ التربية والثقافة من المضمون الإسلامي.
ـ شجب استخدام الإعلام من قبل الدولة في مواجهة الصحوة الإسلامية.
ـ معاقبة المعتدين على العقيدة وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
ـ النهوض بالشعب إلى النموذج الإسلامي القرآني السني.
ـ الإشعاع على العقول بأنوار الهداية وإنعاش الضمائر بالغذاء الروحي الذي يزخر به القرآن والسنة، وشحذ الإرادة بالطاقة الإيمانية الفعّالة.
ـ العمل بالدين القويم لإنقاذ مكاسب الشعب التاريخية وثرواته البشرية والطبيعية دون إضاعة للوقت.
ـ العمل على وحدة الصف الإسلامي، والمحافظة على وحدة الأمة، قال تعالى: (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). سورة الأنبياء: الآية: 92 وقال صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً”.
ـ تقديم بديل كامل شامل لجميع المعضلات الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية، والاجتماعية في نطاق الإسلام، قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) سورة آل عمران: الآية: 19 وقال تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم). سورة الإسراء، الآية:9.
ـ الإنقاذ الشامل، أسوة بالرسول صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها). سورة آل عمران: الآية: 103.
ـ تشجيع روح المبادرة وتوظيف الذكاء والعبقرية وجميع الإرادات الخيرة في البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحضاري.
وقوف الجبهة في وجه مصالح الغرب عامة وفرنسا خاصة وهذه المصالح تتمثل في:
ـ إبعاد الإسلام عن السياسة تماماً.
ـ فتح الأسواق للبضائع الأوروبية والأمريكية.
ـ جر المجتمع الجزائري المسلم للتغريب والإبقاء على الثقافة الفرنسية بكل أشكالها.
من هنا شكّل فوز الجبهة في المجالس التشريعية خطراً حقيقيًّا من وجهة نظر الغرب على هذه المصالح، وصرح سيد أحمد غزالي عندما وصلته نتائج الاقتراع “إن الشعب صوّت ضد الديمقراطية” فكان من نتيجة ذلك إلغاء الانتخابات لأنهم يريدون ديمقراطية بدون إسلام، وكذلك تدخل الجيش وفرض الارتداد عن نهج تسليم السلطة سلميًّا للطرف الفائز في الانتخابات وتشكيل جهاز جديد للحكم وتشكيل سلطة مدعومة عسكريًّا، وبدأ اعتقال عناصر الجبهة القيادية والشبابية وإيداعهم في سجون نائية في قلب الصحراء حتى يتوقف المد الإسلامي، وأصدرت المحكمة الإدارية قراراً بحل الجبهة وسحب البساط من تحت أقدامها حتى يمكن اتخاذ كافة الإجراءات لمصادرة نشاطها، ولكن قادة الجبهة أعلنوا أن الدولة الإسلامية في الجزائر قائمة لا محالة بهم أو بغيرهم اليوم أو غداً إن شاء الله، وقد استقال الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد بعد الفوز الساحق للجبهة، وتولى الحكم الرئيس محمد بوضياف الذي اغتيل ولا زالت الأحداث تتوالى سراعاً؛ حتى تولى الحكم عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يبرح كرسي الرئاسة منذ ذلك التاريخ.
الجذور الفكرية والعقائدية
تعد آراء جمعية العلماء في الجزائر منذ ابن باديس وحتى الإبراهيمي الجذور الفكرية لجبهة الإنقاذ من حيث الرجوع إلى الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح، وكذلك كتابات حسن البنا وسيد قطب وغيرهما من القواعد الفكرية للنهضة الإسلامية التي تعتمدها الجبهة.
مما يؤخذ على الجبهة
أنها انشغلت بأمور السياسة على حساب التربية، ونشر العقيدة الصحيحة والعلم النافع بين أفراد المجتمع، ولعل مآل الأحداث في الجزائر يدفعها إلى إعادة النظر في هذا المسلك الخاطئ، ويعيدها إلى التروي والحكمة والصبر، مع الاستمرار في نشر الخير.
ويتضح مما سبق:
أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر حركة إصلاحية إسلامية سلفية في مجملها، فيها بساطة الإسلام، دعت إلى تحكيم الإسلام في شتى مجالات الحياة، ورأت ضرورة التزام رئيس الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية طالما أنه يحكم شعباً مسلماً، مع إصلاح النظام التعليمي والأمني والإعلامي في ضوء عقيدة الإسلام السمحة، وقد وقفت الجبهة في وجه مصالح الغرب عامة وفرنسا خاصة، وهي المصالح التي تتمثل في إبعاد الإسلام عن السياسة تماماً وفتح الأسواق للبضائع الأوروبية والأمريكية وجرِّ المجتمع الجزائري المسلم صوب التغريب والإبقاء على الثقافة الفرنسية بكل أشكالها وهو ما يرفضه المجتمع الجزائري.