جاء في رسالة من وزير الخارجية الفرنسي إلى السفير المغربي بباريس الحاج محمد المقري، بتاريخ 18 أكتوبر 1911:
«توصلت بالرسالة التي بعثتم بها باسم صاحب الجلالة المتعلقة بالاتفاق المغربي. هذه الرسالة تتلاقى مع التي بعثتها لجلالته باسم حكومة الجمهورية يوم 17 من الجاري، والتي سيجد فيها جلالته الضمانات الكافية التي تضعها الحكومة رهن إشارة العرش والجالس عليه.
ومن أجل إعطاء الجواب المرضي على تلك التساؤلات المطروحة من قبل جلالته، فإني أرفق جوابا مفصلا عليها، وستبقى مسائل الأمن العامة المرتبطة بإقامة المؤسسات الإدارية المغربية لتناقش بين مولاي حفيظ وممثلي فرنسا» ص: 241.
وجاء في الجواب المرفق، المؤرخ بـ18 أكتوبر1911، من طرف وزير الخارجية الفرنسية إلى السفير المغربي، حول ملاحظات مولاي حفيظ السالف ذكرها:
«1 و2 و3 و4 و5: نؤكد على الضمان المقدم في رسالة 17 أكتوبر 1911 في موضوع الحفاظ على المكانة السامية للجلالة الشريفة داخل الإيالة، وعند الاقتضاء على تراب الجمهورية الفرنسية حيثما كان، ولن يعاق تحرك جلالته داخل الإيالة الشريفة، ولن نحمل للبلاد أحكاما إدارية مجحفة، وسيسمع جلالته ذلك من ممثلي فرنسا.
6 و7 و8: الممتلكات العقارية الخاصة بالسلطان التي هي تحت تصرفه الآن، لن تؤدي الضرائب كما هو عليه الحال اليوم.
9: الاتفاق الموقع بين كل من لكلاوي وقنصل فرنسا بفاس، حول الهبات المنتظمة من الأهالي، سيجري احترامه.
10 و11 و17: المسائل المتعلقة بالعائلة الشريفة ستترك من اختصاص السلطان يدبرها وفق تقاليد الأحكام الشرعية، وستبقى كما جاء في رسالة رئيس العائلة.
12: سيبقى السلطان معفى من الجمارك كما كان.
13 و14 و15 و18: اشتراطات الاتفاق المالي لمارس 1911 على موضوع القرض ستبقى محفوظة، وكل الاقتطاعات من مقاولات الأشغال العامة ستكون ضد حرية التجارة. قسمة الممتلكات الخاصة بالسلطان المتوفى تصفى وفق القانون الإسلامي. رغبة السلطان في وقف أملاكه على عائلته مقبولة.
16: المذكرات الصادرة في المواضيع المغربية والداخلية الموجهة ضد السلطان لا تبحث، وتعاد له.
18 و19: سيفتح اعتماد عندما تسمح الميزانية بإنشاء مستشفى حقيقي ومؤسسات تعليمية أهلية بفاس، يحتفظ السلطان بمعمل توليد الكهرباء لتوفير حاجيات القصر.
20: السلطان يولي ويعزل الموظفين الساميين بالإيالة الشريفة، كالوزراء والباشوات والقياد، بتفاهم مع ممثلي فرنسا حتى لا تقع أية عرقلة إدارية في وجه التعيينات التي يباشرها. لتعيين القياد ورجال الدين لا بد من مراعاة الكفاءة والشرف المعروف؛ وفي التعيينات العسكرية يحترم تطبيق القانون.
21: حق السيادة مكفول للسلطان.
22: الأعياد الإسلامية والتجمعات التقليدية للمخزن مصانة، وتؤدى مصاريفها من الخزينة الشريفة التابعة للغرض الخاص بالميزانية.
23 و25 و26: المسألة تمت تسويتها في الاتفاق.
24 و27: المسألة تمت تسويتها في رسالة 17 أكتوبر» ص: 242.
وفي 2 نونبر 1911، بعث ممثل القنصل الفرنسي بفاس إلى وزير خارجيته البرقية التالية:
«ترجاني بنغبريط أن أبعث إليكم البرقية التالية:
«استقبلت صباح اليوم من طرف جلالة الملك، الذي تسلم رسالة السيد وزير الخارجية ونص الاتفاق الفرنسي الألماني، وقدمت له في نفس الوقت تفسيرات مفصلة، كما وضعت بين يدي جلالته جواب الحكومة الفرنسية على ما طلبه منها الوسيط المقري باسم جلالته، ثم عرضت على مولاي حفيظ تنظيمات الحكومة الفرنسية المعتبرة طبقا للتعليمات التي بلغتني من باريس، وبعد مجادلات طويلة، أدرك السلطان الوضعية الحقيقية الموجودة أمام النتائج التطبيقية للاتفاق الفرنسي الألماني، فصرح لي بأنه على استعداد لإعطاء موافقته، ورفع اعتراضه على الاتفاق، وبخاصة إذا ما تم تعديل الفصل الثالث منه، ذلك أنه يعتبر أن جواب الحكومة الفرنسية على مطالب المقري غير كافٍ، إذ يلح على أن يكون الجواب الفرنسي على كل فصل، ولن يقبل أي تتميم أو تدقيق إذا لم يكن في صالحه، وقد قبل فقط الفصول 23 و24 و25 و26 و27، التي وجد تسويتها بالاتفاق.
والخلاصة أن السلطان صرح بأنه مستعد فورا للمصادقة على الاتفاق بمجرد توصله بجواب من الحكومة الفرنسية يرضيه بشأن باقي الفصول المعبرة عن توجهاته الخاصة، لاسيما الفصل الثالث في الاتفاق الفرنسي الألماني» بنغبريط».
وفي 6 نونبر 1911، بعث مولاي حفيظ برسالة إلى وزير الخارجية، يشرح له فيها موقفه من الاتفاق الفرنسي الألماني والتعديلات المقترحة عليه لقبولها، مبينا له تمسكه بتغيير الفصل الثالث من الاتفاقية السالف ذكرها. جاء بالمذكرة:
«لي الشرف بإخباركم أني توصلت برسالتكم المؤرخة في 17 أكتوبر 1911، عن طريق الوسيط الحاج محمد المقري، تستعرضون فيها الأسباب التي دفعت الحكومتين الفرنسية والألمانية لدراسة الوسائل الكفيلة بإقامة السلم والتقدم في إيالتنا الشريفة، وإبرام اتفاق بين البلدين حول المغرب وفقا لمقررات الجزيرة، هذا الاتفاق المقدم لنا والمكون من 14 فصلا من شأنه أن يقدم لنا أحسن التنظيمات التي ترى الحكومة الفرنسية أنها ستكون مفيدة لتنميتنا وتحسين إدارة حكومتنا الشريفة، وهو إحساس حقيقي يعتبر أساس البناء الذي تريد فرنسا ورجال دولتها المكلفين بتنفيذه لإنجاح ازدهار إيالتنا وتنمية ثرواتها تحت سيادتنا، متعهدة بالدفاع عن شرف عائلتنا وحقوقها المكتسبة طبقا لأعرافنا الوطنية الإسلامية المنضبطة بالشرع، والمحافظة على مؤسسات الأحباس، وتأييد خليفتنا المحتمل، وهو ما يقود للثناء على سلوك فرنسا المحتمل.
تلحون على تصديق جلالتنا على الاتفاق، وخاصة الفصل الثالث لأنه يؤدي إلى وقف المضاعفات السيئة للتدخلات الأجنبية، أنتم تعلمون بياننا الذي ينص على مراجعة قانون الحماية الذي في الفصل الثالث لتحقيق قبولنا بالاتفاق، لقد درسنا باهتمام رسالتكم، وفهمنا تصريحكم الذي يقوم على الصداقة الخالصة المعلنة من قبل حكومة الجمهورية لرؤية إيالتنا الشريفة في طريق الحضارة العالمية، ونحن لن نتوقف عن تكريس جهدنا للسير في هذا الاتجاه المرسوم من طرف المتعاونين الفرنسيين الذين يسهلون تواصل الأفكار بيننا وبين بعثتهم. لقد فهمنا ما خص به الاتفاق الفرنسي الألماني جلالتنا، ونحن نقدم له دعمنا، غير أن الفصل الثالث في الاتفاق نطلب إرجاء الموافقة عليه لغاية دراسته عن قرب مع الطالب بنغبريط، لأهمية موضوعه» ص: 242.
وفي 7 نونبر 1911، بعث وزير الخارجية الفرنسي المراسلة التالية إلى ممثل القنصلية الفرنسية بفاس، جاء بها:
«هذا هو النص الذي قدمه القنصل للمخزن بعد التوقيع على جواب ملاحظات السلطان:
الفصول 1 و2 و3 و4 و5 مقبولة.
الفصل 6: مفهوم بأن جلالة مولاي حفيظ سيواصل شخصيا دوره السيادي طيلة تربعه على العرش في القصور الملكية بمراكش وفاس ومكناس والرباط، وفي نفس الوقت يواصل المخزن تمركزه في الموانئ. ليس هناك تعليمات جديدة يمكنها إزالته من مكانته في القصور الملكية دون رضاه؛ والدخول إليها يبقى منظما من طرف حاجب صاحب الجلالة، وفي حالة ما إذا افترض وقدر تنازل مولاي حفيظ عن السلطة وأراد البقاء في فاس، فإن قصر دار الدبيبغ والحدائق المحيطة به ستصبح في ملكيته الخاصة.
الفصل 7: سيحتفظ صاحب الجلالة مولاي حفيظ بأملاكه الخاصة، المنازل المذكورة في اللائحة المرفقة مع الاستثناء الموجود في الفصل 6، المنازل المكونة من الامتيازات مولاي حفيظ من طرف أخيه مولاي عبد العزيز، التي اقتناها مولاي حفيظ بأمواله، طبعا المباني التي تعتبر ضمانة الإيالة الشريفة لا يمكن أن تدخل ضمن أملاك السلطان.
الفصل 8: المباني الخاصة في الفصل 6 و7 ستبقى غير خاضعة للضرائب».
إلى متم فصول المذكرة السالف ذكرها في رسالة المقري عن مولاي حفيظ.
وفي 9 نونبر 1911 بعث المكلف بالقنصلية الفرنسية بفاس «ماركوري» إلى وزير الخارجية الفرنسية الرسالة التالية:
«قدمت هذا الصباح بمرافقة بنغبريط المذكرة الفرنسية طبقا لتعليماتكم، وبعدما اطلع عليها سمح لي جلالته بإخباركم بأن المصادقة الإجمالية قد سبق أن أعطاها، وقد تبنى جزئيا الفصل الثالث، وقد كلفني إبلاغكم شكره على مواقفكم المتعاطفة لدى الحكومة الفرنسية ومراعاتكم، راجيا أن يكون الاتفاق كاملا بواسطة مزيد من الحدود المتعلقة بملكية البطحاء، مع حديقة بوجلود التي تعود له ملكيتها، مصرحا لي بعدم تنازله عن حقه الثابت فيها».
وفي 9 نونبر 1911، بعث مولاي حفيظ إلى وزير الخارجية الفرنسية الرسالة التالية:
«تبعا لرسالتنا المؤرخة في 14 ذي القعدة 1329، المتعلقة بالاتفاق الفرنسي الألماني، لنا الشرف بإخباركم بأننا حاولنا التركيز على الفصل الثالث من ذلك الاتفاق، لأننا نريد تفهما أحسن من حكومتكم فيما يتعلق بمصارحة جلالتنا وإيالتنا السعيدة، في مستوى القدر من الشروح المقدمة من قبل الطالب المحترم عبد القادر بنغبريط.
إن الفصل الثالث من هذا الاتفاق يقدم الوسائل لوضع حد للصعوبات الحالية، ونحن مقتنعون بأن النتيجة التي نتمناها هي الدفاع عن مصالح إيالتنا الشريفة وسلوك أحسن طريق تسلكه الدول الكبرى.
عندما يتقدم ممثلو حكومتكم لدى جلالتنا من أجل طرح الإصلاحات المقترحة في أفق تأمين نجاح تنمية البلاد، سيجدون من جلالتنا الدعم المتوافق مع ما صرحنا به بكل حرية في نفس الاتجاه، باعتباره أيضا خيار حكومتنا للنهوض بالوضعية الحالية وإغنائها».
كما بعث مولاي حفيظ رسالة أخرى بنفس التاريخ إلى وزير الخارجية الفرنسية، جاء بها:
«قدم لي اليوم نائب القنصل ميريسي بفاس، وخديمنا الطالب عبد القادر بنغبريط، آخر مقترحاتكم في موضوع ملاحظاتنا المتعلقة بوضعنا الشخصي، اقتراحا مستوحى من اختيار الحكومة الفرنسية بإحاطة عرشنا القيم بما يعتبر خاصا وغير مطموع فيه، يتيح له اللقاء والاستمرار غير مطموع فيه لا نخشى عليه شيئا.
وبعد دراسة محتوى المقترحات المقدمة من الحكومة الفرنسية اللائقة المقبولة، قدم لنا ممثلكم معلومات مكملة لتلك المذكرة تتعلق بالقصور الخاصة بالسيادة التي سبق لنا إنهاء التباحث فيها مع نائب قنصلكم والطالب بنغبريط، مسألة البطحاء والحديقة التي في بوجلود، نريد تكليف لجنة لديكم من جديد للتباحث فيها، لأننا بدون ذلك سنرفض المصادقة على الاتفاق، وقد كلفنا الطالب بنغبريط بشرح ذلك مجددا لكم للوصول إلى حل إيجابي للمسألة التي كلفناه بها».