خلافات مصر والسعودية أبعد من «الإخوان» والسيسي انفتح على الأسد وموسكو دون تنسيق

كشف مراسل صحيفة «القدس العربي» في عمان، بسام البدارين، أن الأردن تتعامل بحذر وقلق مع «التباعد المرصود» بين القاهرة والرياض خلافا لما يبدو عليه الأمر.
وكتب أن العلاقة بين الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والدولة السعودية، بزعامة الملك سلمان بن عبد العزيز، بالنسبة للدوائر العميقة في الأردن، لا تبدو مطمئنة في هذه المرحلة بل و«مقلقة»، لأنه يتخللها العديد من المطبات التي تعيق طموحات الأردن في التقدم.
القرينة الأكبر، كما يقول، على إخفاق الدبلوماسية الأردنية في تمرير المصالح بعلاقات متوازنة مع الجانبين برزت عندما «عاتبت» القيادة السعودية -وراء الكواليس- الأردن على موقف للرئيس السيسي، بمعنى اتخذت الرياض موقفا من الأردن بناء على رأي منقول عن السيسي له علاقة بعاصفة الحزم عند انطلاقها.
عندما تبين للأردنيين أن السيسي «نقل كلاما لا ينبغي نقله» بين الدول، وله علاقة برأي أردني يتعلق بمأزق اليمن، خففت وسائل الإعلام الرسمي الأردنية من خطابها الذي يتعامل مع السيسي باعتباره «زعيما للأمة»، وتلاشت تلك اللهجة السياسية الإعلامية الأردنية التي تطالب بصدارة مصر وقيادتها للنظام العربي الرسمي.
الإخفاق الأردني في قراءة أعماق المشهد المصري السعودي تجلى، حسب مصدر أردني نقل عنه الكاتب في صحيفة «القدس العربي»، في عدم إدراك الحساسية التي تشعر بها الرياض عندما ينمو ويكبر الدور الإقليمي المصري ويتطلع للزعامة على حساب الدور الإقليمي السعودي نفسه.
هنا، وفقا للمراسل، لم تقرأ عمان درسها جيدا فيما يبدو ولم تدرك أن السعودية تدعم السيسي وتساهم في الحد من طموحات الإخوان المسلمـين، لكنها لا تريد للنظام المصري أن يتفوق ويتصدر دون تنسيق مع السعودية وليس خارجها وبصورة يمكن أن تهدد الدور الإقليمي والدولي للسعودية التي تواجه سلسلة من الخذلان الأمريكي والروسي والعربي.
الأردن بالغ في الحديث العام الماضي عن «تمكين» مصر السيسي من الزعامة وقيادة مشاريع مكافحة الإرهاب، هذه المبالغة فهمت دوائر أردنية اليوم بأنها قد تكون السبب المرجح للبرود السعودي مع المصالح الأردنية، وتحديدا الاقتصادية والمالية، بالرغم من الكلام المعسول جدا الذي صدر عن كبار العائلة السعودية وعلى رأسهم الأمير الشاب محمد بن سلمان، وفقا لتقديرات الكاتب الأردني.
ونقل عن القيادي في الحركة الإسلامية الأردنية، الشيخ مراد عضايلة، أن السعودية في عهد الملك سلمان تبدو منصفة أكثر، وهي لا تنشغل بمطاردة الإخوان المسلمين، مركزة على الأهم وهو النفوذ الإيراني كما كان يحصل في الماضي.
يقدر عضايلة أن التصدي للنفوذ «الفارسي الطائفي» في عمق العالم العربي هو نقطة جذب «متوافق عليها بين الإخوان المسلمين والسعودية وكل شرفاء الأمة»، فيما يلاحظ مطبخ الإخوان المسلمين المصري في تركيا أن السعودية «أقل تطرفا» وأقل دعما للأطراف التي تحاول شيطنة «الإخوان». كما إن الرياض، وعلى هامش «عاصفة الحزم»، تحدثت مع النسخة اليمنية من الإخوان ونسقت مع قطر وتركيا واستقبلت خالد مشعل.
في القراءة الأردنية، فإن السعودية لا يعجبها مواصلة العزف على وتر تقوية السيسي ونظامه بما يتجاوز الحسابات الدقيقة. ولا يعجبها موقف السيسي من الملف السوري ولا انفتاحه السريع وغير المدروس مع الرياض على موسكو، ولا يعجبها إسقاط السيسي للشعار العسكري القديم الذي رفعه في أول خطاباته بعد دعم الانقلاب عندما تعهد بالوقوف مع الأشقاء الذين وقفوا مع مصر بعبارة «..هي مسافة السكة».
«سكة» السيسي باتجاه دعم الرياض كانت طويلة ومتباطئة، كما يرى الكاتب، والجديد في الموضوع أن عمان متهمة خلف الستار بأنها متواطئة معه ومشجعة لهذا الموقف. والجديد أن عمان أدركت مؤخرا تفصيلات قصة البرود السعودي وإن كانت لا تريد الاعتراف به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *