في كل نقاش مجتمعي عن التطرف والتشدد “كيفرعوا لينا راسنا”، على خطورة الأنترنت، وكيف أسهم هذا العالم الافتراضي في نشر الفكر المتشدد (حلقة برنامج “مباشرة معكم” الأخيرة في موضوع “كيف تتم صناعة التطرف والإرهاب؟” نموذجا)..
“دبا بالله عليكم، واش عندكم شي وجه أو لا”؟!!
هل تزورون موقع وزارة الأوقاف عندنا في المغرب أو لا؟
هل هو موقع متجدد؟ هل هو موقع يعيش مع متطلبات الناس؟ ويلبي حاجيات المؤمنين؟ هل يضم هذا الموقع ما يمكن أن تحصل به حصانة دينية من الفكر المشدد أو شُبه العلمانيين؟ بل هل يمكن أن تكوِّن من مادته على الأقل معرفة دينية لأجل التعبد؟
أليس موقع الوزارة لا يتجدد سوى في توقيت الآذان، وبمواكبة صلاة الملك للجمعة، وآخر أخبار المندوبيات ومباريات توظيف القيمين الدينين؟!!..
بل أين هو الموقع الإلكتروني للمجلس العلمي الأعلى -أعلى مؤسسة دينية في المغرب بنص الدستور- وقيام أصحابه السادة العلماء على تلقين المؤمنين المعرفة الدينية وحمايتهم من خطر القراءة المتشددة؟!!
وأين موقع الرابطة المحمدية للعلماء من النسيج المجتمعي.. بل حتى في الوسط العلمي بعد التغييرات التي طرأت عليها في السنوات الأخيرة؟..
وما مدى مصداقية هاته المؤسسات الدينية عند المغاربة؟!!..
لقد أصبح ذكر اسم الجهاد “يا ناس” عند القيمين على تعليم الدين ونشره من المحذورات، و”ما يقدر الواحد” حتى أن يقول: “جاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم..”..
ولم نعد نسمع الجهاد لا في الخطب ولا في القنوات ولا الإذاعات ولا الصحف ولا المجلات.. بل صار الحديث عنه وعن مكانته وأنواعه جريمة يخشى من ورائها العزل أو الاعتقال…
و”دبا حتى وقع ما وقع في ليلة الجمعة 13 نونبر الجاري (وسبحان الله نفس التوقيت ديال أحداث الدار البيضاء الأليمة (الجمعة ليلا)) بعاصمة “الأنوار” باريس، عاد أرى نتكلموا على الجهاد”!!
هل سنبقى دائما نؤخر العلاج حتى تقع المشاكل؟
أليس من العقل والمنطق والدين أن نقي مجتمعاتنا وأمتنا أسباب الوصول إلى الكوارث والأزمات وما تقع به المشاكل؟!!..
إن تعليم الناس وتفقيههم في دينهم، وتوضيح الأحكام الشرعية لهم، وتنقيح المفاهيم وتحريرها، نحتاجها خطة شاملة تربويا وعمليا، على مستوى الأفراد والمجتمع والدولة والحكم، وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم..
فالإسلام منهج حياة، وشامل بأحكامه وهديه جميع مناحي الحياة.. وعدم تمثله بتلك الشمولية.. لن يؤتي أكلا، في معالجة خطر القراءات المتشددة وما ينتج عنها.. لأننا في المقابل نصير أمام قراءة متسيبة للدين، وهو تطرف لا يقل خطورة عن التطرف الآخر..
فالتطرف الديني يقابله تطرف لا ديني وهو ما يذكي جذوته، والمفروض في السادة العلماء وفي المؤسسات الدينية أن يعلموا الناس أحكام دينهم، ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ويقوموا بدورهم الإصلاحي والقيادي، ليواجهوا تشدد الغلاة، ويتصدوا لجرأة ومهاجمة العلمانيين واللادينيين الذين اشرأبت أعناقهم، وطالت ألسنتهم في مغربنا الحبيب، ويبطلوا شبههم ومخططاتهم، حتى يتمثلوا قول نبينا صلى الله وسلم: “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين”.