رســـائــل إخـــــوان الصـــــفا مؤامرة على الإسلام

تضم هذه الرسائل العقائد الوثنية والمجوسية والإباحية التي نسقوها في جماع ركام الفكر البشري الزائف الممتد من فارس إلى الهند إلى اليونان والذي اختلطت فيه (الهلينية الإغريقية) بـ (الغنوصية الشرقية).
لقد كان من أبرز أعمال التغريب والغزو الثقافي في العصر الحديث، ممثلاً في الاستشراق والتنصير، إعادة طبع وإحياء رسائل إخوان الصفا من جديد بعد أن دفنت وماتت وكشف زيفها منذ أكثر من ألف سنة..
صدرت رسائل إخوان الصفا إبان القرن الرابع الهجري، وهي 52 رسالة مقسمة إلى أربعة أقسام، الرياضيات والطبيعيات والعقليات والإلهيات وكانت ثمرة لترجمة الفلسفة اليونانية إلى اللغة العربية.
إخوان الصفا والحركة الباطنية
وتعد رسائل إخوان الصفا إحدى ثمار الحركة الباطنية للجماعة السرية التي مزجت الفلسفة اليونانية والعقيدة الباطنية لتُخرِج للناس مذهباً جديداً يَمزُج إلهيات اليونان ونظريات أفلاطون وأرسطو وأفلوطين وفيثاغورث وغيرهم بالعقيدة الإسلامية في خليط مضطرب فاسد.
وكتموا أسماءهم
وقد أنتج هؤلاء (رسائل إخوان الصفا وخِلان الوَفا) التي أذاعوها بعد أن كتموا أسماءهم واستتروا وراء تلك الرموز الخفية التي وضعوها هنا وهناك من فصول كتاباتهم، واستهدفوا منها وضع برنامج للعمل السري الذي يستهدف القضاء على الإسلام ودولته وتأسيس دولة أخرى على أنقاض الدولة الإسلامية تضم العقائد الوثنية والمجوسية والإباحية التي نسقوها في جماع ركام الفكر البشري الزائف الممتد من فارس إلى الهند إلى اليونان والذي اختلطت فيه (الهلينية الإغريقية) بـ (الغنوصية الشرقية).
مع أبي حيان التوحيدي
وصفهم أبو حيان التوحيدي في كتابه (الإمتاع والمؤانسة) بأنهم: “عصابة تألفت بالعِشْرة وتصادقت بالصداقة فوضعوا مذهباً زعموا أنهم قربوا به الطريق إلى الفوز برضوان الله وذلك أنهم قالوا: إن الشريعة قد دُنِّست بالجهالات، واختلطت بالضلالات، ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلا بالفلسفة؛ لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية، وزعموا أنه متى انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة العربية فقد حصل الكمال. ووضعوا 52 رسالة في جميع أجزاء الفلسفة علمياً وعملياً وأفردوا لها فهرساً وسموها (رسائل إخوان الصفا) وكتموا فيها أسماءهم وبثوها في الوراقين، ووهبوها للناس وحشوا هذه الرسائل بالكلمات الدينية والأمثال الشرعية والحروف المحتملة والطرق الموهمة” اهـ.
محتويات الرسائل
“تشتمل على الطبيعيات والرياضيات والإلهيات والعقليات يعوزها التعمق والنظام ويظهر فيها الإغراق في الخيال والاعتماد على الأفكار اليونانية من غير فحص ولا انتقاد، وبَحثٌ في كل علم من غير إشباع ولا كفاية، ينكرون فيها البعث بالأجساد، ويفسرون الآخرة والجنة والنار خلافاً لما تواتر عند المسلمين وفهم من النصوص الدينية القطعية، وينكرون الشياطين على الصورة التي يفهمها معظم المسلمين ويقولون: هي النفوس الشريرة الهائمة في فلك القمر مع أخواتها من النفوس التي جهلت ذواتها في الحياة الدنيا، ويفسرون الكفر والعذاب تفسيراً باطنيا فلسفياً، ويشتمل على كثير من الآراء الخيالية وبعضها تراث الكهان كأسرار الأعداد والتنجيم والفال والسحر والعزائم والإيمان بطوالع النجوم وتأثيرها، وموسيقى الأفلاك ونغماتها، وتشتمل كذلك على عقيدة الوحي والإمام المستور والتقية، وفيها أعداد النفوس، والقول بدولة جديدة تقوم على أهل البيت، وإخطار بانتهاء الدولة العباسية وزوالها.
وبالاختصار فهي مجموعة غريبة من الحكم والديانة، والشعوذة والكهانة والسياسة، وتقوم على أساس الفلسفة اليونانية الطبيعية والإلهية ونظرياتها وأوهامها وتنهار بانهيارها، وليست لها أهمية كبيرة، ولولا الاضطراب الفكري الذي كاد يسود العالم في القرن الرابع والخامس وإجلال كل ما يظهر من الصنعة الفلسفية لما نالت هذا الاهتمام”.
إخوان الصفا.. والإسماعيلية
ويقول أديب عباسي (الرسالة المصرية 1934م) معلقاً: “إن أول ما يلحظ من أوجه الشبه بين الإسماعيلية وإخوان الصفا هو الأسلوب الذي جَرَوا عليه في نشر دعوتهم والدعاية لمذهبهم.
وهو أسلوب الإسماعيلية المعهود (أسلوب التدرج في بث الفكرة والتلطف في عرضها على الناس) ومن أبواب التشابه بين الجماعتين اتفاقهما اتفاقاً كلياً في مذهب الحلول فهو في رسائل إخوان الصفا كما في تعاليم الإسماعيلية (المحور) الذي تدور حوله هذه الرسائل والتعاليم”.
ويقول المستشرق “ماكدونالد”: “إنه مما يثبت علاقة إخوان الصفا بالإسماعيلية ومن تفرع منهم: وجود قسم من رسائلهم في كتب الحشاشين المقدسة، وقد ألقى بعض الباحثين أضواء أخرى على موقف إخوان الصفا تشير إلى أن المثل الأعلى في رسائلهم ليس مثلاً أعلى إسلامياً (إنما هو عبراني في مخبره مسيحي في منهجه، يوناني في علمه) [مجلة الرسائل الإسلامية العراقية 1972].
وقد ذكر السيد محب الدين الخطيب عن “أغا خان” في كتابه (نور مبين حبل متين) أن مؤلف إخوان الصفا من أئمة الإسماعيلية وهو أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق.
ويقول الدكتور حسين الهمزاني أحد دعاة الإسماعيلية البهرة: “إن الإسماعيلية يَرَون القرآن كتاب العامة ورسائل إخوان الصفا كتاب الأئمة”.
إخوان الصفا.. وأبرز أعمال التغريب
لقد كان من أبرز أعمال التغريب والغزو الثقافي في العصر الحديث، ممثلاً في الاستشراق والتنصير، إعادة طبع وإحياء رسائل إخوان الصفا من جديد بعد أن دفنت وماتت وكشف زيفها منذ أكثر من ألف سنة، فقامت المطبعة الكاثوليكية في بيروت بإعادة طبع هذه الرسائل، ثم جاء طه حسين من أوروبا 1929م ليعيد طبع رسائل إخوان الصفا ويقدم لها, وليس هذا عيباً في ذاته إذا ما روعي فيه أصول البحث العلمي ووضعت هذه الرسائل في موضعها الحقيقي، من حيث أن جماعة إخوان الصفا ظهرت في القرن الرابع الهجري في البصرة على هيئة جماعة سرية من الباطنية والمجوس والزنادقة الحاقدين على الإسلام واللغة العربية، وقد كان هدفهم من كتابة هذه الرسائل وضع مخطط لتقويض المجتمع الإسلامي، ولو أن طه حسين كشف عن هذا الهدف لكان صادقاً في النصح لقومه، ولكنه كذب على الناس وادعى أن إخوان الصفا قوم مجددون مصلحون، قدموا للمجتمع الإسلامي الفلسفات الهندية والفارسية واليونانية لإنشاء ثقافات جديدة وهي الثقافة التي يجب على الرجل “المستنير” أن يظفر بها (على حد تعبيره).
وينضم إليه زميله “زكي مبارك” ليقول: “من الذي يصدق أن رسائل إخوان الصفا هي أعظم ذخيرة أدبية وفلسفية”, هكذا علّمهم المستشرقون، أما المطبعة الكاثوليكية فهي تقول: “إن من أسباب عظمة هذه الرسائل أن كتب عنها طه حسين، وجبور، والدسوقي، وصليب، والهمزاني، والعوا، وماسينيون”.
ولقد كان حقاً على هؤلاء جميعاً أن يكشفوا حقيقة رسائل إخوان الصفا بالنسبة لمفهوم الإسلام الأصيل، وأن هذه الرسائل تعارض هذا المفهوم في عدة أصول أساسية:
أولاً: إنكار البعث بالأجساد.
ثانياً: تفسير الجنة والنار والآخرة تفسيرًا مخالفاً لما تواتر عند المسلمين.
ثالثاً: تفسير الكفر والعذاب تفسيراً باطنياً معنوياً.
رابعاً: فساد نظريتهم القائلة بأن النبوة يمكن أن تكتسب عن طريق الرياضة وصفاء القلب.
خامساً: فساد قولهم بأن من ارتقى إلى علم الباطن سقط عنه التكليف واستراح من أعبائه.
منار الإسلام عدد 6 السنة العاشرة (بتصرف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *