درر وفوائد

بعض فوائد وحكم المستنبطة من غزوة أحد
ذكر ابن القيم عدة حكم وغايات لهذه الغزوة:
منها: تعريفهم سوء عاقبة المعصية والفشل والتنازع، وأن الذي أصابهم إنما هو بشؤم ذلك.
ومنها: أن حكمة الله وسنته في رسله وأتباعهم جرت بأن يدالوا مرة ويدال عليهم أخرى، لكن تكون لهم العاقبة.
ومنها: أن هذا من أعلام الرسل، كما قال هرقل لأبي سفيان: (هل قاتلتموه؟ قال: نعم، قال: كيف الحرب بينكم وبينه؟ قال: سجال، يدال علينا مرة، وندال عليه الأخرى، قال: كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة).
ومنها: أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب، فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر، وصار لهم الصيت، دخل معهم في الإسلام ظاهراً من ليس معهم باطناً، فاقتضت حكمة الله أن سبب لعباده محنة ميزت بين المؤمن والمنافق.
ومنها: أنه سبحانه لو نصرهم دائماً وأظفرهم بعدوهم في كل موطن، لطغت نفوسهم وشمخت وارتفعت.
ومنها: أنه سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته، لم تبلغها أعمالهم ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة، فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه.
ومنها: أن النفوس تكتسب من العاقبة الدائمة والنصر طغياناً وركوناً إلى العاجلة، وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة.
ومنها: أن الشهادة من أعلى مراتب أوليائه، ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسلط الأعداء.
ومنها: أن وقعة أحد كانت مقدمة وإرهاصاً بين يدي موت الرسول صلى الله عليه وسلم، فعاتبهم الله على انقلابهم على أعقابهم أن مات الرسول أو قتل، بل الواجب أن له عليهم أن يثبتوا على دينه وتوحيده ويموتوا عليه.
هل الصدقـة عن الميت تنفعـه؟
الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصله ثوابها وهذا بإجماع العلماء.
لحديث عائشة (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي افْتُلِتَتْ نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها، قال: نعم).
حكم ومواعظ
قال يوسف بن الحسين رحمه الله: على قدر خوفك من الله يهابك الخلق، وعلى قدر حبك لله يحبك الخلق، وعلى قدر شغلك بأمر الله تشغل الخلق بأمرك.
قال عامر بن يحيى بن أبى كثير: لا تشهد لمن لا تعرف، ولا تشهد على من لا تعرف، ولا تشهد بما لا تعرف.
قال حكيم: ستة يمتن القلب: إتباع الذنب بالذنب، وكثرة مجادلة السفهاء، وملاحات الأحمق، ومجالسة موتى القلوب، والسلطان الجائر، والعالم المفتون بالدنيا.
قال الشافعي رحمه الله: لا يكمل الرجل في الدنيا إلا بأربع: الديانة، والأمانة، والصيانة، والرزانة.
قال حكيم: راحة الجسم في قلة الطعام، وراحة النفس في قلة الآثام، وراحة القلب في قلة الاهتمام، وراحة اللسان في قلة الكلام.
قال الحسن رحمه الله: إنكم لا تنالون ما تحبون إلا بترك ما تشتهون، ولا تدركون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون.
ذكرت الفتوة عند سفيان الثوري، فقال: ليست الفتوة بالفسق ولا الفجور، ولكن الفتوة كما قال جعفر بن محمد: طعام موضوع، وحجاب مرفوع، ونائل مبذول، وبشر مقبول، وعفاف معروف، وأذى مكفوف.
سئل حكيم: عن أي الرجال أفضل فقال: من إذا حاورته وجدته حكيما، وإذا غضب كان حليما، وإذا ظفر كان كريما، وإذا استمنح منح جسيما، وإذا وعد وفى وإن كان الوعد عظيما، وإذا شكى له وجد رحيما.
قال سفيان الثوري رحمه الله: إذا استوت السريرة والعلانية فذلك العدل وإذا كانت العلانية أفضل من السريرة فذلك الجور وإذا كانت السريرة أفضل من العلانية فذلك الفضل.
قال مورق العجلى رحمه الله: يا ابن آدم تؤتى كل يوم برزقك وأنت تحزن، وينقص عمرك وأنت لا تحزن، تطلب ما يطغيك وعندك ما يكفيك.
يروى أن ابن المنكدر رحمه الله عندما نزل به الموت بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال ما أبكي لذنب أعلم أني أتيته، ولكني أخاف أن أكون قد أذنبت ذنبا حسبته هينا، وهو عند الله عظيم.
قال أحد الحكماء: إن بقاءك إلى فناء، وفناءك إلى بقاء، فخذ من فنائك الذي لا يبقى لبقائك الذي لا يفنى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *