حكم ومواعظ

السلف والقناعة

قال بعض العلماء: أنت أخو العز ما التحفت بالقناعة.
قال بعض الحكماء: أطول الناس هماً: الحسود وأهنأهم عيشاً القنوع.
وقال حكيم لابنه: يا بني: العبد حر إذا قنع، والحر عبد إذا طمع.
وقال عمر: أيها الناس! إن الطمع فقر، وإن اليأس غنى، وإن الإنسان إذا يئس من الشيء استغنى عنه.
وقال سعد لابنه: يا بني! إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة، فإنها مالٌ لا ينفد، وإياك والطمع فإنه فقر حاضر.
وقال أبو حازم: ثلاث من كن فيه كمل عقله: من عرف نفسه، وحفظ لسانه، وقنع بما رزقه الله عز وجل.
سئل بشر بن الحارث عن القناعة فقال: لو لم يكن فيها إلا التمتع بعز الغنى لكان ذلك يجزي، ثم أنشأ يقول:
أفـــادتنا القـــناعـــة أي عـــــز  *** ولا عـــز أعز مـــن القــــناعة
فخذ منها لنــفسـك رأس المــال ***  وصير بعدها التقــوى بضـاعة
تحز حالين تغنى عـن بخـــــيل *** وتسعد في الجنان بصبر ساعة
ثم قال: مروءة القناعة أشرف من مروءة البذل والعطاء.
قال الشاعر:
هي القناعــة فالزمها تعش ملكاً *** لو لم يكن فيها إلا راحةُ البدنِ
وقال شاعرٌ آخر :
هــي القنــاعة لا تـرضـى بهــا بــدلا *** فيـهــا النـعيـم وفـيهـــا راحــة البــدن ِ
أنظــر لمــن ملــك الدنيــا بأجمـعــها *** هـل راح منها بغيــر القطـن والكفـن
وقال آخر:
ولاتجـزع إذا أعـسـرت يـوما *** قد أيسرت في الزمـن الطويل
ولا تظن بـربك ظـــن ســـوء ***  فــــــإن الله أولــى بالجــمـيـل
وأن العــســـر يتبـعــه يـــسار ***  وقـــول الله أصـــدق كـل قيل
فلو أن العقول تـسـوق رزقــا *** لكان المال عــند ذوي العقول
قال ابن الجوزي
يا من قد وهى شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه، أما بلغك أن الجلود إذا استشهدت نطقت! أما علمت أن النار للعصاة خلقت! إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها، فتذكر أن التوبة تحجب عنها، والدمعة تطفيها.
فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه
قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من أين أقبلت؟ قال: من طلب الدنيا، فقال: هل أدركتها؟ قال لا، فقال: واعجباً! أنت تطلب شيئاً لم تدركه، فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه.

درر وفوائد
قوله صلى الله عليه وسلم: (أقيموا صفوفكم.. فإني أراكم من ورائي ظهري).
في الحديث معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ وهي رؤيته من ورائه، ولكن ينبغي أن يعلم أنها خاصة في حالة كونه صلى الله عليه وسلم في الصلاة، إذ لم يرد في شيء من السنة أنه كان يرى كذلك خارج الصلاة أيضاً.
السلسلة الصحيحة 1/41
قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً).
في قوله: (خليفة) وجهان من التفسير للعلماء:
أحدهما: أن المراد بالخليفة أبونا آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، لأنه خليفة الله في أرضه في تنفيذ أوامره، وكون الخليفة هو آدم هو الظاهر المتبادر من سياق الآية.
الثاني: أن قوله (خليفة) مفرد أريد به الجمع، أي: خلائف، وهو اختيار ابن كثير.
وإذا كانت الآية الكريمة تحتمل الوجهين المذكورين فاعلم أنه قد دلت آيات على الوجه الثاني، وهو أن المراد بالخليفة: الخلائف من آدم وبنيه لا آدم نفسه، كقوله تعالى: (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) ومعلوم أن آدم ليس ممن يفسد فيها، ولا ممن يسفك الدماء، وكقوله (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ).
أضواء البيان 1/69

حديث أنس من قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تشددوا على أنفسكم، فيشدد الله عليكم..).
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدد في الدين بالزيادة على المشروع.
والتشديد تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب ولا مستحب: بمنزلة الواجب والمستحب في العبادات، وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه في الطيبات.
وفي هذا تنبيه على كراهة النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما عليه النصارى من الرهبانية المبتدعة.
وفيه أيضاً تنبيه على أن التشديد على النفس ابتداء يكون سبباً لتشديد آخر، يفعله: إما بالشرع وإما بالقدر.
اقتضاء الصراط المستقيم 193

غض البصر عن المحارم يوجب ثلاث فوائد عظيمة الخطر جليلة القدر:
إحداها: حلاوة الإيمان ولذته، التي هي أحلى وأطيب وألذ مما صرف بصره عنه وتركه لله، فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
الفائدة الثانية: في غض البصر نور القلب وصحة الفراسة.
الفائدة الثالثة: قوة القلب وثباته وشجاعته فيعطيه الله بقوته سلطان النصرة.
فمن أطلق لحظاته دامت حسراته.
إغاثة اللهفان 1 /55

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *