حكم ومواعظ

قال محمد بن علي لابنه: يا بني إياك والكسل والضجر فإنهما مفتاح كل شر، إنك إن كسلت لم تؤد حقا وإن ضجرت لم تصبر على حق.
قال محمد بن كعب القرظي: إذا أراد الله بعبد خيرا جعل فيه ثلاث خصال: فقها في الدين، وزهادة في الدنيا، وبصرا بعيوبه.
قال مجاهد: من أعز نفسه أذل دينه، ومن أذل نفسه أعز دينه.
قال عبد الله بن عبيد بن عمير: الإيمان قائد، والعمل سائق، والنفس حرون (هي التي إذا استُدِرَّ جَرْيُها وقَفَتْ)، فإذا ونى قائدها لم تستقم لسائقها، وإذا ونى سائقها لم تستقم لقائدها، ولا يصلح هذا إلا مع هذا حتى تقوم على الخير: الإيمان بالله مع العمل لله والعمل لله مع الإيمان بالله.
قال ابن شبرمة
لـو شئـت كنـت كـكرز في تعبــده *** أو كابن طارق حول البيت والحرم
قد حاول دون لذيذ العيش خوفهما *** وسـارع في طلاب الفــوز والكـرم
قال وهيب بن الورد: كان يقال الحكمة عشرة أجزاء فتسعة منها في الصمت والعاشرة عزلة الناس، قال فعالجت نفسي على الصمت فلم أجدني أضبط كل ما أريد منه فرأيت أن هذه الأجزاء العشرة عزلة الناس.
وقال أيضا: اتق أن تسب إبليس في العلانية وأنت صديقه في السر.

عابد من رعاة المدينة
قال نافع: خرجت مع ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له، فوضعوا سفرة فمر بهم راع فقال له عبد الله: هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة، فقال: إني صائم، فقال له عبد الله: في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت في هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم، فقال الراعي: أبادر أيامي الخالية فعجب ابن عمر، وقال: هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجتزرها ونطعمك من لحمها ما تفطر عليه، ونعطيك ثمنها، قال: إنها ليست لي إنها لمولاي، قال: فما عسيت أن يقول لك مولاك إن قلت: أكلها الذئب فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول فأين الله.
قال: فلم يزل ابن عمر يقول قال الراعي فأين الله، فما عدا أن قدم المدينة فبعث إلى سيده فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم رحمه الله.

تسلية وترويح
فرو الأعمش
يقال أن الأعمش لبس مرة فروا مقلوبا، فقال له قائل: يا أبا محمد لو لبستها وصوفها إلى داخل كان أدفأ لك، قال كنت أشرتَ على الكبش بهذه المشورة. نزهة الفضلاء 2/534.
الشمس أيضا لا تقدر على الحركة
جاء في الكواكب السائرة في ترجمة الشيخ علاء الدين بن يوسف بن أحمد العالم العلامة الفناري الحنفي المتوفى سنة ثلاث وتسعمائة.
ومن لطائفه أنه كان يوما وجماعة ينتظرون الإفطار في رمضان، وكان شديد الحر، فاستبطئوا المغرب فقال: الشمس أيضا لا تقدر على الحركة من شدة الحر.
يا أبا عمير، ما فعل البعير
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول لأبي زرعة:
حفظ الله أخانا صالح بن محمد (الملقب جزرة)، لا يزال يضحكنا شاهدا وغائبا، كتب إلي يذكر أنه مات محمد بن بحيى الذهلي، وجلس للتحديث شيخ يعرف بمحمد بن يزيد محمش، فحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا أبا عمير، ما فعل البعير”، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تصحب الملائكة رفقة فيها خرس”، فأحسن الله عزاءكم في الماضي، وأعظم أجركم في الباقي.
ملاحظة: البعير محرفة من لفظ (النغير)، وخرس محرفة من لفظ (جرس).
أن يدفن على قارعة الطريق
كتب على قبر أبي هريرة بن النقاش بوصية منه:
بقارعة الطريق جعلت قبري *** لأحظى بالترحم من صديق
فيا مولى الموالي أنت أولى *** برحمة من يموت على الطريق
وسبب ذلك أنه أوصى أن يدفن على قارعة الطريق، فصار كل من مر بقبره يترحم عليه حتى بعض الناس: كان صاحب حيل في حياته وبعد مماته. المختار المصون من أعلام القرون 1/415.
خرج من لثغته خلاف بغيته
كان عبد الوهاب بن عبد الوهاب السيد تاج الدين الصلتي المتوفى سنة اثنتين وتسعمائة يلثغ بالراء، ووقعت لولده محنة اتهم فيما بقتل، فشكا حاله وبث حزنه للشيخ الوالد فكان يقول: ظلموا ولدي واتهموه ووالله أنه لبغيء مما اتهموه، يريد أنه بريء، فقال الوالد وتلطف:
قد جاءني التاج يوما *** يقول أنـــت غضــي
وإن نجـــلي نــــدب *** مثل السحاب غـــوي
قد اتهــــــــموه بقتـل *** وأنـه لبغـــــــــــــــي
يريد رضي، وروي، وبري، فخرج من لثغته خلاف بغيته.
جود جعفري
يرى أن شاعرا جاء إلى عبد الله بن جعفر، فأنشده:
رأيت أبا جعــــفر في المنام *** كَسَاني مِن الخَزِّ دُرَّعة
شَكوتُ إلى صاحبـي أمرَها *** فقال ستُوتى بها الساعة
سيكسُوكها الماجدُ الجعفريُّ *** وَمَن كَفُّهُ الدَّهرَ نَفاعـــة
ومن قال للجـود لا تَعدُنــي *** فقال لهُ السمع والطاعة
فقال عبد الله لغلامه: أعطه جبتي الخز، ثم قال له: ويحك كيف لم تر جبتي الوشي؟ اشتريتها بثلاث مائة دينار، منسوجة بالذهب، فقال: أنام، فلعلي أراها، فضحك عبد الله، وقال: ادفعوها إليه. نزهة الفضلاء 1/296.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *