سلاح للمقاومة الفلسطينية يرعب الاحتلال

تعمل المقاومة الفلسطينية على مسارات متعددة للإعداد لصراعها مع الاحتلال الصهيوني، ومن أهم ما أنجزته، الأنفاق الأرضية، التي يجري حفرها يدوياً لمسافات طويلة، أسفل حدود غزة مع الأراضي المحتلة.
وتمتد بعض الأنفاق خلف خطوط الاحتلال، ونُفذت منها عمليات جريئة في العدوان الأخير صيف عام 2014، وكان لها الأثر الكبير في تطور قدرات المقاومة. وجاءت فكرة الأنفاق بداية، من رغبة المقاومة في أسر جنود صهاينة لمبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، إلى أنّ تطورت كثيرا.
وشكّلت الأنفاق عاملاً مهماً للمقاومة ومحفّزاً لها بذات الوقت، وتنقسم إلى عدة أقسام، منها ما يتعلق بالمهام الخاصة والخطف والتسلل خلف خطوط الاحتلال، وأخرى تُستخدم كمرابض للصواريخ والقذائف. ودوماً ما تكون المقاومة حذرة في كشف أسرار هذه الأنفاق.
وفي طريق حفر «الأنفاق»، استشهد كثيرون من عناصر المقاومة وأصيب آخرون بحوادث اختناق، فظروف العمل تحت الأرض ليست كما فوقها، ولكنّ أصعب ما في العمل تحت الأرض إلى جانب الاختناق، هو احتمالات انهيار النفق، وهي تحدث إما لخلل في التربة أو العمل، أو لسوء الأحوال الجوية.
وعلى الرغم من كل محاولات الاحتلال لإبطال فاعليتها، إلا أنها باءت بالفشل والهزيمة، وفق بيان للقسام، الذي أكدت من خلاله «أنه وفي حال حاول العدو أن يتناسى، فإن الأنفاق الدفاعية ومرابض المدفعية تذكره بعشرات القتلى والجرحى والأسرى في صفوفه، يوم تجرأ على أرض القطاع المحرمة على آلياته وجنوده».
من جهته، أعلن القيادي في حركة «حماس» مشير المصري إنّ «الأنفاق تُشكّل استراتيجية عسكرية جديدة في قاموس المقاومة، أضافتها كتائب القسام، لصناعة تضاريس جغرافية عسكرية في أتون معركتها مع العدو الصهيوني، في ظل الأرض الساحلية لغزة، والتكنولوجيا العسكرية والأمنية المتطورة للكيان».
ويشير المصري إلى أنّ الأنفاق حققت نجاحات استراتيجية في المعارك السابقة مع الاحتلال، وخاصة معركة «العصف المأكول» سواء على صعيد التسلل خلف خطوط العدو، أو قتاله من نقطة الصفر، أو أسر جنود له من خلال هذه الأنفاق.
ويؤكد المصري أنّ «الأنفاق تُشكّل حلقة مهمة في صراع المقاومة مع الكيان، لكنها تكاملية مع الحلقات السابقة لصناعة واقع عسكري جديد للمقاومة الفلسطينية»، مشيراً إلى أنّ «كتائب القسام خصّصت لها وحدة أسمتها وحدة الأنفاق، شأنها شأن الوحدات الأخرى التي لا تقل أهمية عنها».
ويوضح القيادي في «حماس» أنّ «على العدو أنّ يدرك تماماً أنّ المقاومة ستأتيه من حيث لا يحسب، وأنّ المقاومة تمتلك في يديها وفي كل معركة جديدة مفاجآت، تباغت بها الاحتلال». ويؤكد أنّ «كل محاولات العدو الصهيوني للحدّ من قدرة المقاومة في تطوير ترساننتها العسكرية وقدراتها القتالية يائسة وفاشلة، أمام إرادة الرجال الشامخة التي كسرت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وبددت منظومة الأمن الصهيوني». ويشدّد المصري على أنّ «المقاومة مطمئنة لمستقبلها، ولتحقيق انتصارات جديدة في أي معركة مع العدو».
من جانبه، يشير الكاتب والمحلل السياسي في غزة، حاتم أبو زايدة إلى أنّ «سلاح الأنفاق أصبح جزءاً لا يتجزأ من المنظومة العسكرية الخاصة بكتائب القسام، التي برزت بشكل كبير في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع صيف 2014».
ويؤكد أبو زايدة أنّ «جيش الاحتلال الإسرائيلي بات يتعامل مع منظومة الأنفاق الخاصة بالقسام، على أنها التهديد الأبرز للأمن القومي الإسرائيلي، بالإضافة إلى سلاح الصواريخ الذي تمتلكه المقاومة الفلسطينية في غزة».
ويلفت إلى «حالة من التخوف في دوائر صناعة القرار العسكرية والأمنية الإسرائيلية، من وجود شبكة أنفاق استراتيجية تتخطى الحدود الفاصلة بين القطاع والأراضي المحتلة عام 1948، التي تعجز إسرائيل عن معالجتها لعدم وجود تكنولوجيا لمحاربة الأنفاق».
وختم أبو زايدة بالتأكيد أنّ «منظومة الأنفاق أسهمت في تعزيز استراتيجيات المقاومة العسكرية، والعمل على تطويرها والاستفادة منها في العديد من المجالات، بالإضافة إلى دورها الفعال في تنفيذ العديد من العمليات النوعية ضد جيش الاحتلال في الحروب المتلاحقة على القطاع».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *