لماذا اخترنا الملف

أمام العالم أجمع؛ وعلى مرأى ومسمع من المنتظم الدولي، تعيش المدينة العراقية «الفلوجة» هجوما وحشيا بربريا همجيا.
فهذه المدينة التي تقع ضمن محافظة الأنبار وتبعد بـ60 كلم عن العاصمة بغداد، ويسكنها قرابة نصف مليون شخص، تئن بين مطرقة «داعش» و«سندان» الحشد الشعبي.
فبدعوى محاربة الإرهاب وتطرف داعش، وتحت غطاء أمريكي، أحاطت قوات الحكومة العراقية الشيعية مدعومة بالمليشيات الرافضية المسماة زورا بـ«الحشد الشعبي»، بالفلوجة من كل الجهات، ضاربين عليها حصارا خانقا، ومستحرين القتل في أهلها دون رحمة.
علما أن التنظيم المتطرف داعش، والذي يتخذ سباسبة للتدخل في العديد من الدول (العراق، ليبيا، سوريا..) لا يمثل سوى 2% فقط من أعداد السكان الفلوجة، وفق ما أكده صباح كرحوت رئيس مجلس محافظة الأنبار.
فهل يعقل أن يقتل 98% من أجل القضاء على 2% من مقاتلي داعش؟!
فإذا كانت داعش منظمة إرهابية؛ فماذا يمكن أن نسمي ما تقترفه مليشيات الحشد الشيعي وحزب العمال الكردستاني «بي كاكا»؟!
ولماذا لم مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى تصنيفهما ضمن المنظمات الإرهابية؟!
إن إحصائيات مستشفى الفلوجة التعليمي حول الخسائر البشرية نتيجة استمرار القصف البري والجوي على المدينة السنية، تؤكد أن «الحصيلة الكلية لأعداد ضحايا القصف العشوائي المتواصل على مدينة الفلوجة منذ سبعة وعشرين شهراً قد ارتفعت إلى تسعة آلاف ومائة وتسعين (9.190) مدنياً بين قتيل وجريح».
وأكدت إدارة المستشفى «مقتل ثلاثة آلاف وأربعمائة وستة وأربعين (3446) مدنياً من بينهم خمسمائة وستة عشر طفلاً، وثلاثمائة واثنين وعشرين امرأة، فضلاً عن إصابة خمسة آلاف وسبعمائة وأربعة وأربعين مدنياً بجروح، من بينهم تسعمائة وثلاثة عشر طفلاً، وسبعمائة وأربعة وستين امرأة، جميعهم سقطوا جراء آلة الحرب والعمليات العسكرية التي تستهدف الأحياء السكنية وسط المدينة منذ الثلاثين من شهر دجنبر 2013 وإلى غاية الآن».
الغريب في الأمر أن تجاهل ما يقع في الفلوجة والعراق عموما لا يقتصر فقط على الأمم المتحدة، والتي تقيم الدنيا ولا يقعدها إن جرح أحد أصحاب العيون الزرق ولا تكترث لموت آلاف بل ملايين باقي البشر، بل الأمر ينسحب على عموم المسلمين وخواصهم أيضا من القامات الفكرية والسياسية والعلمية، حيث أن كثيرا منهم التزم الصمت ولم يحرك ساكنا حيال الدماء التي تسيل في الفلوجة بغير حق، وكأننا طبعنا مع من يستبيح أرضنا ويستحل أعراضنا ويهدر دماءنا.
ومن أجل تنوير الرأي العام والتعريف ببعض ما يجري في العراق والفلوجة الصامدة بالذات ارتأينا فتح هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *