المعصية تختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، فمعصية الله في الحرم مثلا، ليس كمعصيته في مكان آخر، ومقابل ذلك فإن الإثم المرتكب في الأماكن المقدسة والأزمنة المباركة، ليست كارتكاب الاثم في غيرهما، ولقد أقر أهل العلم هذا مستندين على نصوص يعسر حصرها.
النساء شقائق الرجال، ولا يمكن لأي مجتمع أن يفرض وجوده، إلا باعتبار المرأة كونها طرفا رئيسيا، في استمرار وبقاء النوع البشري على وجه البسيطة.
إن المرأة خلقها الله بمواصفات، لا يمكن أن تخضع للتغيير أو التعديل، ولذلك كانت الشريعة الإسلامية مهتمة بها أيما اهتمام.
وما ذاك، إلا لاعتبارات عديدة تجعل منها أنثى لها خصوصيات، ينبغي للمجتمع المسلم أن يطلع عليها، ليرسخ لها مكانها، حسب ما تتطلبه طبيعتها.
ما أكثر النساء اللواتي يطالبن بالحرية والتحرر، وخصوصا على مستوى اللباس، فتجدهن يتسابقن فيمن تكون أقدر على الجرأة، كاشفة عن مواطن مفاتنها، جاهلة أو متجاهلة، أن ذاك الأسلوب ما هو إلا كمن يكشف عن سلعته ليتاجر فيها، وقد تكون تلك السلعة مبتذلة، فيزينها كما تتزين المرأة لينجذب إليها كل من هب ودب.
وغالب قولهن، أنهن يسايرن العصر بما جدت فيه صيحات الموضة، لكن ألا يطرح عليهن سؤال من قبيل، هل العري موضة؟
إذا كان كذلك فالحيوانات من بقر، وخراف، وماعز…، أيضا تسير على درب الموضة، لأن الله خلقها دون أن يأمرها بارتداء الملابس.
ستقول بعض المدللات: إننا نلبس ألبسة، ممثلة في سراويل، ووو، لكن بعض العاقلات القليلات سترد عليهن: ولم تلك الملابس ضيقة، وكاشفة ولاصقة بل ممزقة، إلى حد ظهور الصورة الحقيقية لمفاتنك؟؟
إن الله لما أمر المرأة بالتستر، علم أن الرجل يحتاجها بل ويتشوق إليها عند أدنى حركة استسلام، وكيف لا وهي قد استسلمت له بجسدها المفضوح على مرأى ومسمع كل متسكع في الدروب، والشوارع، والأزقة.
إن الحقيقة إذا قادتنا إلى استقراء النصوص المتعلقة بستر المرأة لجسدها، -وهي كثيرة- سنجد أن غالب النساء تعلن التحدي للأوامر الإلهية، وخصوصا النساء اللواتي يدعين أنهن مثقفات، لأنهن قادرات على فهم المعاني من النصوص، أكثر من غيرهن.
التبرج لا يليق بالمرأة المسلمة في كل الأزمنة، لكن إذا تعلق الأمر برمضان الأبرك، فتلك وقاحة لا ترتكبها إلا من وجد في مخيلتها انتقاص للدين الإسلامي، وما ذلك، إلا لأن المعصية تختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، فمعصية الله في الحرم مثلا، ليس كمعصيته في مكان آخر، ومقابل ذلك فإن الإثم المرتكب في الأماكن المقدسة والأزمنة المباركة، ليست كارتكاب الاثم في غيرهما، ولقد أقر أهل العلم هذا مستندين على نصوص يعسر حصرها.
إن المرأة المتبرجة -أصلحها الله- تفتن الرجل في غير رمضان، فكيف بها تتزين وترتدي أشهى الحلل الكاشفة، والتي هي للأخلاق مبيدة ناسفة، في نهار رمضان الذي جعله الله للإمساك عن شهوتي البطن والفرج، لذا قد يتحقق الجوع والعطش، ولكن جنود فروج الرجال تظل معلنة الوقوع في المحظور، جراء العري والغواية والتغنج المشين، والصادر من امرأة لا تتوقى من انجرار نظرات المتقين، بله المهووسين بسعار اللحم البشري، والمدمنين على تأمله وتشهيه، حتى في أيام العبادة، والتي لا تتكرر إلا مرة واحدة في السنة.
ولعل تبرج النساء صار أمرا معهودا ومألوفا، وسبب ذلك، التطبيع الذي استطاعت كثير من الجهات ترسيخه وتكريسه، بل ربما تدريسه، حتى بات بعض من يحسبون على أهل الفضل والتقوى والورع، ينظرون إلى قريباتهم المتبرجات، من اليافعات وحتى الراشدات، -ينظرون إليهن- بعين الرضى وقد يحل محله الإعجاب والافتخار، وإذا حصل هذا فاغسل يديك على من يرتضيه من السلوك القويم.
ذلك التطبيع ارتضيناه بحب الانصهار مع مستجدات العصر ومواكبة الحضارة، بل وأحيانا قد نخضع ونستسلم لما يفرضه الغرب مخافة ألا ينزعج من تصرفاتنا التي تفرض ستر المرأة. ولقد قال الحق تماشيا مع هذا: “ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر” محمد:26.
لذلك غدا بعض من يخشون غضب الآخرين، يتخوفون من أن ينعتوا المرأة بأنها عورة، مع العلم أن النصوص صريحة واضحة في ذلك، ولعل ذلك الوصف هو أليق بالمرأة لا لكونه انتقاص من قدرها، ولكن لأخذ الحيطة من كثير العوارض التي قد تؤثر على تكوينها الفزيولوجي.
لاشك وأن بشرة المرأة حساسة، لا تتحمل لسعات أشعة الشمس الحارقة، والغبار المتطاير، والرياح الجافة والباردة ووو.
ومنه لو تدبرنا معنى العورة الموصوفة بها، لوجدنا أسرارا -قد تكون في صالحها- لا تعد كثرة، كانت هي السبب في نعت جسد المرأة بـ(العورة)
وعموم القول، والعقل -بله النص-، يزكي هذا الذي سأذكره، إن الهدية إذا كانت عارية نزل عليها الذباب، ونهشتها الأعين، وعافها المقبل عليها الذي يريد الزواج.
والهدية الملفوفة المتسترة، كان المقبل عليها في شوق وتلهف، ولا تحصل له سعادة واطمئنان حتى يحقق غايته من تلك الهدية، على الوجه الذي يرضي الحق عز وجل.
والسلام..