السينما المغاربية وأبعادها الثقافية والاجتماعية والأخلاقية د. مالك الأحمد

تمثل السينما أحد أهم الأدوات الإعلامية التي لها تأثير ملموس على القيم الاجتماعية والثقافة والأخلاق للمجتمعات كافة.
يتداخل البعد الفني والبعد الأخلاقي في السينما ويتحجج الكثير من المخرجين العرب بالبعد الفني لتمرير أخلاقيات مرفوضة أو مشاهد خادشة أو غير لائقة.
لا تختلف السينما المغاربية عن نظيرتها المشرقية في معارضة قيم المجتمعات العربية حيث نشأت مع الاستعمار الفرنسي وانطلق بها الاتجاه الفرنكفوني (هي أسوء في الجملة).
وقد عرف المغرب السينما مبكرا حيث صور مندوبو الأخوين “لوميير” بعض المشاهد الطبيعية في المغرب وقدموا 561 عرضاً سينمائيا خلال عام 1897!
ومع توقيع معاهدة الحماية الفرنسية مع المغرب 1912 أكد الماريشال ليو: “لا يمكن لأحد الشك في النتائج المثمرة التي نتوخاها من توظيف السينما كأداة للتربية”!
وعملت الإدارة الفرنسية منذ 1944 على تحويل المغرب إلى هوليود لمنافسة السينما المصرية وصنع سينما شعبية من أجل التطبيع الثقافي مع فرنسا المستعمرة.
وخلال حرب التحرير لم تغفل جبهة التحرير الوطني الجزائري أهمية السينما فأنشأت أول خلية سينمائية! تسجل كل ما يدور في أرض المعركة عام 1956.
هذا وتميزت سينما ما بعد الاستقلال في دول المغرب العربي (حتى الثمانينيات) بتعبيرها عن توجهات الأنظمة السياسية والأفكار التي تحملها بشكل بارز.
وفي تونس تأثر الإنتاج السينمائي بشخصية “المجاهد الأكبر!!” الرئيس الحبيب بورقيبة من 1957 حتى 1987 حيث مثل الشخصية الملهمة والقائد القدوة!!
وركز المخرجون المغاربة على القضايا الشعبية والعادات الاجتماعية في محاولة للوصول للطبقات الشعبية بمناقشة قضاياها طبعا بمنطقهم وضمن رؤيتهم هم.
وفي تونس دخلت السينما مبكرا في المواضيع الاجتماعية المصادمة للقيم وكان الدعم المادي من وزارة الثقافة التونسية لأفلام العري والجنس والكبت!
اجتمع في السينما المغاربية مصالح مادية وتقاطعات ثقافية أنتجت أفلاما منحطة وناقشت قضايا اجتماعية من منظور فرنكفوني وليس ديني ولا وطني.
الغريب أن صالات السينما في دول المغرب العربي في تناقص شديد ففي تونس فقط 30 وفي الجزائر نحوها والمغرب 50 صالة في انحسار ملموس مع الزمن!
رغم انحسار دور العرض إلا أن الإنتاج السينمائي في تزايد!
يقول وزير الثقافة الجزائري ميهوبي: اليوم لدينا أفلام يفوق عددها قاعات العرض!
فمازال هناك اهتمام رسمي بالإنتاج السينمائي في دول المغرب العربي والحكومات تدعمه حيث هناك 35 مهرجان سنوي للأفلام المحلية والعالمية.
كما تعاني السينما المغاربية من أزمة هوية بالغة بل أنها تستهدف الجمهور الغربي أكثر من الجمهور المغاربي مع تكريس صورة نمطية سلبية عن شعوب المغرب.
تستهدف السينما المغاربية إلى حد كبير إثارة فضول المتفرج الغربي الشغوف بالغرائب والطقوس بعيدا عن ثقافة المجتمع وانتمائه العربي والإسلامي.
اعتماد المخرجين في المغرب العربي بشكل رئيس على الدعم والتمويل الخارجي بالذات من فرنسا جعلهم أسيرون لوجهتها الثقافية والرواسب الاستعمارية.
والتطبيع الفني مع الكيان الصهيوني أمر ملموس من خلال مشاركة أفلام إسرائيلية في المهرجانات أو التصوير في المغرب أو الإنتاج المشترك. ومن ذلك:
الفيلم المغربي “الرجال الأحرار” عن ملاحقة اليهود في باريس من طرف الألمان النازيين والمساعدة التي قدمها مسجد العاصمة الفرنسية لإنقاذ بعضهم!
“فين ماشي يا موشي” وفيلم “وداعا أمهات” تم من خلالهما إتهام المغاربة بأنهم اعتدوا على اليهود وسرقوا ممتلكاتهم وطردوهم من أرضهم بدون حق(فيلم مغربي)!
الفيلم الجزائري “مدام كوراج” شارك في المهرجان الإسرائيلي للفيلم في حيفا وافتخر مخرجه بذلك وأن الأمر فني بحت ولا يمثل الدولة ولا يلزمها بشي!
السينما التونسية تميزت بالتركيز على قضايا الجنس والخيانة الزوجية والعذرية والشذوذ ضمن مسخ أخلاقي مقصود وبدعم من الدولة لإشاعة الفاحشة.
وينتقد المثقفون دعم وزارة الثقافة التونسية لأفلام العري والجنس (في عام واحد:11 فيلم تدور أحداثها في الحمام! و15 فيلم يحوي لقطات جنسية فاضحة).
تمتلأ السينما المغاربية بأفلام الشذوذ الجنسي والدعارة والخيانات الزوجية ضمن موجة إسفاف أخلاقي وفكري صادم للمجتمعات المغاربية وقيمها.
من إشكالات السينما المغاربية احتواء الكثير منها على الألفاظ البذيئة والخادشة للحياء والمعارضة حتى للذوق العام.
في الجانب الديني ركزت السينما المغاربية على جانب “التطرف” واستخدمته معول لتشويه الدعوة والدعاة والتنفير حتى من الدين الإسلامي.
تشكل المرأة محور المنتج السينمائي المغاربي ومادته الرئيسية وتتناول حريتها والاضطهاد الذي تتعرض له من المجتمع الذكوري وعلاقتها بأسرتها.
وتحاول معالجة قضايا المرأة المغاربية من منطلق علماني وغالبا ما تستهدف القيم الدينية مثل الولي في الزواج والشرف وحرية إقامة علاقة خارج إطار الزواج.
وسنعرض هاهنا مضطرين نماذج من الأفلام المغاربية بما يؤكد ويدلل على عمق الانحراف والفساد الأخلاقي والثقافي التي تبثه وبدعم رسمي وأوربي وفرنسي بشكل خاص.

“ماروك”
قصة حب بين غيثة الفتاة المسلمة الثرية و”يوري” اليهودي المغربي! وفيه ايحاءات خطيرة حول الدين فضلا عن عرض مشاهد فاضحة بين العشيقين!

“يا خيل الله”
والعنوان ذو دلالة، وهو عن مجموعة من الشباب “المتطرف” الذين شاركوا في هجمات إرهابية.
ويشير إلى جذور الشباب من بيئة فقيرة ومنحرفة أخلاقيا!

“موت للبيع”
عن ثلاثة شبان مغاربة يواجهون حالات من الضياع الاجتماعي من علاقة مع عاهرة. والفيلم مشحون بالمشاهد الإباحية والكلام الساقط البذيء.

“سميرة في الضيعة”
فتاة ريفية فقيرة تتزوج من مالك الأرض فتكتشف عجزه الجنسي فتعشق شاب وتقيم معه علاقة، وبعد أن يكتشف الزوج ذلك يطلب منها إنهاء العلاقة!

“الزين اللي فيك”
يصور مخرجه عالم الليل والدعارة والعلاقات التي تجمع بين السياح (العرب والأوروبيين) وفتيات مغربيات.
خمور ومخدرات ورقص وتعري!

“عاشقة الريف”
يصور المغرب كسجن كبير تتعرض فيه المرأة إلى العنف والإهانة والاحتقار والاضطهاد والاغتصاب، ويتغاضى المجتمع عن هذه السلوكيات!

“حجاب الحب”
موضوع الفيلم هو الحجاب حينما يرتبط بالحب وبالجنس تحديدا.
سخرية من الحجاب ولباس متهتك ورقصات متكررة وموسيقى صاخبة بحانات أنيقة!

“كازانكرا”
فيلم ساقط تماما يحوي كلمات بذيئة فيها خدش للشرف ومس بالحياء ومشاهد منحطة (لا يصح عرضها) وتدخين ومخدرات وشرب الخمر وكأن الأمر طبيعي!

“عايدة”
قصة أستاذة التراث الموسيقى ذات الأصول اليهودية المغربية!
تقرر العودة إلى المغرب وتستعيد ذكرياتها وطفولتها وتلتقي حبيبها الأول!

“الرجل الذي باع العالم”
فيلم فاضح أخلاقيا وسيء جدا دينيا.
جاء على لسان البطلة: “الله ليس له الوقت لسماع دعوات أمها، وهو مشغول بعزلته”!

“جمل البرّوطة”
فيلم تونسي
يبدأ عند آذان الفجر بدق على باب حديدي يصم الآذان! وتنبعث معه كلمات خادشة للحياء!
تجاوزات لفظية ومشاهد فاضحة جدا.

“خسوف”
تونسي؛ صوفية مع جريمة مع شباب جهادي وعلاقات حب. كوكتيل كامل من السقوط الثقافي..

“باب العرش”
تونسي فرنسي، أثار رد فعل عنيف بسبب جرأته في تناول العلاقات الجنسية.
قصة صحفي مبتدئ من عائلة تتنازعها رياح التغيير والتقاليد المحافظة

نكتفي بهذه النماذج ولازال منها الكثير!
فالسينما المغاربية تجاوزت الحدود الدينية والثقافية والاجتماعية وأوغلت في نشر الفساد باسم الفن، باستثناء نماذج يسيرة جدا فإن الغالب على السينما المغاربية ترويج الفاحشة والتحبيب فيها وعرض الانحرافات الأخلاقية بصورة محببة أو طبيعية!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *