كيف يحسن المسلم خلقه؟

الخلق الحسن أثقل شيء في ميزان الأعمال يوم القيامة، وأحسن الناس خلقا أقربهم مجلسا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
روى الترمذي (2018) وحسنه عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا).وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وروى البخاري (6035)، ومسلم (2321) عن عبد الله بن عمرو عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا).
قال النووي رحمه الله:” فِيهِ الْحَثّ عَلَى حُسْن الْخُلُق، وَبَيَان فَضِيلَة صَاحِبه، وَهُوَ صِفَة أَنْبِيَاء اللَّه تَعَالَى وَأَوْلِيَائِهِ، قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ: حَقِيقَة حُسْن الْخُلُق: بَذْل الْمَعْرُوف، وَكَفّ الْأَذَى، وَطَلَاقَة الْوَجْه.
قَالَ القاضي عياض: هُوَ مُخَالَطَة النَّاس بِالْجَمِيلِ وَالْبِشْر، وَالتَّوَدُّد لَهُمْ، وَالْإِشْفَاق عَلَيْهِمْ، وَاحْتِمَالهمْ، وَالْحِلْم عَنْهُمْ، وَالصَّبْر عَلَيْهِمْ فِي الْمَكَارِه، وَتَرْك الْكِبْر وَالِاسْتِطَالَة عَلَيْهِمْ. وَمُجَانَبَة الْغِلَظ وَالْغَضَب، وَالْمُؤَاخَذَة” انتهى.
وتحسين الخلق وتهذيبه ممكن، ويكون ذلك بالوسائل التالية :
– معرفة فضائل حسن الخلق والجزاء الحسن المترتب عليه في الدنيا والآخرة.
– معرفة مساوئ سوء الخلق، وما يترتب عليه من الجزاء والأثر السيء.
-النظر في سير السلف وأحوال الصالحين.
– البعد عن الغضب، والتحلي بالصبر، والتمرس على التأني وعدم العجلة.
– مجالسة أصحاب الخلق الحسن، والبعد عن مجالسة أصحاب الخلق السيء.
– تمرين النفس على حسن الخلق، والتعود عليه، وتكلفه، والصبر على ذلك، قال الشاعر:
تكَرَّمْ لتَعْتادَ الجَمِيلَ، ولنْ تَرَى… أَخَا كَرَمٍ إِلَّا بأَنْ يتَكَرَّمَا
وأخيرا: بدعاء الله تعالى بأن يحسن خلقه وأن يعينه على ذلك، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي، فَأَحْسِنْ خُلُقِي) رواه أحمد (24392) وصححه محققو المسند. وصححه الألباني في “صحيح الجامع” (1307).
وإذا ما زل المسلم وساء خلقه في موقف من المواقف، فإنه يبادر إلى الاعتذار، وإصلاح ما أفسده، والعزم على تحسين خلقه.
والمسلم حينما يحسن خلقه يفعل ذلك امتثالاً لأمر الله تعالى، وطلبا لمرضاته، واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، شأنه في ذلك شأن جميع العبادات، فلا يحسن خلقه من أجل أن يمدحه الناس، فيكون بذلك قد أبطل ثوابه واستحق العقاب على هذا “الرياء”.
وكما يجتهد المسلم في إخلاص عبادته كلها لله، فكذلك يفعل عندما يحسن خلقه، فيضع نصب عينيه دائما أمر الله له، والحساب والميزان والجنة والنار، وأن الناس لن ينفعوه ولا يضروه بشيء.
فذكر الآخرة من أهم ما يعين المسلم على الإخلاص لله تعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *