إمعانا في القتل والإبادة من طرف قوات النظام النصيري السوري وحليفه السفاح الروسي، وطائراتهما التي تقصف كل ما تحتها، وتحرق الأخضر واليابس، وتدمر وتخرب الأحياء والدور فوق ساكنتها من المدنيين.. لم يكتف هؤلاء الوحوش بذلك بل يريدون محو أي أثر للحياة أو إنقاذ الحياة، حيث استهدفوا عددا كبيرا من المستشفيات الموجودة في مدينة حلب في الشهر الأخير بما فيها مستشفيات الأطفال.
فقد أعلنت مديرية صحة حلب التابعة للحكومة السورية المؤقتة قبل أسبوعين عن توقف جميع المستشفيات في مدينة حلب المحاصرة عن العمل بسبب القصف الجوي العنيف على المدينة.
واتهم بيان المديرية “جيش النظام والقوات الروسية باستخدام جميع الأسلحة وترسانتهما العسكرية في قصف المدنيين، وتعمد استهداف البنى التحتية والمنشآت الحيوية للحيلولة دون تلقي المدنيين من نساء وأطفال ومسنين ورجال المعالجة الطبية”.
وناشدت المديرية “جميع حكومات العالم العمل لوقف جرائم الحرب في حلب بشكل فوري، كما ناشدت جميع المنظمات الطبية والعاملين في مجال الصحة الوقوف إلى جانب زملائهم في حلب”.
فالطائرات الروسية قصفت مؤخرا مستشفى “بغداد” في بلدة عويجل ومستشفى “أنصار إنترناشِنال” في بلدة المنصورة بريف حلب الغربي، وذلك بعد يوم من قصف مستشفيين بمدينة الأتارب وبلدة كفرناها غربي حلب..
وشن الطيران الروسي أواخر شتنبر الماضي حملة مماثلة على المستشفيات العامة والميدانية ومراكز الدفاع المدني داخل مدينة حلب وريفها، مما أدى إلى تدمير كثير منها وتضرر أخرى، وتسبب القصف حينها في مقتل أطباء وممرضين وعمال.
وكانت منظمة “أطباء بلا حدود” صرحت قبل أسابيع أنه “لم يبق سوى ما بين 70 و80 طبيبا للاهتمام بـ250 ألف شخص لا يزالون يعيشون في القسم الشرقي من المدينة، لأن 95% من الأطباء غادروا أو قتلوا”.
كما استشهد منذ ستة أشهر آخر طبيب أطفال بالمدينة، محمد وسيم رحمه الله، والذي أصر على البقاء رافضا مغادرة حلب إلى أن ذهب ضحية غارة استهدفت مستشفى القدس الذي يعمل فيه.
منظمة “أنقذوا الأطفال”، هي الأخرى أعلنت في وقت سابق، أن الأطفال يمثلون نصف الضحايا في حلب، والذين تستخرج جثثهم من تحت الأنقاض أو يتلقون العلاج في المستشفيات.
وشهدت سوريا منذ بداية الصراع تخريب واستهداف قرابة 200 مستشفى ومقتل قرابة 800 عامل طبي.
إن أحياء حلب تتعرض منذ سنوات لقصف مكثف وعنيف بمختلف أنواع القنابل الفراغية والصواريخ المظلية والبراميل المتفجرة والفسفور الأبيض، فضلا عن الغازات السامة، وهو ما اعتبر مؤخرا حرب إبادة يخوضها النظام السوري رفقة حليفه الروسي، وذلك في ظل تواطؤ عالمي مكشوف، وصمت وتخاذل عربي وإسلامي رسمي.
إن الهمجية التي تتعرض لها حلب وحرب الإبادة الممارسة عليها، هي من أبشع الحروب التي شهدتها الإنسانية..
إن مشاهد الألم والحزن والأسى صارت مشاهد يومية اعتادت نقلها القنوات ومواقع التواصل الاجتماعي.. وتقارير القتل والدمار صارت من أهم الفقرات في الأخبار والنشرات في كل قنوات العالم..
إن مناظر القتل وهمجية السفك والتعذيب، وقصف البيوت والمستشفيات بأفتك الأسلحة صارت مما اعتدنا عليه..
فمتى يستفيق الضمير العالمي الإنساني، وقبله الضمير العربي والإسلامي، مع واجب النصرة للمستضعفين والمقهورين؟! أم ستبقى سوريا لا قدر الله مثالا لأبشع صور الإبادة والتدمير والخراب البطيء، الذي نموت معه نحن يوميا حزنا وأسى وألما؟!