مهلا يا شباب، اللحية والنقاب لا يصنعان الإرهاب امحمد الخوجة

مما لاشك فيه أن الحرية لها منافذ كثيرة، هذه المنافذ قد تكون لها علاقة بالمجتمع وهي الحرية التي تشترك فيها الأمم والشعوب كالاحتفال بالأعياد، واتخاذ طقوس معينة، والتشبث بالأعراف والتقاليد… وهناك منافذ أخرى تتعلق بحرية الأفراد، فكل فرد له الحق في التجوال، وأكل وشرب ما يفضله، كما يتخذ من لباسه ما يراه مناسبا لذوقه وراحة نفسيته…
وعلى المستوى الأخير نريد أن نسلط بعض الأضواء، لنجمل في الأخير أن الإنسان له كامل الحرية في ارتداء ما شاء من الألبسة، دون أن يمس بالمبادئ وأسس الحياء المتعارف عليها والتي تتبناها المجتمعات.
ومن هنا نطرح السؤال، أي عيب في ارتداء المرأة للنقاب؟ وهل استيراده هو السبب في منعه؟ وسيرا على منوال هذه التساؤلات، أليست الألبسة الضيقة واللاصقة، بل والممزقة مستوردة؟
وللتحلي بشيء من الإنصاف، دون اتهام هذه الكلمات بأنها تنافح عن النقاب وما جاوره من لباس، دعونا نقول بلسان الحال، إنه لا فرق بين الألبسة من حيث الاستيراد، سواء كانت ساترة للجسد أو كاشفة له، فإذا منع الأول فينبغي أن يمنع الثاني، ومنه نستنتج أن المقصود هو الدين، هذا الأخير الذي يدعو إلى العفة والحياء… ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا بستر الجسد البشري، سواء تعلق الأمر بالمرأة أو الرجل.
وإلى عهد قريب والمرأة المغربية ترتدي “الحايك والملحفة والجلباب”… ولا يزال في بلدنا الحبيب وخصوصا في جنوبه وشماله، نساء يلبسن هذه الملابس والتي تستر جسدهن بالكامل، حيث يمكن أن يختبئ فيه من يريد أن ينتحل شخصية ما، شأنه شأن النقاب تماما، فالعلة إذن حاصلة في الملحفة والحايك… فهل يعقل أن نمنع بيعهما، أو ارتداؤهما أيضا؟؟
ومهما يكن، فإن المقصود أصالة هو أن تستر المرأة جسدها، ولا فرق في أن يكون اللباس محليا أو مستوردا، قد نقول إن الأولوية للباس المحلي، ولكن لما لا نعمم هذا على الرجال أيضا، ليلبسوا سروال “قندريسة والبلغة الفاسية”، بدل الأحذية القادمة من الصين الشعبية وأروبا.
ولقد قيل قديما في فرنسا “الملابس لا تصنع الراهب” ونحن نقول الآن “إن اللباس لا يصنع الإرهاب”، بل الذي يصنع الإرهاب هو القهر والإقصاء، والتهميش، وتسلط الدول الغنية على الدول الفقيرة المستضعفة…
ولقد صدق من قال: “إن الضغط يولد الانفجار”، وإن كنا نحن معشر المسلمين لا نساير هذا الطرح على مستوى الأجساد والأرواح، ولكن يكفي أن نعلم أن الصبر على الأذى والضرر، ليس معناه أن استسلام العقول قد حصل، ومن تم ينبغي أن نعالج العقول التي تفكر في مصير أبنائها، وصحة أهلها، وثقافة ذويها وسكن لائق يدفع عنها جحيم الحر والقر.
دعونا نبتعد قليلا عن النساء، لنصاحب من زينهم الله باللحى، والذين صارت النعوت تلاحقهم أينما حلوا وارتحلوا، فهذا يصفهم بالداعشيين، وذاك يلقبهم بالخوانجية، والآخر غيروا له اسمه وصاروا ينادونه بـ”اللحية”، وهناك طائفة كبيرة صارت مع طرح “ماما أمريكا” حيث تسمي كل صاحب لحية بالإرهابي، إلا “ميسي” وأتباعه من شباب وكهول، والذين تركوا لحاهم سيرا على خطى هذا اللاعب، فإنهم لا يسمون بالإرهابيين.
والحقيقة تشهد أن كثيرا من الملتحين من المتدينين، ما يريدون إلا أن يسيروا على نهج محمد صلى الله عليه وسلم، مع أن أضعف الأقوال في شأن اللحية هو الاستحباب، تماما كحكم شقيقها النقاب.
ولنعد إلى التأسي بعلمائنا المغاربة الفطاحلة، كأبي بكر بن العربي والقاضي عياض، وابن آجروم، وابن غازي، والإمام الهبطي، وعبد الواحد بن عاشر… وغيرهم كثير، والذين لا يعقل أنهم كانوا يحلقون لحاهم، بل لو طولب فنان بأن يرسم شخصية لهؤلاء الأفذاذ، لفضل أن يجعل لهم لحى بدون تردد، ولو أراد مخرج لفيلم أن يتقمص أحد الممثلين شخصية لهؤلاء لطلب منه أن يترك لحيته.
ولقد رأينا الملك محمد السادس يترك من لحيته ليقتدي بذلك من يقتدي، وليزاوج بين ظاهر الحال وباطنه من أراد أن يسلك السبيل على أحسن حال.
إن تهمة الملتحين والمنتقبات بالإرهاب تهمة باتت متقادمة، وليعلنوها صريحة بأنهم يستهدفون الدين الإسلامي لا غير، وأما متابعة من يريد الكيد والترهيب والغدر… فإنها أصبحت غير متعذرة في ضل الصرخة العارمة التي يشنها التقدم التكنولوجي، مع الاستخبارات التي صارت تتبع أدق تفاصيل الأشخاص في عقر دورهم، بغية حصول الأمن والاستقرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *