قبل عقد مؤتمر برلين (1884م) الذي اتفقت فيه كل من فرنسا وإسبانيا على احتلال المغرب؛ كانت مساحة المملكة المغربية آنذاك تمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى السنغال جنوبًا، وكانت تشمل مملكة المغرب الحالية وأرض الصحراء المتنازَع عليها وكذلك دولة موريتانيا بكاملها والصحراء الشرقية التي تعد اليوم ضمن النفود الجزائري إلى حدود برقة بليبيا.
وبعد احتلال إسبانية لمنطقة الصحراء الغربية سنة 1884م، توجهت فرنسا الإمبريالية لتحتل موريتانيا (مورو/تانيا أي أرض المسلمين في اللغة الإسبانية) سنة 1902م، وبعد الجهاد المتواصل والمقاومة الشعبية الضارية رضخ الاحتلال للتفاوض مع الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله تعالى.
إلا أن الملك رفض بشدة العرض المغري الذي تقدمت به فرنسا خلال شهر أبريل 1956م والمتمثل في إعادة الصحراء الشرقية التي تزيد مساحتها عن مليون كلم مربع للحظيرة المغربية مقابل وقف كل أشكال الدعم والمساندة لجهاد الأشقاء الجزائريين.
ومع استقلال الجزء الشمالي للمغرب سنة 1956م إلا أنّ الصحراء الغربية ظلت تحت الاحتلال الإسباني، وكذلك موريتانيا ظلت تحت الاحتلال الفرنسي، حيث أدت الثورات إلى خروج فرنسا من موريتانيا سنة 1960م، لتعلن هذه المنطقة استقلالها، ولكن كدولة منفصلة عن المغرب، وهي المعروفة الآن بدولة موريتانيا.
واستقلت الجزائر عن الاحتلال الفرنسي سنة 1962م، لكن عوض أن تشكر المغرب على موقفه النبيل اتجاه إخوانه في الدين والوطن دخلت معه -للأسف الشديد- في صراع عسكري بخصوص منطقة تندوف الأرض مغربية التي ضمها الاحتلال الفرنسي إلى الجزائر، ولم يتوصل الطرفان إلى حل؛ فدارت معركة عُرفت بـ “حرب الرمال” في أكتوبر 1963م.
وعمدت الحكومة الجزائرية سنة 1973م إلى إنشاء ودعم جبهة البوليساريو التي شكلها مجموعة من الشباب الصحراوي ذوي التوجه اليساري الماركسي؛ فدعمتها ومولتها كل من الجزائر وليبيا وكوبا؛ وتزايد في البداية الاعتراف بها دوليا بين الدول الاشتراكية خصوصا؛ بسبب القطبية الثنائية، حيث كانت البوليساريو تمثل المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي.
وللعلم فهذه الطائفة ما ظهرت إلا بعد خروج الاحتلال الإسباني من جنوب المغرب؛ وهي لا تمثل كل شرائح الشعب الصحراوي المسلم الذي يعتز بالانتماء إلى المغرب وإلى الأمة العربية المسلمة.
فهذه لمحة تاريخية مقتضبة عن تاريخ الصحراء المغربية؛ والذي من المفترض في كل من تصدى للحديث عن هذه القضية أن يكون مطلعا عليها محققا لمجرياتها؛ فعار على الإنسان أن يجهل هذه الحقائق التاريخية الموثقة، ويستعيض عنها بمعلومات مزيفة صادرة عن مراكز دول الاستكبار التي تسعى إلى تقسيم دول العالم العربي والإسلامي إلى دويلات صغيرة ضعيفة؛ يقودها شذاذ الآفاق ولقطاء الأرض المحتلون لأرض فسلطين، وكأن المكتبات المغربية والعالمية تفتقد كتبا حول تاريخ المغرب؛ سودها علماء مغاربة أو أجانب منصفون.