لا زال الهجوم التنصيري على مجتمعنا المغربي يعمل بشكل مركز وبصمت مريب، فالحملات التنصيرية وسط الشباب المغربي بدأت تعطي أكلها، خاصة بين صفوف بعض الحركات الأمازيغية المتطرفة والمعتبرة للإسلام على أنه احتلال جاء ليطمس هويتهم ويمحو لغتهم، فبإطلالة سريعة على ما يجري داخل غرف الدردشة “Paltalk” وعبر المواقع الالكترونية يدرك المطلع مدى قوة المد التنصيري داخل دول شمال إفريقيا عامة والمغرب خاصة، فدعاة الصليب يستغلون لتحقيق دعايتهم كافة الوسائل الممكنة والمتاحة مع توفرهم على نفود قوي داخل جل هذه المجتمعات، في مقابل قلة الإمكانيات والموارد المتاحة للجمعيات الاسلامية الغيورة على دينها والمنافحة عن هويتها ووطنيتها.
فشبابنا المستهدف حاله لا يخفى على أحد، إذ هو واقع بين مطرقة التنصير التي تؤمله بفرص العمل والعيش الرغيد، وسندان تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في حين تزيد الأمية الدينية من قوة المطرقة وتيسر من عملية تطويع عقول أبنائنا حتى ينسلخوا عن دينهم الذي لم يعلموا منه ما يحصنهم من هجمات الصليبيين.
ومن حين لآخر تطالعنا وسائل الإعلام باكتشاف تنظيم سري لمجموعات إنجيلية ومدارس للتلمذة الروحية، هذه بمدينة مراكش، وأخرى بالرباط، وثالثة بأصيلة، وآخرها الحدث الذي شهدته الدار البيضاء، والذي طردت على إثره السلطات المغربية خمسة منصرين أجانب من أراضيها، ورحلتهم إلى إسبانيا بتهمة العمل على تحويل المسلمين عن دينهم.
وجاء في بيان لوزارة الداخلية أن “مصالح الشرطة القضائية بالدار البيضاء قامت بإبعاد خمسة مبشرين خارج التراب الوطني كانوا قد قدموا من الخارج”، وأوضحت الوزارة في البيان أنه تم إيقاف هؤلاء الأشخاص خلال عقدهم اجتماعا بغرض التنصير حضره مواطنون مغاربة.
وأضافت أنه تم حجز عدد كبير من الوسائل الدعائية التنصيرية بمكان انعقاد الاجتماع، من ضمنها كتب وأشرطة فيديو بالعربية “وأدوات طقوسية أخرى”.
ومع الأسف الشديد فقد طرد المنصرون الخمسة خارج أرض الوطن دون اعتقال أو محاكمة، علما أن فعلهم هذا يعاقب عليه القانون الجنائي المغربي طبقا للمادة 220: “كل من حاول زعزعة عقيدة مسلم؛ بأداء غرامة مالية تتراوح بين 100 و500 درهم والسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات؛ سواء بالضغط أو استغلال ضعفه وحاجته أو استعمال المؤسسات التعليمية والصحية للاجئين والأيتام، وكل مؤسسة ضُبِطَت تقوم بهذا الفعل تغلق نهائيًّا أو بصفة مؤقتة”.
إن استفحال المد التنصيري داخل المجتمعات الإسلامية، ومنها المجتمع المغربي لا يستشري ولا يتقوى إلا إذا ضعفت الدعوة الإسلامية وقلت إمكانياتها وعجز رجالها عن الدفاع عنها، فإذا كانت الدعوة الإسلامية هي القوة الرئيسية والكفيلة بمواجهة التنصير، إلا أن هذا المخطط الرهيب يتطلب المواجهة الشاملة على المستوى الدعوي والاجتماعي والاقتصادي والصحي والثقافي والتعليمي، وذلك لسد كل الثغرات التي ينفذ منها المنصِّرُون داخل مجتمعاتنا، فهم يستغلون فقر المسلمين وجهلهم ومرضهم، ويقدمون إلى مناطقهم بإمكانيات ضخمة، فيبنون المدارس، والمستشفيات، ودور الرعاية والملاجئ ويقدمون الغذاء، والكساء، والدواء، ويتخذون العمل الاجتماعي ستارا لنشاطهم، ويصدرون الصحف والمجلات، والكتب والمنشورات، ويمتلكون المحطات الإذاعية والتلفزية التي ينشرون من خلالها سمومهم وأباطيلهم، فكيف لنا أن نقاوم هذه الجحافل التنصرية والمسئولون على تأمين الأمن الروحي لا يزالون يصرون على إغلاق الكتاتيب والدور التي تعنى بتحفيظ القرآن الكريم، وترسيخ المعتقد الصحيح؟
فالإستراتيجية المطلوبة لمواجهة التنصير، لا بد أن ترتكز على النواحي الدعوية والاجتماعية والتعليمية والصحية والثقافية، بحيث يتم وضع مجموعة من الخطط الفرعية التي تشمل هذه النواحي.
لا شك أن المسؤولية كبيرة ومشتركة بين المسلمين، أفرادا وجماعات حكاما وشعوبا للوقوف أمام هذا الزحف المسموم الذي يستهدف كل فرد من أفراد هذه الأمة كبيرها وصغيرها.
ويمكننا من خلال النقاط التالية رسم تصور مبدئي للخطط التي تمثل في مجموعها الإستراتيجية المطلوبة لمقاومة التنصير.
1- نشر الوعي الديني بين المواطنين، وبيان أخطار التنصير ومخططاته وممارساته وكشف الستار عن زيفه وخداعة وأكاذيبه، حتى لا ينخدع بها الناس.
2- تركيز الدعوة الإسلامية ودعم نشاطها في المناطق القروية التي ينشط فيها التنصير، وذلك قصد إكساب سكان هذه المناطق مناعة تحول دون سقوطهم فريسة سهلة بين مخالب المنصرين.
3- تطوير وسائل الدعوة الإسلامية وأساليبها، بحيث تستغل كافة وسائل الإعلام الحديثة في تبليغ كلمة الحق، والوقوف في وجه الباطل، فقد رأينا أن التنصير يعتمد على الكتب، ومحطات الإذاعة والتلفزة والأقمار الصناعية والمواقع الالكترونية وغيرها من الوسائل لنشر سمومه وأولى بالدعوة الإسلامية أن تعتمد على هذه الوسائل الحديثة، وتسخرها لخدمة الحق الذي تدعو إليه.
4- تكوين دعاة مختصين يتقنون كافة اللهجات البربرية لرد شبهات المنصرين.
5- محاربة المدارس التنصيرية والوقوف فى وجه انتشارها.
6- تنقية المناهج الحالية في مدارسنا وجامعاتنا من آثار التغريب والغزو الفكري والثقافي.
7- الاهتمام بمادة التربية الإسلامية وإعطائها أهمية قصوى، ذلك بتدريسها عبر كافة المستويات التمهيدي والإعدادي والثانوي والجامعي، ورفع معاملاتها ومضاعفة ساعاتها، لا العكس.
8- القيام بأنشطة دورية داخل المؤسسات التعليمية الثانوية والجامعية للتوعية بخطر التنصير وضرورة محاربته.
9- إعادة فتح الدور والكتاتيب القرآنية والعناية بها ودعمها في كافة المناطق، وفتح دور جديدة، تدرس العقيدة الصحيحة وتنشر الوعي بخطورة الانحرافات العقدية.
10- تضييق الخناق على الصحف والمجلات التنصيرية داخل التراب الوطني.
11- اهتمام وسائل الإعلام برد الشبهات والدعاوى الباطلة الموجهة ضد الإسلام، لا نشرها والدفاع عنها.
12- تشكيل هيئة ذات مستوى عالي من العلماء قصد المشاركة في المجامع التي تجمع الديانتين عند الاقتضاء، وليس من منطلق الاستجابة للضغوط الدولية.
13- الحد من ثقافة الذوبان اللا مشروط في الثقافات النصرانية وغيرها بدعوى الانفتاح على الآخر ونبذ العنف والكراهية.
14- تبني مشروع وطني متكامل لتوعية المغاربة بخطر التنصير تشترك فيه جميع الفعاليات الحكومية والجمعوية.
15- رصد ميزانية هامة للقيام بمهمة تتبع ومحاربة التنصير في البلاد، مع طبع وتسجيل الإنتاجات الدينية المحاربة لهذا الخطر.