1- تنظيم الحماية
“في نهاية نونبر 1913 قام الجنرال ليوطي بجولة تفتيشية من تادلا لمراكش حيث مكث بها من 28 نونبر لغاية فاتح دجنبر من نفس السنة؛ وخلال مكوثه بعاصمة الجنوب، زار معسكرات أكدال، وكليز، والمستشفى العسكري، والمستشفى الأهلي، والمستوصف، وأمر بالنسبة للأخيرين بالمزيد من بذل الجهد في الاشتغال، وعهد بإدارة العاصمة للقبطان لانديز، كما قام أيضا بزيارة مصالح البلدية والمدرسة الفرنسية العربية.
وفيما يتعلق بالوضعية السياسة المتحسنة باستمرار والتي ستؤدي لوضع بعض كبار العصاة سلاحهم مستقبلا كما نتوقعه عن بعد.
وقد أجرى الجنرال مباحثات مع كبار القياد الذين ما يزالون مواصلين لتعاونهم معنا، ووشحهم بعدد من الأوسمة، حيث قلد المدني لكلاوي وسام قائد كبير، والكندافي بوسام ضابط، والعيادي بوسام فارس.
كما قدم الجنرال للوزير الكبير الكباص برنامج الحماية الذي سيبدأ تطبيقه، مبرزا أن الدور الفرنسي سيكون مقتصرا على المساعدة والنصح بالمغرب، وتقديم التوجيهات للمخزن فيما هو بحاجة إليه في ميدان الإدارة والتدبير والتسيير، ولن يدخر وسعا في قيادته نحو مدارج التحضر ما دام المخزن لا يتوفر على الوسائل لبلوغ ذلك.
كما أشار لثقته التامة في تجاوب الكباص مع مخططه مثلما فعل سابقا وسيفعل لاحقا، لتسهيل عمليات التطور والتحول اللازمة للهيئة المخزنية، لتجعل وزراء المخزن الشريف متعاونين بشكل فعال في تطوير طرائقهم الوزارية، ليكونوا في تناغم مع الخطط المرسومة.
وقد أجاب الكباص بثناء على خطط الحماية المنفذة والمقترحة، وتعهد بنقلها للسلطان مولاي يوسف واعدا في النهاية بالاعتماد عليه في هذا الشأن” (إفريقيا الفرنسية 1913؛ ص:244).
التهدئة
جميع جهود الشهر الماضي ركزت على تفكيك القبائل التي ما تزال مترددة، والتهدئة ما تزال تتطلب جهودا جديدة هامة، خصوصا في بلاد زمور وعلى الجبهة الجنوبية لناحية فاس مكناس.
في هذه الناحية الأحداث المهمة في الشهر هي الجولات المتزامنة، والتقاء الجنرالين كمنداري الناحية، الذي كان سهلا بفضل الخضوع الجديد المسجل في نونبر 1913، حيث تم في آخر أكتوبر 1913 أن الشيخ وجماعة مرموشة (القبيلة التي سكنت جنوب ايت سغروشن سيدي علي) طلبت الأمان في صفرو.
مركز يطو استقبل يوم 6 نونبر 1913 مقترحات أيت تيمولي (فرقة مهمة من بني امكيلد)، حيث الشريف مولاي علي الكرواني، وما بقي من دواوير كروان عصاة دخلوا في الطاعة بصفة نهائية وحطوا رحالهم يوم 7 نونبر في رأس الجيري على بعد 20 كلم جنوب غرب مكناس.
وقد طلب مركز يطو حضور القائد السابق موحا وعومار من أزرو، بوكرين لعرج، قائد حرب بني امطير، والقائد محمد الحاجب اليوسي، وآيت سيدي العربي، مرابطين زيان، وحمو لحسن، والقائد السابق لأيت بورزون بني امطير، وطلبت فاس الأمان لعقا البودماني الشخصية المؤثرة في بني امطير الشرق.
أيضا كان الهدف من الحضور، سلوك علاقة أكثر متانة لتغطية نواحي فاس ومكناس جنوب الحدود الخاضعة حديثا من ايت سغروشن وايت يوسي وبني امطير الشرق، وترسيخ سلطتنا شيئا فشيئا على هذه الجبهة لتسريع وتيرة الخضوع، وتفكيك آخر مجموعات العصاة.
الجنرال كورو غادر فاس يوم 25 نونبر 1913 مع مجموعة متحركة من عشر سرايا وكوكبة وفصيلة جبال، وصلوا نفس اليوم لصفرو، فاستقبلوا من قبل سلطات وأعيان المدينة وناحيتها.
منذ الوهلة الأولى لوصوله، توجه الجنرال عبر مشرع الجرف نحو النسور حيث بداية القبائل الخاضعة مؤخرا، المتواجدة حوالي المركز وثلاثة فخذات هامة من ايت يوسي اجبالا واد كيكو الذين قدموا عنده.
يوم 27 نونبر، انضم كولون كورو في إفران لكولون الجنرال هنري الذي قدم من يطو.
انضمام آخر لهذه العملية تم في ناحية الرباط بداية شهر دجنبر 1913، حيث توصل الكومندار في شهر نونبر بشهادات عن تفكك القبائل في تلك الناحية.
أيضا القائد بنعاشير الذي اختارته زمور قائدا للمقاومة في جنوب الناحية، تقدم لمركز لخميسات مصحوبا بمائتي خيمة متمما الخضوع التام تقريبا لزمور.
مركز والماس استقبل أيت بوكايو (زيان)، وفي منتصف نونبر ليوطنا كولونيل توفنيل كومندار دائرة زمور، قام بجولة هامة مع فرقة متحركة، بين قبائل حديثة الخضوع، أوصلته لوالماس يوم 15 نونبر، الكولونيل زار مع فرسانه دواري زيتشاون وأيت علاه، ثم جاب تافوديت، ومن هناك توجه لتاديرت عبر باب محسم، وفيها انفصل عن مفرزة استطلاع بقيادة الكولونيل أندريو الذي توجه عبر واد كرفان (رافد واد بهت) مع مجموعة متحركة جاءت من بني امطير عبر أكوراي بقيادة ليوطنا كولونيل كلوديل.
في دائرة تادلا أثناء ليلة 17 و18 نونبر، مفرزة من فرسان الكيش مكونة من 60 فردا تكونت من أيت اربعا فاجأت جماعة من الشلوح مكونة من 200 فرد ومعهم أيت اربوعا العصاة على بعد 6 كلم من قصبة تادلا شرقا، جاؤوا لإفراغ مخازن القبيلة المتمردة، وبعد معركة حامية فر العصاة تاركين ثلاثة قتلى وستة أسرى وجمالا وخيولا.
الجنرال ليوطي جاء للقصبة بعد يومين لطمأنة القبائل الخاضعة ضد الغارات المنبعثة من الأطلس، وأصدر تعليماته للكولونيل كارني كومندار الدائرة بتجوال مجموعته المتحركة على طول الضفة اليسرى لواد أم الربيع، لغاية دار ولد زيدوح، والعودة من الضفة اليمنى لنفس الوادي، وقد تم تنفيذ الأمر بنجاح مما ساعد في تنظيم قبيلة بني موسى.
وفي سوس
واصلت حركة المخزن بقيادة حيدة مويس ضغطها على القبائل العاصية.
الباشا قنبل يوم 28 أكتوبر قرية اولاد احلوف جنوب تارودانت، وفي 29 نونبر تم احتلال القرية دون مقاومة، بالإضافة إلى قريتين قريبتين من فخذة هوارة اولاد اسعيد.
الهبة ما يزال مرابطا في ناحية أسرسيف منتظرا وصول أخيه مربيه ربو الذي ظهر في واد نون مع حركته قريبا من ترياغ القائد السابق لمزاكان، المنخرط في المقاومة، رغم تفكك عناصر قواته.
مركز أكادير في حالة استنفار بدوره، وقد أخبر من طرف أحد المستطلعين الذي ذهب في اتجاه أسيركاون بوجود مركز مراقبة للعصاة، أما العمل الكبير فقد تم إنجازه في نوفمبر.
كومندار مركز أكادير حاول يوم 13 نونبر على الساعة السادسة صباحا مع سرية قناصة ومجموعة مخزنية تنفيذ استطلاع نحو تانوت الرومي (على بعد خمسة كلم جنوب شرق المركز)، بهدف دراسة الأرض المحيطة بالقلعة، فقوبل بهجوم قوي عند وصوله لتلك النقطة من قبل جموع غفيرة من العصاة قادمة من جهة اسيركاون (جنوب شرق تانوت الرومي).
المستطلع تراجع على الساعة الثامنة نحو أكادير جاذبا الأعداء نحو المركز المذكور.
كومندار المركز قاد القوات المتواجدة معه، وقام بهجوم مضاد على المطاردين لقوات الاستطلاع في اتجاه أسيركاون ليستولي على تانوت الرومي في الساعة 9 و30 دقيقة، وفي نفس الوقت مفرزة من جناح الطليعة معززة بفرقة مغربية ومفرزة اصبايحي مغربية وفصيلة رشاشات ردت هجوم جماعة معادية مكونة من حوالي 200 رجل خرجت من قصبة تيدلي (4 كلم شمال شرق أكادير)، ودخلت تلك القصبة ملاحقة الأعداء بالسلاح الأبيض لمسافة كلم منها، مؤكدة نجاحها بحرق عدد من القصبات والعزائب التي تخدم التجمعات المعادية، وفجرت مخزنا للبارود والذخيرة.
بعد هذه النتائج المحصل عليها عادت المفرزة لتستقر في تانوت الرومي بدل تيدلي، لغاية 12 و30 دقيقة، ثم دخلت أكادير في الساعة 15، أثناء ذلك التجوال كانت مدافع البارجة فريان تقدم المساعدة للقوات في زحفها نحو تانوت الرومي.
خسائرنا تمثلت في 5 جرحى من الأهالي، في حين ترك العصاة عددا من القتلى في الميدان.
أبدى عدد من المفاوضين استعدادهم للتباحث في مسألة خضوع أنافلوس، أخوه امبارك الذي سبق أن راسل القايد لمتوكي، وتوجه لمراكش في 28 نونبر للتباحث مع المقيم العام (الذي كان في جولة تفتيشية) في مدى إمكانية حصول أخيه على الأمان، فأجيب بأن ذلك مشروط بدخول الأخوين مراكش؛ فتعهد امبارك بتنفيذ ذلك، وهذا السلوك وحده ترك دويا عميقا في الجنوب.
في المغرب الشرقي مراكزنا في حالة طوارئ
يوم 7 نونبر، تعرض شمال مركز النخيلة لهجوم من قبل مجموعة بني بويحيى مع من أرادوا الدخول معهم في تحالف، رغم أن الكوم الجزائريين يقومون بدوريات يومية في زيك المجاورة لها.
وحدات من التعزيزات أرسلت من المركز للكوم ردت الأعداء وكبدتهم خسائر هامة، أما نحن فقد خسرنا ضابطا وقناصا أهليا جروحهما بليغة.
يوم 17، هوجمت قافلة من 80 عربة متوجهة من النخيلة لميرادا (على بعد ساعتين من النخيلة) من قبل جماعة مكونة من حوالي 200 فارس وراجل مغاربة، جاؤوا عن طريق قنطرة جنوب كليز، فأرسلت لهم إغاثة من ميرادا والنخيلة شتت الأعداء ولاحقتهم لغاية القنطرة؛ خسرنا فيها ثمانية قتلى.
يوم 25، مجموعة من حوالي 200 فارس وراجل من بني بويحيى حاولوا مهاجمة قطيع مركز النخيلة في المرعى على بعد كيلومترين من المركز، فردوا من قبل حراس القطيع والكوم الجزائريين.
وأخيرا يوم 12 دجنبر، هاجمت قوة من بني بويحيى مكونة من حوالي 600 بندقية، الدواوير الخاضعة الساكنة على الضفة اليسرى لملوية فردوا بعد معركة حامية فقدنا فيها عدة دواب.